الثلاثاء 16 يونيو 2015 في الأسواق الممتازة تجد الخمور تباع علنا وتراها أمامك تعبر صناديق الأداء، قد اشتراها محمد وعلي والحسين، ثم لا يلفت الأمر انتباهك لأنه عادي ومألوف.. في المدينة تنبت الأبناك في الشوارع كالفطريات، والكل يتعامل معها إقراضا واقتراضا، وعندما يخبرك أحد أنه تدبر المبلغ الفلاني أو اشترى الأمر الفلاني عبر قرض بنكي ربوي فلن تستغرب لأنه أمر عادي ومألوف… عندما يتعرف كل المغاربة على "ميلياردير جديد" اسمه سعيد الزهراوي في الإذاعات والقنوات والجرائد و لافتات الإشهار التي تغزو الشوارع، ثم يعرف الناس أن سعيد أصبح مليارديرا وسعيدا لأنه ربح في القمار، فلا أحد سيستغرب لأن هذا القمار يتم الإعلان عنه وعن نتائجه في نفس التلفزيون الذي ينقل الدروس الحسنية والآذان عند كل صلاة… في الصيف، تصبح الشواطئ ملأى بالأجساد العارية، ولا أحد يستغرب من الأمر لأنه معروف ومعهود… أما أن تتعرى راقصة في التلفزيون فذاك صادم و مشجوب، ليس لعلته التي هي نفسها علة الشاطئ ولكنه لأنه أمر جديد غير مألوف… قد أفهم التخبط والتيه الوجداني الذي يعيشه كثير من شباب اليوم بالنظر إلى هذه التناقضات الصارخة التي تطبع مشاهداته اليومية… تناقضات تُحدث ولاشك شرخا في الهوية وفي الانتماء، فالحرام يكفي أن يكون معهودا مُتَطَبَّعا معه لِتُنزع عنه لافتة الحرام… والدولة الإسلامية ترعى بيع الخمور والترويج للقمار والعري كما ترعى المساجد وتكوين القيمين الدينيين، بل قد تصل الازدواجية أحيانا إلى أن تكتري وزارة الشؤون الإسلامية أراضي الأوقاف لمزارعي القنب الهندي في الشمال وفي الوقت ذاته تؤدي رواتب خطباء الجمعة الذين يخصصون خطبا عديدة للنهي والتحذير من المخدرات… أليست هذه الازدواجية والتيه الهوياتي من أحد أهم أسباب التطرف بنوعيه: الداعشي والإلحادي… من المسؤول عن إحداث الألفة والتقبل النفسي لوجود المرقص على بعد خطوات من المسجد؟ هل في حكم الشرع يمكن أن يكون عاديا أن نعيش في مجتمع مسلم مُطَبِّع إلى هذا الحد مع الحرام ومنغمس فيه ولا نطرح أي سؤال؟ أليس هذا من الخبث الذي إن كثر هلكنا ولو كان فينا الصالحون؟ لا جواب..