الجمعة 25 شتنبر 2015 بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد؛ في خضم ما يعيشه إخواننا المقادسة خصوصا وأهل فلسطين عموما من نكبة ومأساة يتألم لها كل غيور على المسلمين ومشاعرهم العظيمة، أحببت أن أشارك إخواني ببعض المقالات الغراء لأعلام مغاربة جندوا أقلامهم للذب عن فلسطين المكلومة والمسجد الأقصى الذي يسلب من بين أيدينا شيئا فشيئا، وأول هذه المقالات ما سطرته يراع شيخنا العلامة الأديب الأريب محمد بوخبزة التطواني مما كتبه قديما بإحدى كنانيشه المليئة بالفوائد، قال شفاه الله وعافاه: (قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وما أدراك ما هي، وقعت منذ البدء بين أيدي أثيمة اتجرت بها، وتلاعبت بمبادئها، ومارست الخيانة الجلية في تناولها والخوض فيها، بينما الطرف الآخر كان جادا يقظا، كله إيمان وجد ونشاط بنبوآتهم المزيفة، وخرافاتهم التليدة والحديثة وعنصريتهم الفريدة التي فرضوها على العالم، وتمكنوا من قلب الموازين، ومسخ المفاهيم، وتكذيب الحقائق، وبرعوا في التدليس والتلبيس والدس بين سمع العالم وبصره، وسلكوا في ذلك أقرب الطرق وأضمنها لتحقيق المآرب والأهداف كيفما كانت، ألا وهي الطريق الاقتصادي، فسعوا جادين لاحتجاز الأموال والسيطرة على سبله، مؤمنين بأن عالم النفاق والكذب والأطماع يعتبر أرخص السلع في دنيا القيم، وهكذا انفردوا في هذا العالم بالتجارة في الذمم، ومسخ الأخلاق، والعبث بالمبادئ لصالحهم، وقد عشنا قبل ظهور "إسرائيل" زمنا لا نسمع لليهود نأمة ولا حركة، والمسلمون غارقون في أوحال الثالوث المدمر: الجهل والفقر والمرض، وأضافوا إليها الآن ثالوثا آخر لا يقل تدميرا وشؤما عن الأول وهو: الرشوة و الغش و السرقة، واليهود يتحركون هنا وهناك في صمت لانتهاز الفرصة، وما هي إلا سنوات حتى كان وعد (بلفور) وقيام إسرائيل على أرض (الميعاد) وعلى الإسلام والعرب والفلسطينيين، وقد مر الآن على قسام دولتهم قرابة نصف قرن والحال هي الحال هنا غفلة وخيانة وخذلان، بل وتآمر، وهناك عمل وجد ونشاط بشكل أكثر خبثا وضراوة من ذي قبل، لأن القضية أشرفت على النهاية ، والمسجد الأقصى يحتضر ولا معتصم ولا صلاح الدين، ونبوآت نبينا محمد عليه الصلاة والسلام تتجلى أكثر من ذي قبل في غثائية المسلمين، وهم مليار ونصف يجللهم الذل والصغار المسلط عليهم بسبب حرصهم على الدنيا والحكم، وإخلادهم إلى الراحة، وتبلد شعورهم، ومخالفة أمر الله ورسوله، والحل بأديهم، والطريق معبد مسلوك، والداعي مازال غي قلب كل مؤمن، ولكن الداء كل الداء إنما يستشري عند فساد الرأس، والإعراض عن الله سبب كل شر. وصدق الله عز وجل في قوله: "وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون"). انتهى كلامه حفظه الله من "جراب الأديب السائح" (ص:351-352).