هوية بريس – الجمعة 26 يونيو 2015 "الشيعة إخواننا، ما نجتمع عليه معهم أكثر مما نفترق، يخالفوننا في بعض الفروع، مجرد خلاف مذهبي يسير"… كلمات منذ أطلقها معممو الشيعة في شكل دعوة للتقريب وهي تجد من يروجها من بني جلدتنا ممن يجهل حجم الخلاف، ويغتر بشعارات المخالف، وينخدع بحيل من تسعة أعشار دينه كذب وتقية. إن الخلاف أكبر من أن يستوعب، والخرق أصعب من أن يرقع، معاشر المسلمين، فدين القوم مبني على الكذب والتقية وإظهار خلاف ما يبطنون، وهذا من أعظم العوائق أمام التقريب والتقارب، الذي تسعى له جهة واحدة في مقابل مضي الجهة الأخرى في تحديها له حقيقة، من خلال الترويج للعقائد الذي تزيد من اتساع دائرته واستحالة الجمع بين طرفيه. جمع والتئام يعتبر من الأصول العظيمة في شريعتنا المطهرة، التي جاءت بالوحدة والاعتصام وحذرت من التفرق والاختلاف. وقد تأرجحت فكرة التقارب هاته بين الرد والقبول، فردها من يعلم حقيقة الشيعة ويدرك حجم الخلاف، وقبلها من علم هذه الحقيقة وتوسع في حسن الظن، حتى اصطدم بعوائق تجعل الطريق مسدودا، ووقف على عبث الشيعة ومحاولة استغلالهم ولعبهم بهذه الورقة لتكثير سوادهم واستقطاب المزيد من المتشيعين، ليرجع بخفي حنين من محاولة أظهرت أن لا جدوى منها. ومن ذلك وقع مع الشيخ يوسف القرضاوي -حفظه الله- الذي حمل لواء التقارب حينا من الدهر، قبل أن يقف على الحقيقة ويصرح باستحالة هذه الدعوات، لاعتقاد أغلب الشيعة القول بتعرض القرآن للتحريف، وتقربهم إلى الله بسب ولعن الصحابة رضوان الله عليهم على حد تعبيره. ولنسف فكرة التقارب المزعومة هاته أحببت أن أذكر كل من حمل لواءها ولوح بها ممن أحسن الظن بشعارات القوم الرنانة من إخواننا بفكرتين اثنتين لا ثالث لهما: 1- كون الخلاف بينا وبينهم خلافا في الأصول لا الفروع كما يروج: فالشيعة يخالفوننا في أصل الأصول، من خلال ما يعتقدون من عقائد فاسدة تطعن في الله جل جلاله، حيث يجوزون عليه البداء والجهل، ويطعنون فيه وفي مشيئته وإرادته، وينزلونه منازل لا تليق بمقامه سبحانه، حتى جعلوه يزور الحسين ويقعد معه على سرير، ويلبسون صفاته للائمة، بل ويجعلون بعض الأئمة منازعا لله في بعض خصوصياته، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ويمطرون نبيه صلى الله عليه وسلم بشتى أنواع الإساءات. ولعدم اتفاق أغلب الشيعة على ما ذكر، نتجاوز إلى ما اتفق عليه مما يخالف أصول الإسلام، ويباين قواعده، ويناقض كلياته ومسلماته. مسلمات أجملها علماء الإسلام في القرآن والسنة، وتطبيقهما العملي من أفعال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا مفترق الطرق فالشيعة لا يعتقدون بحفظ القرآن الذي تكفل الحق سبحانه بحفظه، ويطعنون في السنة من خلال تجريح نقلتها، وتكفير رواتها، الذين يريدون إسقاطهم لنسف السنة. أ- الاعتقاد بتعرض القرآن للتحريف: أجمع المسلمون جميعا على أن هذا القرآن الذي بين أيدينا هو الذي نزل به جبريل الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم من غير تبديل أو تحريف، فهو محفوظ بعناية الحق سبحانه القائل في شأنه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9). صيانة وحفظ لم يصدقها معممو الشيعة، الذين سارعوا إلى صناعة روايات تعارضها ونسبتها إلى الأئمة من آل البيت -كذبا وزورا-: – يقول الشيعي أبو الحسن العاملي- من معممي القرن الثاني عشر-: «اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات…» (المقدمة