سؤال الزمن، هو التحدي الأكبر الذي يضعه أمامنا، العام الجديد، فماذا يعني الزمن، بالنسبة إلينا؟، وما علاقتنا به، بما هو لحظات تمضي، وتاريخ تكتبه الأمم الجادة، ويعمره الأحياء الحقيقيون بما يهم ويفيد؟؟ . هل يحق لنا أن نتحدث، أو نحتفل بزمن مضى، لم نحقق فيه شيئا ثمينا، يستحق الفخر والذكر؟؟ بأي معنى نتحدث عن عام جديد، لا ندري بالضبط، ما الذي نريده به وفيه، وماذا أعددنا له؟؟ سؤال الزمن أو الوقت أو التاريخ، من أسئلتنا الصعبة والشقية، لأنه يقول لنا : من نحن؟ وماذا نفعل هنا، في هذا الزمن الذي نحن فيه؟؟ إنه سؤال الحاضر والمستقبل، فالذي لا يعرف معنى الحضور في الزمن، لا يكون لوجوده معنى، مهما رفع من شعارات، ومهما دبج من خطب وبلاغات، ليست في النهاية إلا ثرثرات على الهوامش، وهذا بالضبط ما ينشط لدينا، عند نهاية وبداية، كل سنة جديدة، سنتحدث عن قيمة الوقت في ديننا، وسنأتي بالآيات والأحاديث، التي يرد فيها ما يفيد معنى الزمن، ولدينا من الكتب والمقالات في هذا الباب، ما يكفي وزيادة، وسنأسف للحظات ونتحسر، ثم سرعان ما نعود إلى عوائدنا، ونلتصق بسيرتنا الأولى، هذا ما يحدث معنا، كل عام، لأننا لا نجيب عن الأسئلة الجوهرية، أولا نريد ذلك، على الأصح، ونفضل دائما ملامسة السطوح ومداراة القشور، ليس إلا، لأسباب معلومة وغير معلومة. فأين يكمن الخلل بالضبط في علاقتنا بالزمن؟؟، ومن المسؤول عن ضياع وتضييع كل هذه الأوقات، التي تمر أمامنا، في التفاهات، وفي الإنتظارات، وفي مختلف أنواع الإعاقات، والإنحسارات؟؟، تعلق الأمر بالأفراد، أوتعلق بالمجتمع، بما يعنيه من مؤسسات وهيئات مختلفة . جل أوقاتنا، في الغالب الأعم، تكاد تكون متشابهة، إلا فيما نذر، لا قيمة حقيقية لها، ولا وزن لها تاريخيا، ولذلك لا نتقدم، رغم كل هذه السنين التي تتوالى علينا، فلا زالت أسئلتنا العميقة والجوهرية، بلا أجوبة، ولذلك لا نكتب التاريخ، إلا من خلال الآخرين، فلا زلنا تبعا، أو نفضل أن نظل تابعين، على الأرجح. على المستوى الفردي، لا تكاد اهتمامات الكثير منا، تتجاوز الحاجات الغريزية، أكل وشرب وإنجاب، في أحسن الأحوال، وأكثرنا لازال يحب المواعيد المبعثرة والمؤجلة، نأتي إلى أعمالنا متأخرين، ونغادرها قبل الأوان، ونعتبر ذلك نصرا، وربما أيضا نعمة من الله، والكثير منا لا يجد غضاضة، في إضاعة جل أوقاته، في مختلف أنواع اللغو والتفاهات. تكثر في صفوفنا، الثرثرة الفارغة، وما إليها من رفع للأصوات بالضجيج والصياح، ومنا من يقضي سحابة يومه، في مراقبة الغادين والرائحين، واقتراف كل ألوان الغيبة والنميمة، والمؤسف أن بعض المثقفين، أو من يسمى كذلك، هم أيضا، لا يسلمون من هذا الهراء، وبالطبع وسائل إعلامنا وما إليها من مواقع إلكترونية، تعرض مساهماتها السخية في هذا الباب. وعلى المستوى الجماعي، الثقافي والسياسي والديني، لا زال بيننا من ينتظر المستقبل، في الماضي، ولا يفرق بين زمن المرحلة التي مضت، والذي لا يتكرر، ولن يتكرر، وبين مضامينها ودروسها الحضارية، التي يمكن الاستفادة منها، شريطة إحسان قراءتها، والإبداع في استثمارها. ولا زال بيننا في الجهة المقابلة، من يقوم بالعكس تماما، فلا يرى قيمة تذكر، لكل تاريخنا الذي مضى، ولكل عناصر هويتنا، ويفضل القفز على كل شيء، من أجل أشياء، يصعب فهمها، أو الدفاع عنها، وهكذا يظل الكثير منا، ينتظر من يأتيه بالحلول، من الماضي، كما ينتظر الكثير الآخر، من يأتيه بنفس الحلول من المستقبل، الذي يصنعه الآخرون الذين يقودون عالم اليوم، بهذا المعنى يدبر الكثير منا علاقته بالزمن وبالتاريخ، فرديا وجماعيا، فمن أين يأتينا المعنى الجديد، في نظرتنا إلى العام الجديد؟؟، وهل نبحث عن هذا المعنى ونريده حقا؟؟