من المؤكد أن السيد رئيس الحكومة يعيش ظروفا صعبة لم تكن في حسبانه. فبعد شهور معدودة على تحمل حزبه المسؤولية الحكومية، يواجه السيد عزيز أخنوش حملة كبيرة ضد غلاء المعيشة وضد الأثمنة الغير مسبوقة للمحروقات وضد تدني القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المغاربة. والملفت للإنتباه في هذه الحملة الشعبية هو تحميلها للسيد أخنوش كرئيس للحكومة كل ما أصبحت تعانيه الطبقات الشعبية أو الوسطى من تدني مستوى عيشها وصعوبات معيشية في حياتها اليومية. هاشتاك "ارحل أخنوش" يأتي بعد أشهر قليلة على تحمل الرجل مسؤولية رئاسة الحكومة. هذه الحملة الشعبية تجد أسبابها في تردي الأوضاع الاجتماعية بشكل متسارع منذ شروع الحكومة في عملها، في وقت عاشت فيه هذه الطبقة الشعبية أحلاما وردية خلال الحملة الإنتخابية التي قادها حزب الحمامة برئاسة السيد عزيز أخنوش. فهل يكون هذا الأخير ضحية وعوده الإنتخابية؟ تعددت الأسباب والنتيجة واحدة هي الغضب الشعبي ضد حكومة أخنوش. ومن بين الأسباب التي تطرق لها المتتبعون للشأن الحكومي، تضارب المصالح عند السيد أخنوش، فهو مستثمر في قطاع الطاقة ورئيس للحكومة، وبالتالي فمن الطبيعي أن تتوجه إليه الانتقادات بشكل مباشر. لكن هذا الأمر كان موجودا قبل الانتخابات، والكتلة الناخبة تعرف جيدا أن السيد أخنوش هو ميلياردير ومستثمر في قطاعات كثيرة على رأسها المحروقات والكل يعرف أن شركة إفريقيا هي ملك للسيد أخنوش. لذلك علينا أن نبحث عن أسباب أخرى لتفسير هذه الحملة الشعبية ضد السيد رئيس الحكومة. خلال الحملة الانتخابية لحزب الحمامة والتي برز فيها بشكل كبير السيد أخنوش رغم ضعفه التواصلي، كان الناخبون يسمعون عن زيادات 2500 درهم و1000 درهم للمتقاعدين وملايين مناصب الشغل وشعار تستاهل ما احسن. أضف إلى ذلك الكرم الحاتمي الذي اعتمده حزب الحمامة في حملته 100 يوم 100 مدينة، حيث كانت جميع التجمعات مع الناخبين تصاحبها مأدوبات من كل ما طاب من الأكل والشرب جعل الطبقة الشعبية تعتقد أن حزب أخنوش هو "دار الخير". هذا كله خلق لدى طائفة غير ملمة بتاريخ الحزب، أن ما لمسته خلال الحملة الانتخابية للسيد أخنوش، سينعكس على حياتها اليومية إذا فازت الحمامة وأصبح أخنوش رئيسا للحكومة. لكن مقابل هذه الأحلام الوردية، والوعود الكبيرة التي التصقت في ذهن الناخبين باسم أخنوش، وجدت الطبقات الشعبية أن السيد أخنوش بعد أشهر معدودة على تحمله رئاسة الحكومة، لم يعد يتحدث عن تلك الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، فأصبح الناخب يشعر بأن 2500 درهم و1000 درهم وملايين منصب شغل وتستاهل ما احسن…كل ذلك تبخر، بل أكثر من ذلك، وجد الناخب أن ظروفه المعيشية أصبحت تتراجع عما كانت عليه، وأن الغلاء أصبح في مستوى لا يمكن تحمله. هذه الوضعية الجديدة التي أصبح عليها عموم المواطنون جعلتهم ينتقلون من عالم الحملة الانتخابية بوعودها الوردية إلى عالم حقيقة حكومة السيد أخنوش التي جعلت المواطن يفقد حتى المستوى المعيشي الذي كان عليه في ظل الحكومات السابقة. هذه النقلة من عالم المثل لحزب الحمامة إلى عالم الواقع برئاسة السيد أخنوش، وما أفرزته من مفارقات راحت ضحيتها القدرة الشرائية للمواطنين، هي التي أججت هذا الغضب الشعبي وخرج المواطنون بشعار "أخنوش ارحل". لذلك نقول بأن السيد رئيس الحكومة هو ضحية وعوده الانتخابية. فلو شرع السيد أخنوش في إنجاز ما أطلقه من وعود، ولو حافظ في أقل تقدير على ما كان عليه المواطن المغربي قبل تحمله رئاسة الحكومة لكان السيد أخنوش في وضع أفضل. لكن هذا الأمر يتطلب من السيد أخنوش الاصطفاف في صف الطبقات الشعبية كما كان يفعل سلفه عبد الإله بنكيران بدل التماهي في خدمة أصحاب المصالح واللوبيات.