هوية بريس – الأربعاء 09 شتنبر 2015 بسم الله الرحمان الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد؛ فهذه تعليقات على مقالة الأستاذ الفاضل البشير عصام المسماة (الترحيب بنقد الأستاذ الحبيب حماد القباح) التي تعقب فيها أصالة بعض كلام المجاهد الكبير حماد القباج وغيره من الداعين إلى ضرورة مشاركة التيار (الإسلامي) في الشأن الانتخابي والسياسي، منبها فيها على مهمات من الدين تقصر أو تغفل الحركة الإسلامية عن استصحابها في هذا الشأن. والكلام في هذه المهمات هي مورد هذه التعليقات ومحلها، وسأرتب القول فيها على الترتيب الذي جرى عليه الأستاذ البشير في أصل مقالته المنوه بها آنفا. هذا؛ والقصد من هذا إثراء التناقش في هذه القضية المهمة، وتعميق النظر فيها لعل الموافق والمخالف يكون على ثلج صدر وهدى منير في هذه النازلة العصرية الحادثة بسبب طغيان الفجور السياسي على حد تعبير د فريد الأنصاري رحمه الله، واتخاذ شريعة رب العالمين ظهريا، ولست أروم من هذه التعليقات مجرد الاسترسال في الجدل والخلاف، فذلك مسلك مذموم كما هو معلوم. والله المستعان، وهو الهادي إلى سواء السبيل. أولا: قول فضيلته إن من الأمور التي يقصر أبناء الحركة الإسلامية في بيانها: (الحكم الشرعي للديمقراطية بمعنى سيادة الشعب؟ وحكم القانون الذي يوافق عليه عموم الشعب…). قلت: إن ما كُتب من قِبَل العلماء وغيرهم حول الديمقراطية من أنها بضاعة غربية كاسدة، ومسلك غير رشيد، مناقض لأصول شرعية عتيدة، لمن الكثرة بمكان بحيث لا يعجز من تطلب ذلك من العامة والخاصة أن يقف عليه. كما أن هذه الخطوة من خطوات مدافعة الديمقراطية -بمعناها الغربي الكلي- ومصاولة أنصارها خطوةٌ يقتضي النظر في واقع هذا التدافع وغايته انتقالَ (الإسلاميين) إلى ما بعدها من الخطوات العملية، مع استمرارهم على بيان مفاسد الديمقراطية ومباينتها للشرع. كل هذا على فرض التسليم بأن الحركة الإسلامية فعلا قد قصرت في بيان حكم الديمقراطية الشرعي، وهو ما لا نسلمه من جهتين؛ الأولى أن واقع هذه الحركة يؤكد أنها جارية على هذا البيان، ولئن قصر بعضها في ذلك فإن البعض الآخر لم يقصر، وشأن فروض الكفايات أن تسقط بفعل بعض الأمة. الثانية: أن بيان مفاسد الديمقراطية وحكمها الشرعي لا يخاطب به الحركة الإسلامية الداعية إلى المشاركة السياسية وحدها، بل هذا البيان فرض على الكفاية يخاطب به كل القادرين عليه من الأمة، وفي مقدمتها العلماء والشيوخ والدعاة كالأستاذ عصام البشير، فكيف إذن تلام الحركة الإسلامية على تقصيرها في هذا دون غيرها، إن سلمنا أصلا أنها قصرت في ذلك؟! أما نسبة فضيلته مقولة: (الشعب مسلم ولن يقع منه ذلك) إلى الوهم ومخالفة الواقع! فغير واقع على مراد من يُطلق هذه المقالة من دعاة المشاركة السياسية، إذ ليس مقصودهم أن كل من صدق عليه وصف الإسلام سيصوت على ما يوافق أحكام الشرع ولن يصوت على ما يناقضها! وإنما المراد المسلمُ الذي همُّه نصرة الشريعة والتمكين لها في الحياة والدولة، وإذا فُرض أن أكثر الشعب