الثانية لتفسير البرهان، ص:62). – ويقرر شيخهم المفيد: «أن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان» (أوائل المقالات، ص:91). – ويضيف نعمة الله الجزائري في أنواره:« إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما، ومادة، وإعرابا، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها» (2/357). – ويؤكد الشيعي سلطان محمد الخراساني هذه العقيدة قائلا: « اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك» (تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة، مؤسسة الأعلمي، ص:19). – وقد حكم البحراني على أخبار وروايات التحريف بأنها « تجاوزت حد التواتر» (مشارق الشموس الذرية، منشورات المكتبة العدنانية-البحرين-ص:126). – وقد ذُكِر في ترجمة الحر العاملي تقريره: «أن القول بتحريف القرآن من ضروريات مذهب التشيع». إذا كان القول بتعرض القرآن للتحريف من ضروريات مذهب التشيع، ومن أسس دين الرفض، فكيف يمكن التقريب والتقارب بين من هذا حاله وبين من لا يصح إسلامه إلا باعتقاد حفظ هذا الكتاب المجيد. ب- تكفير الصحابة والتقرب إلى الله بسبهم ولعنهم: الصحابة حملة الدين ونقلة الشريعة، اصطفاهم الله لصحبة نبيه، فكانوا بحق أهلا لذلك ومستحقيه، رضي الله عنهم من فوق سبع سماوات، لما علم ما في قلوبهم. أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، حفظ الله بهم دينه، فجعلهم حلقة وصل في مسلسل التبليغ النبوي لهذا الدين. ظلت مكانتهم عالية عند جميع المسلمين الذين يعتقدون أن حبهم إيمان وبغضهم كفر ونفاق، ويتقربون إلى الله بحبهم، حتى نشأت ديانة التشيع وملة الرفض التي أرادت الطعن في السنة النبوية، عن طريق تجريح هؤلاء العدول والطعن فيهم. – في تفسير العياشي وغيره، عن أبي جعفر-كذبا وزورا- أنه قال: «كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسي». – ويقول الشيعي مرتضى محمد الحسيني النجفي:«إن الرسول ابتلى بأصحاب قد ارتدوا من بعد عن الدين إلا القليل » (السبعة من السلف، ص:7). – بل قد نقل معممهم المفيد اتفاق الإمامية على تكفير الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين حاربوا علياً فقال ما نصه: «واتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين، وأنهم بذلك في النار مخلدون» (أوائل المقالات، ص:45). – ولم يكتف معممو الشيعة بتكفير هؤلاء القمم العالية، بل شرعوا لعوامهم استحباب لعن وسب هؤلاء الأخيار عقب كل صلاة، وصنعوا لهم أدعية مخصوصة لذلك وأمكنة أفضلها المبال كما في بعض رواياتهم الشيطانية. أي سبيل للتقريب بين من يتقرب إلى الله بحب الصحابة ويقتفي أثرهم وبين من يتقرب إليه-كذبا وتمويها- بسبهم ولعنهم، ويجافي طريقهم. ت- اتهام وتكفير أم المؤمنين: يقول الحق سبحانه: {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (الأحزاب:33). تقرير إلهي بأمومة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين، تلقاه هؤلاء المؤمنون بالقبول امتثالا لأمر ربهم، ورده الشيعة اتباعا لأهوائهم. فقد رفضوا أمومة أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وطعنوا بها فيه، بعد تكفيرها ورميها بما براها الحق سبحانه من فوق سبع سماوات، عائدين لمثل نهوا عنه، منسلخين من ربقة الإيمان ودائرة الإسلام بنص القرآن. – أسند العياشي -وهو من مفسري الشيعة- إلى جعفر الصادق -كذبًا وزورًا- القول في تفسير قوله تعالى من سورة