الاحتفال برأس السنة الأمازيغية.. حدث كبير يجسد العناية الملكية السامية بالثقافة والتراث الأمازيغيين    نقابة "البيجيدي" تتراجع عن إضرابها الوطني بعد إلتزام السكوري باستمرار الحوار    بنكيران يهاجم أصحاب "تازة قبل غزة" ويصفهم ب"الخونة" (فيديو)    السعودية تطلق مشروع مدينة للثروة الحيوانية بقيمة 2.4 مليار دولار    الذهب يتراجع متأثرا بتقرير عن الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية    بشرى سارة للمرضى.. تخفيضات جديدة على 190 دواء في المغرب    زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب بابوا غينيا الجديدة    أجل العرب مع قضاياهم أغراب ؟؟؟    شي يشدد على كسب معركة حاسمة ومستمرة وشاملة ضد الفساد    على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء النباتي الأخضر    العصبة تعلن عن برنامج الجولة ال19 من البطولة الاحترافية    نور الدين أمرابط على رادار الوداد.. هل نشهد انتقاله في الميركاتو الشتوي؟    المغربي العواني يعزز دفاع التعاون الليبي    توقيف قائد بإقليم ميدلت على خلفية فتح بحث قضائي يتعلق بالاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد (وزارة الداخلية)    اختفاء شحنة سلع تستنفر أمن تطوان    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    الدولار يرتفع مدعوما بالتقرير القوي عن سوق العمل    بورصة الدار البيضاء تبدأ تداولات الأسبوع بارتفاع طفيف    بعد ‬فشل ‬المحاولة ‬الأولى.. أوساط ‬إسبانية تضغط ‬للإسراع ‬بفتح ‬معبري ‬سبتة ‬ومليلية ‬المحتلتين    نزار بركة يعترف بتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة    من بينهم نهضة بركان.. هذه هي الفرق المتأهلة لربع نهائي كأس الكونفدرالية    أخنوش : الحكومة ملتزمة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    النفط يسجل أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر مع تأثر صادرات روسيا بالعقوبات    برشلونة بعشرة لاعبين يقسو على ريال 5-2 بنهائي كأس السوبر الإسبانية    بعد خسارة ريال مدريد.. انشيلوتي: "برشلونة يستحق التتويج لأنه كان الأفضل"    أطباء مغاربة يطالبون بالإفراج عن الدكتور أبو صفية المعتقل في إسرائيل    المزيد من التوتر بين البلدين.. وزير العدل الفرنسي يدعو ل"إلغاء" اتفاقية تتيح للنخبة الجزائرية السفر إلى فرنسا بدون تأشيرة    للتعبير عن انخراطهم في حملة "مرانيش راضي".. احتجاجات شعبية في ولاية البويرة الجزائرية (فيديوهات)    اعتقال مغربي في هولندا بتهمة قتل شابة فرنسية    كيوسك الإثنين | "الباطرونا": الحق في الإضراب لا يعني إقصاء حقوق غير المضربين    نشرة إنذارية بشأن موجة برد مرتقبة انطلاقا من يوم غد الثلاثاء    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بالمصالح المركزية للأمن الوطني    أخيرا..الحكومة تحيل مشروع المسطرة الجنائية على مجلس النواب بعد مرور أزيد من 4 أشهر على المصادقة عليه    الحكومة تبقي على منع الجمعيات وتقييد النيابة العامة في قضايا دعاوى الفساد المالي (مشروع المسطرة الجنائية)    اخنوش يحتفل بحلول رأس السنة الأمازيغية ويتناول "العصيدة" رفقة امزازي بأكادير اوفلا (فيديو)    تحذيرات خطيرة من كاتب سيرة إيلون ماسك    توقعات أحوال الطقس ليوم الاثنين    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    الوداد ينتصر على تواركة بصعوبة    رياض يسعد مدرب كريستال بالاس    الحسيمة تستقبل السنة الأمازيغية الجديدة باحتفالات بهيجة    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    أخنوش: الحكومة ملتزمة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    سعر صرف الدرهم يرتفع مقابل الأورو والدولار    أخنوش: الحكومة ملتزمة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    بعد تحقيقه لملايين المشاهدات.. حذف فيلم 'نايضة' لسعيد الناصري من يوتيوب يثير الجدل    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    خمسة أعداء للبنكرياس .. كيف تضر العادات اليومية بصحتك؟    التطعيم ضد الإنفلونزا في يناير وفبراير .. هل فات الأوان؟    نيويورك.. مشاركة متميزة للمغرب في معرض الفن والدبلوماسية    أخطاء كنجهلوها.. أهم النصائح لتحقيق رؤية سليمة أثناء القيادة (فيديو)    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. الشارف يكتب: العلاقات الرضائية و"سوسيولوجيا الزنا"
نشر في هوية بريس يوم 21 - 02 - 2021

نشرت وسائل الإعلام والمنابر الإلكترونية وصفحات الفايسبوك، خلال هذه الأيام ما يمكن نعته ب"حمى العلاقات الرضائية" !!. وهذا الموضوع من الموضوعات المرتبطة بالحريات الفردية كما يفهمها ويتصورها أعضاء جمعية حقوق الإنسان بالمغرب، وغيرها من الجمعيات الحداثية التي تستهدف، من خلال أعمالها وأنشطتها المريبة، هوية المغاربة وقيمهم الدينية والأخلاقية واللغوية والحضارية.