على خلاف هذا الهم، فإن الواجب يقتضي تغيير هذا الواقع وإصلاحه بدعوة الشعب إلى نصرة الشريعة وتربيته على ذلك من قبل الدعاة والعلماء، وهذا لا يستلزم إرجاء مشاركة الإسلاميين في الشأن السياسي إلى ما بعد إعداد الشعب وتهيئته لنصرة الشريعة والتصويت لأحكامها، لسببين: الأول أن مشاركة (الإسلاميين) في السياسية مدخل للتمكين للدعوة والتربية. وعلى فرض أنها ليست كذلك -وهو السبب الثاني– فإنه لا تنافي بين اضطلاع طائفة من الأمة بالدعوة والتربية، وبين اقتحام طائفة أخرى منها اللعبة السياسية، إذ كل ميسر لما خلق له، وكل على ثغر من الثغور، ولأن الأصل في وسائل المقاصد الشرعية غير العبادية التعدد، فكيف يحجر إذن ويضيق في وسائل الإصلاح؟! ثانيا: قول الأستاذ البشير إن الحركة الإسلامية قصرت في بيان (وجوب تحكيم الشريعة، والتركيز على أن هذا هو الغاية الكبرى التي قامت الحركة الإسلامية لتحقيقها)، لا جديد فيه، فهو عين مؤاخذته السابقة أو لازم عنها، إذ يلزم من بيان حكم الديمقراطية من جهة الشرع التأكيد على أن سبيل الخلاص هو تحكيم الشريعة، ومن ثم فما قلته فيما سبق يستصحب هنا. وأزيد عليه بالقول إن تأكيد الحركة الإسلامية على وجوب تحكيم الشريعة، وأن هذا غايتها هو من تحصيل الحاصل، إذ هذا عنوانها وشعارها، فهل يُشك في أن مقصدها غير هذا حتى يُلحَّ عليها بالتأكيد على وجوب تحكيم الشريعة، والفرض أنَّا نعتقد أن الشيخ البشير عصام ومن وراءه لا يتهمون أبناء الحركة الإسلامية في مقاصدهم ولا يشكون في مراميهم الشريفة؟! وإن وُجد في التيار الإسلامي من يؤم غير هذه الغاية الشريفة فإنه لا يلزم من يؤمها في شيء، والنقاش إنما هو في من يسعى إلى تحقيق تلك الغاية وليس في غيرهم. هذا وإن تأكيد الحركة الإسلامية على تشوفها إلى تطبيق الشريعة يحكمه فقه اقتحام هذه اللعبة، ومصاولة خصوم الشريعة، واستحضار ما يمكن (للإسلاميين) في هذا الشأن، ويخدم مصلحتهم الكبرى، فليس كل ما يُعلم مما هو حق يطلب نشره كما قال الشاطبي رحمه الله، وأنه لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ عاجلَ له كما قال عمر رضي الله عنه. ثالثا: قول الأستاذ الفاضل البشير عصام إن الحركة الإسلامية (مقصرة في بيان مفاسد الديمقرطية الإجرائية؛ أي نفس آلية الانتخاب، ومشكلاتها المشهورة المعروفة منذ زمن…)، الحق أن هذا -زيادة على كونه متفرعا على المسألة الأولى والثانية اللتين ذكر فضيلته أن الحركة الإسلامية قصرت فيهما- لا معنى للاعتراض به أصلا على دعاة المشاركة السياسية؛ ويشبه ما يسميه الجدليون (المصادرة على المطلوب)؛ ذلك أن التيار الإسلامي يقر من حيث الجملة أن في الديمقراطية الإجرائية مفاسد ومشكلات، غير أنه لا يتأتى إصلاحها من خارج اللعبة السياسية بل من داخلها، ولأجل ذلك هبَّ للمشاركة السياسية وحرض عليها لتجاوز تلك المشكلات وإصلاحها بقدر الإمكان، وما لا يتم المشروع إلا به فهو مشروع؛ واقتحام تلك المفاسد والمشكلات لا يخرم أصلا شرعيا كليا حتى يقال إن هذه القاعدة لا تجري في هذا