النحل: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} (الآية:92)، بأن: «التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا: عائشة هي نكثت إيمانها». – ويقول الشيعي محمد جميل حمود العاملي: بعدما أخضع ما سرد من نصوص لهواه: « فتحصل مما تقدم: أن عائشة خائنة للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في عقيدته، وخائنة له في فراشه» (خيانة عائشة بين الاستحالة والواقع، ص:115). – ويقول القمي: «مما يدل على إمامة أئمتنا الإثني عشر أن عائشة كافرة مستحقة للنار، وهو مستلزم لحقية مذهبنا وحقية أئمتنا الإثني عشر» (الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين، ص:615). – ويضيف الشيعي البحراني: «على أنا لا نسلم أنها في حياته صلى الله عليه وسلم كانت من المنافقين، لجواز كونها مؤمنة في ذلك الوقت، وإن ارتدت بعد موته صلى الله عليه وسلم، كما ارتد الجم الغفير المجزوم بإيمانهم سابقًا» (الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب، ص:236). أيعقل التقارب مع من ينعت أمك-أخي المسلم- بهذه الصفات فما بالك بأم المؤمنين جميعا، حبيبة رسول الله، التي نزل القرآن في شانها مفندا ومبرئا. 2- نظرة الشيعة إلى أهل السنة: إن ما يؤكد أن دعوة الشيعة للتقارب مع السنة مجرد حيلة نظرتهم لهم، فالشيعة يكفرون جميع المخالفين لدينهم -ويقصدون ضمنهم أهل السنة-، وينعتونهم بأنهم أنجاس يجب تطهير اليد بعد مصافحتهم، ونواصب لا حظ لهم في دين الشيعة إلا الذبح والقتل. – يقول الشيعي يوسف البحراني وفي كتابه "الحدائق الناضرة": «أن الأخبار المستفيضة بل المتواترة دالة على كفر المخالف غير المستضعف ونصبه ونجاسته» (5/177). – وفي "بحار الأنوار" للمجلسي: «أن من لم يقل بكفر المخالف فهو كافر أو قريب من الكافر» (65/281). – ويقول الشيعي الخوئي في "المسائل المنتخبة": « والأظهر أن الناصب في حكم الكافر وإن كان مظهرا للشهادتين والاعتقاد بالمعاد» (ص:56). – ويقول نعمة الله الجزائري في حكم النواصب -ويقصد أهل السنة-: «إنهم كفار أنجاس بإجماع علماء الشيعة الإمامية، وإنهم شرّ من اليهود والنصارى، وإن من علامات الناصبي تقديم غير علي عليه في الإمامة» (الأنوار النعمانية؛ 2/207). تعتبر مسألة التكفير هاته مظهرا من مظاهر العداوة الشيعية، إذ لا ضوابط ولا موانع ولا أعذار في إسقاطها وتنزيلها إذا كان الأمر يتعلق بأهل السنة. – يروى شيخهم محمد بن علي بن بابويه القمي، الملقب عندهم بالصدوق وبرئيس المحدثين في كتابه"علل الشرئع" عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب -أي السني-؟ قال: «حلال الدم، ولكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطًا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل، قلت فما ترى في ماله؟ قال: توه ما قدرت عليه» (ص:601، ط: النجف). – يقول فقيههم الشيخ يوسف البحراني في كتابه "الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة" ما نصه: «إن إطلاق المسلم على الناصب وأنه لا يجوز أخذ ماله من حيث الإسلام خلاف ما عليه الطائفة المحقة- يقصد الشيعة- سلفًا وخلفًا من الحكم بكفر الناصب ونجاسته وجواز أخذ ماله بل قتله» (12/323). روايات تبين الوجه الآخر للتقريب ونظرة الطرف الداعي للمدعوين من أهل السنة، نظرة أهديها لكل من لم يتنبه من المتوسعين في حسن الظن لتجاوز هذه الفكرة عله يستيقظ من سباته ويصدع ألا تقارب مع هؤلاء ولا تقريب.