وغني عن البيان أن كثيرا من هذه الجمعيات قد نسجت علاقات وطيدة مع جمعيات مماثلة في أوربا؛ بحيث يتم التنسيق بين الجمعيات المحلية والجمعيات الأم خارج الوطن.
لكن؛ أليست الدعوة إلى العلاقات الرضائية دعوة إلى الزنا وإلى تشريعه ؟
إذا كان هؤلاء الدعاة يزعمون أن سلوك وممارسة العلاقات الرضائية؛ أي الزنا، مظهرا من مظاهر الحرية الفردية وحقوق الإنسان، وعاملا من عوامل السعادة في الحياة، فما قيمة هذه الحرية وهذه السعادة المتوهَّمة، إذا كنا نعلم جميعا أن كثيرا من هذه العلاقات الرضائية تُفضي إلى كوارث اجتماعية وأسرية تكون الأنثى وحدها ضحيتَها ؟
فكم من عمليات الإجهاض يكون سببها العلاقات الرضائية؛ أي الزنا ؟
وكم من مولود برئ يُرمى في الشارع حيا أو ميتا، بسبب بهيمية العلاقات الرضائية ؟
وكم من شابة ضاعت حياتها، أو انتحرت بعدما صدَّقت الوعود والكلام "المعسول" للذئب الآدمي المفسد في الأرض؟
وكم من لقيط يعاني، بعدما يكبر، معاناة نفسية رهيبة، وقد يسلك سلوك المجرمين انتقاما لنفسه، لأن ولادته كانت نتيجة العلاقات الرضائية؛ أي الزنا؟
إن النتائج الاجتماعية والنفسية الخطيرة التي تنجم عن هذه العلاقات الرضائية الموبوءة، تهدد الأسرة المغربية، وتدمر العلاقات الاجتماعية، وتسهم في خلخلة البناء الاجتماعي. ومما يستغرب له أن كثيرا من علماء الاجتماع والباحثين السوسيولوجيين المغاربة أمثال؛ د. عبد الصمد الديالمي، ود.الراحلة فاطمة المرنيسي، ومن حدا حدوهما، يقدسون في كتاباتهم وخطاباتهم السوسيولوجية، التحرر الجنسي، وينتقدون القيم الإسلامية الطاهرة، ويدعون إلى العلاقات الرضائية، بينما كان الأولى أن يعالجوا هذه الظواهر الاجتماعية واللأخلاقية الفاسدة معالجة إنسانية بناءة، مما يدل على أن رؤيتهم السوسيولوجية المستوردة مجردة عن القيم والأخلاق الدينية والإنسانية الفطرية.
إن د. عبد الصمد الديالمي أصدر بدءا من ثمانينيات القرن الميلادي الماضي، أصدر كتبا متعلقة بموضوع الجنس في الثقافة والمجتمع المغربي والعربي، من بينها؛ "المعرفة والجنس" (1984)، "المرأة والجنس في المغرب" (1985)، "نحو ديمقراطية جنسية إسلامية" (2000)، و "سوسيولوجيا الجنسانية العربية" (2008) التي أسميها: "سوسيولوجيا الزنا".