الموضع، وإلا فهو محل نزاع، فلا يؤخذ في الدليل. على أن قضية (التسوية بين أعظم العلماء والمفكرين وأتفه المجرمين والحشاشين) التي مثل به الأستاذ البشير عصام مشكلةً من مشكلات الديمقراطية الإجرائية، مطلبٌ بعيد عن التحقق؛ إذ يرد عليه مشكلة أخرى؛ وهي تحديد ضابط العالم والمفكر الذي يَفضُل صوته صوت المجرم والحشاش. على أن هذه التسوية ليست ذات بال وخطر حتى نهتم لشأنها؛ إذ لا نشكو قلة العلماء والمفكرين والدعاة وطلبة العلم وغلبة المجرمين والحشاشين عليهم حتى نتطلع إلى مضاعفة صوت هؤلاء، ونتشوف إلى جعل صوت المجرمين والحشاشين على النصف منه أو أقل، بل الذي نشكو منه هو تخلف العلماء والمفكرين والدعاة وطلبة العلم والمسلمين عموما عن الانتخاب والتصويت، فضلا عن تخلف الصالحين والمؤهلين منهم عن الترشح. على أن اتساع دائرة التيار الإسلامي وتمثيليته في الشأن السياسي لا يستحيل معه تحقيق تلك المفاضلة التي ينشدها الأستاذ البشير عصام وغيره. رابعا: مما عابه الأستاذ الفاضل البشير عصام على الحركة الإسلامية عدم (بيانها أن القول بجواز المشاركة السياسية خلافي لا إجماعي، وأنه رخصة مخالفة للأصل، مبنية على فقه الضرورة لا على فقه السعة)! قلت: الحقيقة أن هذا إلزام بما لا يلزم؛ فإذا سلَّم الأستاذ وغيره أن المسألة اجتهادية، وأن حسْب كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده، وأن الداعين إلى المشاركة السياسية يسندون رأيهم إلى أدلة معتبرة في ظنهم، وأن الضرورة رخصة تسوغ الخروج عن الأصل شرعا1، فما الذي يحوج الحركة الإسلامية إلى بيان أن جواز المشاركة السياسية ليس مجمعا عليه؟! أليس يكفي المجتهد ومن يقلده في العمل والفقه أن يكون توصل إلى الحكم بطريق شرعي حتى وإن خالف جمهور العلماء؟! وإنما يتجه النقد والمؤاخذة على الحركة الإسلامية متى لبسوا على العامة، وزعموا أن القول بجواز المشاركة في الانتخابات مجمع عليه، وهذا ما لم يحصل منهم في علمي، وبدون ذلك فلا معنى لإلزامهم بما ذكره الأستاذ البشير. خامسا: مما عابه الشيخ البشير عصام على الحركة الإسلامية أيضا أنها لم تهتبل ب (التنبيه على رفض الأسس العلمانية التي لا تنفك الديمقراطية عنها من حرية ومساواة وحقوق للإنسان…). قلت قد تقدم أن هذا من جملة البيان الذي يخاطب به العلماء والدعاة كافة، مَنْ قَبِل منهم المشاركة السياسية، ومن لم يقبلها، فكيف إذن يحصر هذا البيان في دعاة المشاركة السياسية دون غيرهم؟ فهل أبناء الحركة الإسلامية هم كل الأمة والعلماء والدعاة؟! كلا؛ إن هم إلا جزء من ذلك. وعلى تقدير أن الحركة الإسلامية قصرت في هذا البيان ألا يسع غيرها من الدعاة والخطباء والعلماء -ممن يعتقد جواز المشاركة السياسية وممن لا يعتقد ذلك- أن يبينوا للأمة الحرية والمساوة وحقوق الانسان بمعانيها الشرعية من جهة أن هذا من جملة النصيحة للمسلمين بغض النظر عن قضية المشاركة السياسية، ومن ثم يكفون الحركة الاسلامية مؤونة ذلك؟! وإذا تقرر ما تقدم عُلم جواب السؤال الذي أورده الأستاذ البشير على الحركة الإسلامية بقوله: (من من قادة الحركة الإسلامية اليوم يصرح بهذه الأمور للمصوتين؟