هوية بريس- محمد المكودي أعدّ "المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة" تقريرا، بعنوان "الحالة الدينية في المغربية 2018-2019″، يفنّد فيه خلاصات متعسفة، ومحدَّدة سلفا، لمراكز أجنبية (مغربية) تدعي تراجع تدين الشباب في المغرب. لا تهدف هذه المراكز إلى رصد المشاكل التي تتخبط فيها مجتمعاتنا، ومن ثم البحث عن حلول لها. بل إن ما تهدف إليه هو التطبيع مع كل مشكل، وتضخيمه مهما كان منحسرا، ودفع أبناء الوطن العربي الإسلامي دفعا إلى مزيد من الانغماس فيه والاستسلام له. أما إذا كان هذا المشكل ممّا له علاقة بعناصر الترابط في الوطن العربي الإسلامي، كالدين الإسلامي والعربية الفصحى… إلخ، فإن هذه المراكز تبدع أيما إبداع في هدم كل بناء لتوّها أخذت الشقوق تظهر عليه، وإماتة كل جسد لتوّه أخذ السمّ يتسرب إليه. إنها تأبى إلا أن تكمل مهام حركة "الاستشراق القديم"، بتشكيل حركة "استشراق جديد".وحيث كان الأول خادما لمصالح الاستعمار العسكري تحت أقنعة "التوظيف الإيديولوجي للمناهج المعرفية الحديثة"، فإن الثاني ليس إلا خادما للإمبريالية الأمريكية، وتموّله وتنفق عليه وتحدد خطّه وبرامجه "المخابرات الأمريكية المستقلة"، تحت أقنعة "المناهج التفكيكية المعاصرة". لم يتوصل تقرير "المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة" إلى كل ما كشفنا حقيقته هاهنا، وحسبه أن بيّن تسرع نماذج من المراكز الأجنبية (الغربية) في الاستنتاج، وتعسفها (الذي قد يكون مغرضا، وهو الأرجح) في الخلوص إلى نتيجة "تراجع تدين الشباب المغربي وتزايد إعراضهم عن الخطاب الإسلامي والصحوي". وما كان للمركز المذكور أن يفند ما خلصت إليه تلك المراكز في تقاريرها، دون أن يعرض نتائجها بالأمانة العلمية المطلوبة. وعوض أن يقرأ فريق "هيسبريس" تقرير "المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة" كما هو مطلوب، قرأ خلاصات "التقارير الأجنبية" كما وردت في "تقرير المركز المغربي" ونسبها إلى هذا الأخير، في مادة جاءت تحت عنوان "تقرير يرصد تراجع حالة التديّن وتزايد إقبال الشباب المغربي على الحياة". فكان التعسف على التعسف، وكما تعسفت "المراكز الأجنبية"، تعسفت "هسبريس". لقد تعسفت "المراكز الأجنبية" منادية أنِ افرحوا بهذا الإنجاز العظيم: "شباب يترك الصلاة، ويزهو على إيقاع الخمور والدعارة"! فليختنق "الخطاب الصحوي"، ولنترك الشباب يعيش في حرية لا أول لها ولا آخر. وعوض أن تفضح "هسبريس" هذا النداء، وتكشف حقيقته التعسفية، فقد رددت نتائجه كأنها حقائق، والغريب أنْ نسبتها إلى "تقرير" يفندها وينقضها. فلا الكفاءة المهنية تحققت، ولا النقد العلمي تحقق، ولا الدفاع عن "خصوصيتنا الثقافية" تحقق.