لقد تطرق هذا الكاتب السوسيولوجي، المهووس بموضوع الجنس، في مؤلفاته إلى الموضوعات المتعلقة بالحياة الجنسية في المغرب والبلدان العربية، قديما وحديثا، سواء في إطار الزواج أو خارجه؛ يعني مجال البغاء والدعارة. كما تناول موضوعات الشذوذ الجنسي، وربط بين الممارسة الجنسية والعوامل الثقافية والدينية والاجتماعية ، مستعملا المنهج السوسيولوجي المعاصر في مقاربته للظاهرة الجنسية. لقد كانت سنوات طويلة من البحث السوسيولوجي الدؤوب.
لم تسلم هذه الكتابات والأطروحات الجنسانية، بطبيعة الحال من النقد والتفكيك والتجريح، حيث عاب عليه كثير من النقاد والدارسين، سخريته واستهزاءه بمقدسات ورموز وثوابت الدين الإسلامي، ودعوته، من خلال خطابه السوسيولوجي الجنساني، إلى الثورة على التقاليد الإسلامية والتحرر من سلطة الدين والقيم وأخلاق الفطرة، ودعوته أيضا إلى عدم تجريم العلاقات الرضائية؛ أي الزنا، والعلاقات المثلية، لأن كل ذلك حسب رأيه يعبر عن الحرية الفردية للإنسان.
وقال د. عبد الصمد الديالمي في لقاء، عن بعد عبر منصة زوم، نظمه ملتقى الباحثين في سوسيولوجيا المجال والتنمية لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة في 12 يوليو 2020 ، أن سبب تحريم الدين الإسلامي للعلاقات الجنسية بين الذكر والأنثى خارج الزواج هو تفادي وقوع الحمل، باعتبار أن الامتناع عن ممارسة الجنس كان الحل الوحيد لمنعه.
وتابع متسائلا: "والآن هناك وسائل منع حمل فعالة، فلماذا نستمر في التحريم والتجريم؟"، وأضاف: "علينا فقط أن نقول للفتيات والفتيان إن عليهم أن يستعملوا موانع للحمل" !!
يستخلص من فحوى هذا الكلام كأن باحثنا السوسيولوجي الجنساني يحاول أن يمارس وظيفة المشرِّع؛ مصحِّحا أو مستدركا على تشريع رب السماوات والأرض. وهذا الأسلوب المستخِف بالمقدسات الدينية قد درج عليه علماء الاجتماع في الغرب منذ ما يقرب من قرنين من الزمن؛ أمثال كارل ماركس وأوجست كونت وإيميل دوركايم وغيرهم، وقلدهم في ذلك كثير من الباحثين السوسيولوجيين في المغرب والبلدان العربية، لا سيما المتخصصين منهم في علم الاجتماع الديني القائم على اعتبار الدين ظاهرة اجتماعية من إفرازات المجتمع، واعتبار النصوص الدينية ونصوص الوحي كغيرها من النصوص، وإعمال العقل فيها ونقدها، ونزع القداسة عنها وعن المقدسات الدينية.
إن السوسيولوجيا الجنسانية التي تسبح مؤلفات وأبحاث د. عبد الصمد الديالمي في فلكها، ليست سوسيولوجيا بريئة، ولا سوسيولوجيا إنسانية بالمعنى القيمي للإنسان. صحيح أنها تشخص وتدرس وتحلل الظاهرة الجنسية، وواقع وملابسات وممارسات الحياة الجنسية في المغرب والوطن العربي. لكنها لا تقدم علاجا شافيا، أو حلولا منطيقة وإنسانية قيمية، لما يعتري واقع هذه الحياة الجنسية من خلل وأمراض وانحرافات أخلاقية ونفسية واجتماعية. بل تزيد في الطين بلة، من خلال سخريتها ونقدها اللاموضوعي واللأخلاقي للقيم والأخلاق والضوابط الدينية؛ أي أنها تشجع على سلوك وممارسة العلاقات الرضائية، وكل أنواع الشذوذ الجنسي.
