يوم بعد آخر يرتفع عدد الأشخاص الذين يموتون بفيروس كورونا حول العالم، إذ تجاوز بحلول الأربعاء 128 ألف حالة في 210 دول. وسقوط مزيد من الضحايا متوقع جدا بسبب وجود حالات حرجة بين المصابين الذين تجاوز عددهم المليونين. وبعد دراسة أجريت في ووهان، بؤرة اندلاع المرض في الصين، وجد خبراء أن هناك عوامل مشتركة بين من يموتون بوباء كورونا المعروف علميا باسم كوفيد-19. الباحثون وهم من ثماني مؤسسات علمية في الصين والولايات المتحدة، استندوا في تقييمهم على بيانات 85 مريضا توفوا بسبب فشل أعضاء أساسية في الجسم، إثر إدخالهم المستشفى وهم في مراحل متأخرة من المرض. الدراسة التي نشرت في المجلة الأميركية لطب الجهاز التنفسي والرعاية الحرجة، خلصت إلى خمسة عوامل مشتركة بين هؤلاء المتوفين. الجنس يبدو أن الفيروس الجديد يشكل تهديدا خاصا للرجال. فقد وجد الباحثون أن 72.9 في المائة ممن ماتوا بسبب الفيروس التاجي الجديد "سارس – كوف 2 " كانوا من الذكور. ويعتقد الخبراء أن الأسباب قد تكون متعلقة ببعض الخيارات البيولوجية وغيرها من أنماط الحياة. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، أظهرت عدة دراسات أن النساء يغسلهن أيديهن ويستعملن الصابون، أكثر من الرجال، وهذه المسألة أساسية جدا في مكافحة الفيروس. وقال أكيكو إواساكي أستاذ علم المناعة في جامعة ييل، لصحيفة نيويورك تايمز، إن الرجال قد يكون لديهم "إحساس زائف بالأمان" فيما يتعلق بالفيروس. وللتدخين أيضا دور إذ يؤدي إلى إضعاف الجهاز المناعي. فحسب دراسات، يوجد في الصين أكبر عدد من المدخنين يمثلون ما يقارب ثلث مدخني العالم، ولكن 2 في المئة فقط منهم، نساء. كما أن غالبية المدخنين في بريطانيا من الرجال. ويعاني الذكور الصينيون أيضا من ارتفاع معدلات ارتفاع ضغط الدم والسكري (النوع الثاني) ومرض الانسداد الرئوي المزمن، إذا ما قورنوا بالنساء. كل هذه الحالات يمكن أن تزيد من خطر حدوث مضاعفات بعد الإصابة بالفيروس التاجي. وفي الوقت نفسه، يعتقد بعض الخبراء أن هرمون الاستروجين، (هرمون الأنوثة)، قد يلعب أيضا دورا في حماية النساء. العمر الفيروس التاجي المستجد لا يفرق بين صغير أو كبير. ومع ذلك، فإن كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 60 وما فوق، هم الأكثر عرضة للإصابة بأعراض المرض الخطيرة. ووجد الباحثون أن معدل سن الوفاة بكوفيد-19 هو 65.8 عاما. ويعزو الأطباء السبب إلى الضعف الذي يصيب الجهاز المناعي مع تقدم العمر. وتقول دكتور سارة جارفيس ، المدير العام لمجموعة Patient Access "إذا لم يكن جهازك المناعي قويا، فمن المرجح أن يتغلغل الفيروس بعمق ويتكاثر داخل الرئة، مما يسبب التهابات وجروح". وتضيف لصحيفة "الصن" البريطانية "سيحاول جهازك المناعي مقاومة الفيروس بشدة وسيدمر غالبا أنسجة الرئة السليمة في هذه العملية (التي تسمى عاصفة سيتوكين). هذا يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالعدوى" الثانوية "مثل الالتهاب الرئوي بالمكورات الرئوية". في الواقع، تظهر الأدلة الواردة من الصين حيث نشأ الفيروس المميت، أن واحدا من كل سبعة مصابين تجاوزوا سن ال 80، توفوا جراء المرض. الحالات المزمنة أغلب الذين ماتوا بكوفيد-19 من المشمولين في الدراسة، كان يعانون من حالات مزمنة مثل مشاكل في القلب أو مرض السكري. وقال الباحثون "أكبر عدد من الوفيات في مجموعتنا كان بين الذكور فوق سن الخمسين المصابين بأمراض مزمنة غير معدية". وكشفت دراسة أخرى أجريت مؤخرا أن الشخص الذي يعاني من مشكلة مزمنة واحدة، فإن خطر الوفاة بالفيروس التاجي يزيد لديه بنسبة 80 في المائة. وحذر الخبراء من أن فرص الوفاة تزيد بشدة إذا كان الشخص يعاني من أكثر من مشكلة مزمنة. ومن أمثلة هذه المشاكل، الربو والسرطان والتليف الكيسي ومرض الانسداد الرئوي المزمن، والسكري والإيدز. الوزن الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن بشكل خطير يندرجون ضمن الفئات الأكثر عرضة لخطر الفيروس، وذلك لأن الوزن الزائد أو السمنة يمكن أن يضعف جهاز المناعة. تقول خدمات الصحة في بريطانيا (NHS) إن الأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم (BMI ) يعادل 40 أو أعلى، يكونون أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الفيروس. ووجدت دراسة حديثة أجرتها NHS أن أكثر من 60 في المائة ممن أدخلوا العناية المركزة بمرض كوفيد-19، يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة. ومؤشر كتلة الجسم هو مقياس للدهون في الجسم على أساس الطول والوزن الذي ينطبق على الرجال والنساء البالغين. ومعروف علميا أن الوزن الزائد في منطقة الحجاب الحاجز يضغط على الرئتين ويجعل التنفس أكثر صعوبة، ويقلل نسب الأكسجين الداخل إليهما. أما انسداد الشرايين فيصعب دوران الدم الذي يحمل خلايا المناعة، وبالتالي يقلل مقاومة الجسم في محاربة العدوى. انخفاض خلايا الدم البيضاء وجد فريق الباحثين أن 81.2 في المائة من المشمولين في الدراسة وماتوا بكوفيد-19 كان "لديهم عدد قليل جدا من خلايا الايزينوفيل عند إدخالهم المستشفى". والايزينوفيل هي خلايا متخصصة في الجهاز المناعي ضمن كريات الدم البيضاء تساعد في مكافحة العدوى وتتسبب في حدوث التهابات. وأعرب الباحثون عن أملهم في أن توفر نتائج دراستهم قاعدة أولية تساعد الأطباء على فهم فيروس كورونا المستجد، والتصدي له، بشكل أفضل.