توصلت دراسة جديدة إلى أن موجة الحرارة القاتلة الأخيرة شمال غرب المحيط الهادي، والتي سجلت خلالها درجات حرارة غير مسبوقة، هي مقدمة لما يحدث في العالم من تسارع في حدوث موجات حرارية محطمة لأرقام قياسية في درجات الحرارة. ووجه فريق الباحثين من معهد زيورخ للتكنولوجيا في سويسرا (ETH Zurich) الاتهام إلى الاحترار العالمي الذي تشهده الأرض، مؤكدين أن موجات الحر هذه لم تكن لتحدث لو لم يكن هناك انبعاثات للغازات المسببة للدفيئة بسبب النشاط البشري. زيادة وتيرة الموجات الحرارية القياسية ترتبط بالانبعاثات الغازية المسببة للاحترار (بيكسابي) صيف ساخن شهدت العديد من المناطق في العالم في المدة الأخيرة والمعروفة ببرودة طقسها موجات حرارة وصف بعضها بغير المسبوق. وكان أبرز موجات الحرارة تلك التي ضربت مناطق واسعة في أميركا الشمالية نهاية يونيو/حزيران الماضي وبداية يوليو/ تموز الجاري. وكما يشير التقرير المنشور على موقع "فيز دوت أورج" (Phys.org) فقد بلغت درجات الحرارة في مقاطعة كولومبيا البريطانية الكندية خلال الموجة -على سبيل المثال- 49 درجة مئوية، وفي ولاية واشنطن أقصى الشمال الغربي للولايات المتحدة 43 درجة وفقا لوكالة ناسا. وفاقت الأرقام القياسية المسجلة بهذه المناطق خلال الموجة المعدل العادي للحرارة بين 20 و30 درجة. كما تعيش حاليا بعض المناطق في الوطن العربي المعروفة بطقسها المعتدل نسبيا خلال الصيف، كشمال تونس والجزائر والمغرب، موجة حرارة حادة قد تصل إلى 9 درجات فوق المعدل العادي لهذه الفترة وفقا لمعهد الرصد الجوي التونسي. ولئن توقعت دراسات علمية سابقة زيادة في وتيرة موجات الحرارة بصفة عامة بسبب الاحترار العالمي، فإن زيادة احتمال وقوع تلك الحادة منها ظلت غير معروفة بشكل دقيق. صورة القمر الاصطناعي للموجة الحرارية التي شهدتها أميركا الشمالية مؤخرا (ناسا) حرارة قياسية أكثر تواترا في دراسة جديدة نُشرت مؤخرا بدورية "نيتشر كلايميت تشينج" (Nature Climate Change) قام فريق البحث السويسري باستخدام نماذج حاسوبية وسجلات لأحداث الطقس الماضية، لبحث كيفية تغير فرص حدوث موجات الحرارة المحطمة للأرقام القياسية مع استمرار الاحتباس الحراري. وركز المؤلفون، بحسب موقع "أكسيوس" (Axios)، على دراسة الموجات الحرارية المحطمة للأرقام القياسية والتي تفوق مدتها الأسبوع، مثل تلك التي حدثت مؤخرا شمال غرب المحيط الهادي وكندا، وفحصوا كيفية تغير وتيرتها واحتمالات حدوثها في المستقبل اعتمادا على معدل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ووجدت الدراسة أنه في ظل سيناريو الانبعاثات المرتفعة، فإن موجات الحرارة المحطمة للأرقام القياسية ستكون أكثر احتمالا من مرتين إلى 7 مرات خلال الفترة 2021-2050، ومن 3 إلى 21 مرة أكثر خلال الفترة 2051-2080 مقارنة بالسنوات الثلاثين الماضية. ووجد الباحثون أيضا أن أكبر تواتر لهذه الظواهر الحرارية الشديدة قد يحدث بشكل فوري خلال فترات الاحترار السريع التي تأتي بعد سنوات الاستقرار النسبي في درجات الحرارة. الاحترار العالمي يزيد في تواتر موجات الحر القياسية (ماكس بيكسل) وبحسب الدراسة فإن تدارك الوضع مازال ممكنا، لكنه أصبح صعبا على المدى القريب والمتوسط، فحتى إذا ما قرر قادة العالم خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المدى القريب لتجنب الكميات المدمرة المحتملة من الاحتباس الحراري، فإن درجات الحرارة القصوى غير المسبوقة ستظل أكثر تواترا خلال العقود القادمة بسبب تأخر تداعيات هذه الانبعاثات على مناخ كوكب الأرض. ولئن أيد الكثير من العلماء النتائج التي توصلت إليها الدراسة الجديدة، فإن بعضهم يرى أن توقعاتها غير مؤكدة تماما نظرا لوجود "أوجه قصور عديدة في النماذج المتعلقة بفيزياء الظواهر المتطرفة ودورة الغلاف الجوي" كما قال مايكل مان من جامعة ولاية بنسلفانيا (Penn State University) لموقع "أكسيوس". المصدر: الجزيرة.