هوية بريس – الأربعاء 04 مارس 2015 بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد الأمين وعلى آله وصحبه كل الرضا إلى يوم الدين أما بعد، إن المتتبع للشأن المغربي في هذه الآونة الأخيرة يرى بكل وضوح الهجمة الشرسة التي تتعرض لها اللغة العربية إما بشكل مباشر أو غير مباشر في محاولة إلى وصمها بالجمود وتصنيفها في خانة اللغات الجامدة مع التشكيك في قدرتها على مسايرة التقدم العلمي والتكنولوجي… الخ. ولعل هؤلاء الجاحدين الناكرين حق اللغة العربية ليسوا أسوأ من أولئك الذين كانوا معاصرين للشاعر المفوه العلم حافظ إبراهيم ولعل رده عليهم من خلال قصيدته الموسومة بعنوان اللغة العربية تتحدث عن نفسها خير رد نسوقه لهؤلاء الكسالى لعلهم يتعظون. إن تلكم القصيدة التي نظمها شاعر النيل "حافظ إبراهيم" مدافعا ومنا فحا عن اللغة العربية، تلكم اللغة التي يفتخر بها العرب والمسلمون ويعتزون بها، فهي تحفظ كتابهم وتشريعهم، وتعبر عن علومهم وآدابهم.. حين تعالى الهمس واللمز حولها في أوساط رسمية وأدبية، وعلى مسمع ومشهد من أبنائها واشتد الهمس وعلا، واستفحل الخلاف وطغى، فريق يؤهلها لاستيعاب الآداب والمعارف والعلوم الحديثة، وفريق جحود، يتهمها بالقصور والبلى وبالضيق عن استيعاب العلوم الحديثة.. ولكن حافظاً الأمين على لغته الودود لها يصرخ بوجوه أولئك المتهامسين والداعين لوأدها في ربيع حياتها بأن يعودوا إلى عقولهم ويدركوا خزائن لغتهم فنظم هذه القصيدة يخاطب بلسانها قومه ويستثير ولاءهم لها وإخلاصهم لعرائسها وأمجادها فيقول: رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي***وناديت قومي فاحتسبت حياتي رموني بعقم في الشباب وليتني***عقمت فلم أجزع لقول عداتي ولدت فلما لم أجد لعرائسي***رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي وسعت كتاب الله لفظاً وغاية***وما ضقت عن آيٍ به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة***وتنسيق أسماءٍ لمخترعات أنا البحر في أحشائه الدر كامن***فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي؟! أيهجرني قومي عفا الله عنهم***إلى لغة لم تتصل برواة؟ سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى***لعاب الأفاعي في مسيل فرات فجاءت كثوب ضم سبعين***رقعة مشكلة الألوان مختلفات إلى معشر الكتاب والجمع حافل***بسطت رجائي بعد بسط شكاتي فإما حياة تبعث الميت في البلى***وتنبت في تلك الرموس رفاتي وإما ممات لا قيامة بعده***ممات لعمري لم يقس بممات وختاما أقول أيها القوم أدركوا خزائن لغتكم و صدق حافظ وكذبتم، كيف للغة وسعت كتاب الله لفظا وغاية وهو أعظم كتاب أن تضيق عما دونه كالتعبير عن آلة أو تنسيق لمخترعات التي لا تساوي شيئا أمام عظمه وما يحمله من إعجاز وتحد؟ * مؤطر تربوي.