مقدمة : إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قد كلفت في هذا الفصل، بمنهج المؤلف لكتاب غياث الأمم في التياث الظلم للإمام أبو المعالي الجويني رحمه الله و قد كان منهجي في ذلك : هو الاستقراء، وذلك بقراءة الكتاب كاملا ، كلمة كلمة ، وجملة جملة,وفقرة فقرة،قراءة مصاحبة –دامت أكثر من شهر- وتدبر ،من الغلاف إلى الغلاف ، وقد جاءت خطة البحث على هذا النحو: أولا:قسم البحث إلى مقدمة ، وتمهيد وثلاث مباحث وخاتمة. المبحث الأول: الجويني وموضوع كتاب الغياثي . المطلب الأول:الجويني ومكانته العلمية . المطلب الثاني: موضوعه وقيمته العلمية . المطلب الثالث:الهدف من تأليف الغياثي. المبحث الثاني:منهجية الجويني في الغياثي. المطلب الأول:موارد الجويني في الغياثي. المطلب الثاني:أثاره على من بعده . وفي الختام أسال الله الذي جلت حكمته ووسعت رحمته كل شئ أن يمن علينا بالإخلاص والقبول إنه سميع مجيب ، وصلى الله وسلم وبارك على المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين. تمهيد: المبحث الأول: الجويني وموضوع كتاب الغياثي . المطلب الأول:الجويني ومكانته العلمية . أبو المعالي عبد الملك ابن الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي يعقوب يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه، الجويني، الفقيه الشافعي الملقب ضياء الدين، المعروف بإمام الحرمين؛ أعلم المتأخرين من أصحاب الإمام الشافعي على الإطلاق، المجمع على إمامته المتفق على غزارة مادته وتفننه في العلوم من الأصول والفروع والأدب وغير ذلك ،ومولده في ثامن عشر المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة، مات ليلة الأربعاء وقت العشاء الآخرة الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة .([1]) المطلب الثاني: موضوع الغياثي وقيمته العلمية . «غياث الأمم في التياث الظلم»، أو «الغياثي» كما يعرف ، ونسبة هذا الكتاب للجويني لا شك فيها، وكل من ترجم للجويني، يذكره من ضمن مصنفاته. ومعنى العنوان: (الغياث): من الغوث والإغاثة، وهي الإعانة والنصرة عند الشدة. و(الالتياث) هو: الاختلاط والالتفاف، يقال: التاث النبات: إذا التف بعضه على بعض. و(الظُّلَم) بفتح اللام، على وزن كُرَب، جمع ظُلمة: وهو خلاف الضِّياء والنور، وهنا مستعمل على التشبيه. فيكون معنى العنوان: هذا ما تُعان به الأمم عندما تحوط بها المحن، وأخطر تلك المحن أن لا يكون للأمة إمام تأتم به. ([2]) وهذا الكتاب من أواخر ما كتب الجويني، فهو يمثل عصارة فكره السياسي والفقهي. جمع الإمام الجويني رحمه الله أحكام الإمامة؛ لتكون هاديًا ومرشدًا للوزير نظام المُلك الذي كان يتولى زمام الأمور في ذلك الزمان . غير أن الإمام الجويني رحمه الله لم يقتصر على أحكام الإمامة، بل صرح في أكثر من مناسبة أن أحكام الإمامة ليست هي المقصود من الكتاب ، وقد عالج الجويني موضوعات كتابه من خلال ثلاثة أركان: الركن الأول: القول في الإمامة وما يليق بها من الأبواب. والركن الثاني: في تقدير خلو الزمان عن الأئمة. والركن الثالث: في تقدير انقراض حملة الشريعة. ([3]) ويُعدُّ كتاب «الغياثي» من أوائل الكتب التي بحثت فقه السياسة الشرعية بجوانبها السياسية، والعلمية، والاجتماعية، والمالية، والدعوية. وهو كتاب فريد في بابه، حيث إن مؤلفه لم يؤصِّل لمسائل السياسة الشرعية الواقعة فحسب، بل تجاوز ذلك أيضًا ليؤصِّل لمسائل السياسة الشرعية المتوقعة، أي فقه المستقبليات. المطلب الثالث:الهدف من تأليف الغياثي. من أهداف الكتاب : 1-الوفاء بما وعد به نظام الملك من تقديم كتاب يجمع كأحكام الزعامة . 2-توجه إلى غير نظام الملك إلى العلماء والأئمة. المبحث الثاني:منهجية الجويني في الغياثي. سمات منهج إمام الحرمين في الغياثي : * الدقة في التنسيق والترتيب والتبويب . * الإجمال بعد التفصيل. * التفصيل بعد الإجمال . * التفرقة بين المقطوع والمظنون . * الاقتصار على الجديد وعدم حكاية أقوال السابقين . * الإيجاز والميل إلى الاقتصاد. * التأكيد بالتكرار. * التدليل على الرأي الذي يختاره . ([4]) محتويات الكتاب الركن الأول: كتاب الإمامة: وهي ثمانية أبواب: الباب الأول: في وجوب نصب الأئمة وقادة الأمة. الباب الثاني: في الجهات التي تعين الإمامة وتوجب الزعامة. الباب الثالث: في صفات أهل الحل والعقد، واعتبار العدد فيمن إليه العهد. الباب الرابع: في صفات الإمام القوام على أهل الإسلام. الباب الخامس: في الطوارئ التي توجب الخلع والانخلاع. الباب السادس: في إمامة المفضول. الباب السابع: في نصب إمامين. الباب الثامن: فيما يناط بالأئمة والولاة من أحكام الإسلام. الركن الثاني: القول في خلو الزمان عن الإمام. مضمون هذا الفن يحويه ثلاثة أبواب: أحدها: في تصور انخرام الصفات المرعية جملة أو تفصيلا. والثاني : في استيلاء مستول مستظهر بطول وشوكة وصول. والثالث: في شغور الدهر جملة عن وال بنفسه، أو متول بتولية غيره. الركن الثالث: في خلو الزمان عن المجتهدين ونقلة المذاهب وأصول الشريعة وفيه مراتب: المرتبة الأولى: في اشتمال الزمان على المفتين المجتهدين. المرتبة الثانية: فيما إذا خلا الزمان عن المجتهدين وبقي نقلة مذاهب الأئمة. المرتبة الثالثة: في خلو الزمان عن المفتين ونقلة المذاهب. المرتبة الرابعة: في خلو الزمان عن أصول الشريعة. غياث الأمم في التياث الظلم للإمام أبو المعالي الجويني. المصادر والمراجع: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان البرمكي الإربلي (المتوفى: 681ه)، المحقق: إحسان عباس ، الناشر: دار صادر – بيروت. ([1] ) يُنظر: وفيات الأعيان 3/168. ([2] ) يُنظر: الغياثي 1/94. ([3] ) يُنظر: الغياثي 1/89. ([4] ) يُنظر: الغياثي 1/96.