…). أما قوله إن العلمانية بدأت تنتشر في جسد الحركة الإسلامية انتشارا مرضيا، فهو قول مجمل يفتقر إلى التفصيل لتَبَيُّن فحواه وحقيقته. وكان ينبغي الإفصاح عن هذه المزالق والمخالفات التي وقعت فيها الحركة الإسلامية تمهيدا لإعادة النظر فيها متى قام موجبه، إذ هذا من تمام البيان والنصيحة، ولعل الأستاذ البشير عصام قد بيَّن ذلك وأفصح عنه في موطن آخر لم أطلع عليه. وعلى كل حال لا يبعد أن يكون حال بعض أتباع الحركة الإسلامية كما ذكر فضيلته، لمكان هذه القضية الشائكة التي قد لا يخلص فيها الحق من بعض الباطل؛ فإن ما يعتري هذه المسألة من التشابك والتشابه من جهة طبيعتها وظروفها يجوز معه وقوع دعاة المشاركة السياسية في الزلل والخطأ، فهذا مسلم به ابتداء وأصالة، غير أن استحضار أن المسألة اجتهادية، وأن المجتهد حسبه ما أداه إليه اجتهاده، يرفعان عنه الحرج متى أخطأ صادرا عن اجتهاد ونظر شرعي، ويبقى بعد ذلك على العلماء تنبيهه على خطئه لاستصلاحه. والقول الجملي أن ورود الخطإ في هذه القضية لا ينقض مشروعيتها وجوبا أو جوازا. أما سؤال فضيلته (عن نسبة «العلمنة» التي سنقبل بها في جسد الحركة الإسلامية في مقابل المصالح التي نرجوها) فجوابه أن ذلك مضبوط بقواعد الشريعة ومبادئها التي يجري العمل بها في مثل هذه المواطن نحو: (يرتكب أخف الضررين)، و(ما منع سدا للذريعة يباح للمصلحة الراجحة)، و(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) و(الميسور لا يسقط بالمعسور)، و(بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)، و(الحرج مرفوع) وغيرها من القواعد التي ما أسست إلا للإفادة من مقتضياتها في هذه المحال، كل ذلك مع الاستمساك بثوابت الملة وأصول الشريعة. هذا؛ وإن استدعاء الشيخ تجربة حزب (النور) للاستشهاد بها على أن لمشاركة الإسلاميين في السياسة ضريبة، غير مناسب لسببين؛ الأول أن بواعث مشاركة هذا الحزب في السياسة، وظروف تأسيسه يعتريهما كثير من الغموض والالتباس والشبهة حتى إن كثيرين من (الإسلاميين) أنفسهم وصموا هذا الحزب بأنه (حزب الزور) لا النور، ومن ثم فلا يمكن جعله معيارا على استلزام مشاركة (الإسلاميين) في السياسة تلك الضريبة التي سماها الأستاذ البشير (علمنة) الحركة الإسلامية. والثاني أن فشل حزب (النور) لا يلزم منه فشل بقية تجارب الحركة الإسلامية عقلا وشرعا وواقعا، إذ هناك تجارب أخرى للحركة الإسلامية يمكن أن نصفها بأنها ناجحة أو على الأقل لم تفشل في مهمتها، وهذه التجارب كثيرا ما يغض رافضوا المشاركة السياسية الطرف عنها، مع أنها ماثلة للعيان. أما قول الأستاذ البشير عصام إن في المدافعة الشعبية والجمعوية والإعلامية والفكرية والعلمية مندوحة عن مشاركة الحركة الإسلامية في السياسية…، فهذا بديل لا يدافع فيه الأستاذ ولا تنكره الحركة الإسلامية، بل تحرض عليه، إذ لا تنافي بين العمل بمقتضاه وبين المشاركة في الشأن السياسي كما مضى التنبيه عليه، فهذان مسلكان يأخذان في سبيل الإصلاح والتغيير، ولا يغني أحدهما عن الآخر، غير أن واقع الحال يفيد أن مشاركة الإسلاميين في السياسة سبيل للتمهيد لهذه المدافعة التي تحاصرها السلطة بقوانينها وإجراءاتها، وواقع دور القرآن شاهد على هذا، فهل لدور القرآن وغيرها أن تقوم بمهمتها بمجرد رغبتها في ذلك؟!