إن إحصائيات العالم الإفتراضي بالمغرب تشير إلى مفارقة عجيبة ! فالمحتويات التي يتفق الجميع على أنها تافهة و فارغة المضمون بل و تؤدي لضرر كبير بالشأن العام و بشريحة القاصرين، نجد أنها تحتل المراكز الأولى من حيث الإعجاب و المتابعة من طرف المتلقي المغربي ! سواء (فيسبوك) أو (إنستاكرام) أو (تيك طوك) و حتى (يوتوب) فإن الأرقام عالية جدا لدى صناع التفاهة و الميوعة و أصحاب الكلام البذيىء و عارضات أجسامهن. في حين تجد الندوات الفكرية و اللقاءات التكوينية و المناقشات السياسية والإجتماعية لا يتابعها إلا نخبة قليلة. أما صناع التفاهة فقد فطنوا إلى مايستأثر باهتمام المغاربة أكثر و أبدعوا في صناعة محتويات أقل ما يمكن وصفها بالخادشة للحياء. و هنا يتبادر للذهن أسئلة من قبيل : ما هي الأسباب وراء الإهتمام المتزايد بالبذائة؟ لمذا تسجل الغرف الافتراضية التي تطرح مواضيع فكرية و سياسية أرقام ضئيلة؟ لماذا لم تتدخل السلطات المسؤولة عن مراقبة العوالم الافتراضية بالمغرب لوضع الحد لهذا النزيف الفكري و السقوط الحر للوعي لدى المواطن المغربيّ؟ هي أسئلة حارقة تحتاج خبراء و علماء النفس و اختصاصيين لمقاربتها بطريقة أكاديمية. و في رأيي المتواضع إن ما نشهده في هذا الباب، ماهو إلا مخرجات سنوات من الانحدار الفكري في جميع المستويات. سواء في الإعلام أو مؤسسات التربية. و للإنصاف لا يجب تحميل المواطنين كامل المسؤولية. بل هناك تقصير واضح من طرف الهيآت السياسية و المنتخبين. و يظل هذا الموضوع يشكل علامات استفهام كبرى من الواجب أن ينكب عليها أهل الاختصاص.