هوية بريس – الجمعة 23 أكتوبر 2015 الصدق كما عرفه الماوردي: "هو الإخبار عن الشيء على ما هو عليه". وهو أصل الإيمان، بل ومن شروطه كما جاء في مقدمة ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: "أن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح". فالإخلاص لا يكون إلا بالصدق. ففي عصرنا الحالي بدأنا نلاحظ أن هذا الخلق (الصدق) بدأ يندثر وينقرض، وأن الأمور انقلبت وانعكست فأصبح الصادق كاذبا والكاذب صادقا وهذا يدل على اقتراب الساعة وفناء الدنيا. فعدم الصدق هو نتيجة عدم استحضار مراقبة الله للأفعال والأقوال وعدم استحضار فضل الصدق وعدم معرفة عواقب الكذب. ففضل الصدق كبير جدا وهو من الأسباب لدخول الجنة عكس الكذب الذي يهدي إلى الفجور، وهذا الأخير يؤدي إلى النار كما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بالصِّدقِ. فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ. وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّةِ. وما يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ صِدِّيقًا. وإيَّاكم والكذِبَ. فإنَّ الكذِبَ يهدي إلى الفجورِ. وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النَّارِ. وما يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ كذَّابًا". ولنتعظ في بعض قصص الصادقين، وخير مثال الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي صدّق النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج، في حين كذّبه الناس، ومثال آخر وهم الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك وقصتهم موجودة في سورة التوبة. وأختم بمثال آخر عن شخص بر أمه ولم يخلف وعدها، ويتعلق الأمر بعبد القادر الجيلاني الذي سافر مع قافلة من بغداد إلى مكة، وفي وسط الطريق تعرض له وللقافلة التي كان معها عصابة من قطاع الطرق فأمسكوا به وقال له أحدهم كم تملك فقال له 40 دينارا فظن أنه يستهزأ به فتركه فجاءه الثاني وسأله نفس السؤال فقال له نفس الجواب فاستغرب فأخذه إلى رئيس العصابة فسأله عن سبب صدقه فأخبره أنه وعد أمه أن يكون صادقا، فاستغرب رئيس العصابة وبكى وتاب عن فعلته بسبب صدق عبد القادر الجيلاني الذي كان آنذاك غلاما، وأكثر من ذلك أن العصابة كلها تابت ورافقت القافلة إلى مكة. فالصادق لن يندم على صدقه، لأنه يكسب قلوب الناس ويصبح قدوة لهم، ويشعر دائما بالطمأنينة والسكينة، ويجازيه الله بحسن الخاتمة ويفوز بالجنة، اما الكاذب فحبله قصير ويشعر بالخوف وعدم الاطمئنان، وقد تكون نهايته مأساوية، فكن صادقا يكن الله معك.