، وإن (الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية) التي أشار إليها الأستاذ البشير إنما فشلت؛ لأنها صادفت مدافعة الإسلاميين في البرلمان ابتداء، قبل أن يدافعوها في الشارع انتهاء. أما قضية وقوع الشباب في الغلو فليس مرده إلى ترك المشاركة السياسية فحسب كما قال الأستاذ حماد القباج، ولا إلى فَقْد الشباب الثقة في العمل السياسي باعتباره بديلا للإصلاح فحسب كما قال الأستاذ البشير عصام، بل مرد ذلك إلى هذا وذاك وإلى غيرهما من الأسباب التي بسطت في محلها، ومن ثم فهذه الظاهرة لا ترتبط وجودا وعدما بالمشاركة السياسية أو عدمها. ومن جملة ما لاحظه الأستاذ البشير عصام على (الإسلاميين) أن (الحركة الإسلامية اليوم تختلف في كثير من شعاراتها عن حركة الرعيل الأول من مؤسسي التيار الإسلامي في عموم الأمة). قلت: هذا حكم لا يحسن من فضيلته إطلاقه على الكافة؛ لأن الحركة الإسلامية ألوان وأصناف، منها من مارس العمل السياسي، ومنها من يمهد لذلك وينظر له، وإن صح ما قاله الأستاذ فإنما يتجه ذلك إلى من مارس العمل السياسي دون غيره، وإذا خالفت شعارات هؤلاء حركة الرعيل الأول من التيار الإسلامي – ولست أعلم من يريد فضيلته بالرعيل الأول – فإن ذلك لا يقتضي أن يكون حال من هو مقبل على العمل السياسي من (الإسلاميين) كحال من سبقه، فلا تلازم كما أشرت إليه سابقا. الحاصل أن حكم مشاركة (الإسلاميين) في السياسية يلزم أن ينظر فيه نظرا كليا يسترفد قواعد الشريعة المعتبرة، دون الالتفات إلى العوارض (المفاسد والمشكلات) التي يحتمل أن تعرض لهذه القضية؛ لأن هذه العوارض ليست ذاتية بحيث تطرد في سائر البلدان ومع كل (الإسلاميين) الممارسين لهذه المشاركة، وفي كل تجارب الحركة السياسية (الإسلامية)، وإلا فإن اعتبار ذلك ينشأ عنه إلزام المخالف بما لا يلزمه، والتحجير عليه تحجيرا لا مسوغ له، والذي يتتبع مناقشات المانعيين للمشاركة السياسية واستدلالتهم يجدها تدور حول التعلق بهذه العوارض وإيرادها على المجيزين لاقتحام اللعبة السياسية، وهو مسلك غير رشيد. وبعد؛ فهذا تمام القول في هذه التعليقات التي لا تخرج عن الظن والرأي الذي يستتبع مثله لا محالة، وفوق كل ذي علم عليم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 1- ما زعمه فضيلته من أن القول بالمشاركة السياسية يندرج ضمن فقه الضرورة غير مسلم، إذ لا ضرورة – بالمعنى الفقهي والأصولي للضرورة – تلجئ الإسلاميين إلى المشاركة السياسية، فمناط الضرورة لا يتحقق إلا بانخرام كليات المقاصد الخمس كليا أو جزئيا متى تخلفوا عن المشاركة السياسية، وهذا غير حاصل، وعلى كل حال فهذه مسألة أخرى محل نظر وبحث.