يقول الباحث السوسيولوجي نور الدين الزاهي: "لا يتردد عبد الصمد الديالمي في إعلان المواقف التي تؤدي لها تحليلاته وكذا فرضيات اشتغاله، فلكي نعالج الأسس السيكوسوسيولوجية العميقة للحرمان الجنسي، والتي تشكل في ظل فضاءات الفقر والتهميش والعوز، مرتع استنبات الأصوليات المعتدلة والمتشددة، من المفترض علميا التأسيس العلمي لحقل الجنس كحقل جامع للمرأة والأسرة، وفكريا إشاعة الفكر اللائكي، لأن غيابه يؤدي إلى انتشار الإسلاموية، والحركات الأصولية والإرهابية، ومجتمعيا ترسيخ الحداثة الجنسية".( د. نور الدين الزاهي: "المدخل لعلم الاجتماع المغربي"، النجاح الجديدة، 2011، ص 155.)
يبدو من خلال هذا النص، أن السوسيولوجي عبد الصمد الديالمي، يربط ربطا لا منطقيا بين الحرمان والكبت الجنسي في المجتمع المغربي من جهة، وانتشار الأصولية والإرهاب من جهة أخرى.
"إن هذا التعليل في شرح ظاهرة الأصولية والعنف والإرهاب، يفتقر إلى الدلائل والبراهين الاجتماعية الملموسة، بل يحتاج هذا الموضوع إلى دراسات وأبحاث ميدانية، سوسيولوجية موضوعية. أما إصدار الأحكام، انطلاقا من مواقف وقناعات ذاتية، فإنه موقف أيديولوجي، يتنافى مع مبادئ وخطوات المنهج العلمي.
إن الباحثين السوسيولوجيين؛ فاطمة المرنيسي وعبد الصمد الديالمي، لم يقدما حلولا اجتماعية منطقية ومناسبة للتهميش الذي تعانيه المرأة المغربية، كما أنهما حملا الدين والتراث والتقاليد الاجتماعية مسؤولية تأخر المرأة، وتخلفها وجهلها، وحرمانها من حقوقها الجنسية. إن الخطاب السوسيولوجي الجنسي المهيمن على كل من د. فاطمة المرنيسي، ود. عبد الصمد الديالمي، ومليكة البلغيتي، وسمية نعمان جسوس وغيرهم، تمتد جذوره في أرض الثقافة الغربية العلمانية، التي أقامت القطيعة النهائية مع القيم والأخلاق الدينية، والفطرة الإنسانية. إن هذه الكتابات اللاموضوعية واللأخلاقية، تستلهم روح أفكار سيمون دو بوفوار وغيرها من الكاتبات الخليعات، كما أنها تخدش الحياء وتؤذي المغاربة الغيورين على دينهم ومقدساتهم. إنها حرب معلنة على الثوابت الدينية والأخلاقية، ولا تنتمي إلى الدراسات السوسيولوجية النزيهة".( د. عبد الله الشارف؛ "علم الاجتماع في العالم العربي دراسة نقدية"، مطبعة تطوان، 2018، ص31).
ثم إن هذه المقاربة السوسيولوجية للظاهرة الجنسية في المغرب من قبل روادها الأوائل؛ د. عبد الصمد الديالمي و الراحلة د. فاطمة المرنيسي، ومن تتلمذ لهما من الباحثين السوسيولوجيين المغاربة، لا تعدو أن تكون مقاربة مستنسخة ومستغرِبة، ومقلدة لسوسيولوجيا الجنس في الغرب. ثم إن علم الاجتماع المعاصر في دول الغرب والدول التابعة، لا يؤمن بالقيم الدينية وأخلاق الفطرة الإنسانية، بات من البديهي، وهو حال ومنطق خطابه وممارسته، أن يدافع عن الحرية الجنسية والانحلال الأخلاقي والقيمي؛ خدمة للرأسمالية والليبرالية لأنه؛ أي علم الاجتماع المعاصر؛ صنيعهما والإبن الرضيع لهما. فأنى له أن ينحرف عن خطهما أو يثور عليهما وقد شرب لبنهما !!. وهذا مما يؤكد ما صرح به كثير من علماء الاجتماع الغربيين أمثال؛ ألفن جولدنر الأمريكي وألان تورين الفرنسي وغيرهما، من أن علم الاجتماع المعاصر يعاني أزمة عميقة وخطيرة على مستوى القيم الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.