بعد نحو ست سنوات من الحرب الأهلية بين تحالف "سيليكا" ذو الغالبية المسلمة، ومليشيات "أنتي بالاكا" المسيحية في إفريقيا الوسطى، وقعت حكومة إفريقيا الوسطى، قبل أيام، مع 14 من الحركات المسلحة بالبلاد، اتفاق سلام، في خطوة ترنو إلى صياغة نهاية لأزمة حادة. الاتفاق يعتبر الثامن من نوعه منذ اندلاع الأزمة في 2013، يطرح تساؤلات حول مدى فاعليته أو قدرته على التجسد على رمال متحركة في بلد إفريقي تتقاذفه حمم النزاع منذ سنوات. وفيما يلي، تعود الأناضول، إلى أبرز محطات الصراع الطائفي في وسط القارة السمراء: ** 2013 – 24 مارس: تحالف "سيليكا"، ائتلاف سياسي عسكري ذو أغلبية مسلمة، يطيح بالرئيس فرانسوا بوزيزيه، المسيحي الماسك بزمام الحكم منذ 2003، ويعين زعيمه المسلم ميشال دجوتوديا، رئيسا للبلاد. غير أن وصول دجوتوديا، إلى الحكم شكل صدمة كسرت قواعد اللعبة السياسية التي كانت تتحكم فيها طبقة سياسية تمثل مجموعات عرقية غربي البلاد، فكان أن نشأت في المقابل، مجموعات مسلحة أخرى سمت نفسها "أنتي بالاكا"، ليبدأ الصراع المسلح بين المجموعتين. – 25 مارس: الاتحاد الإفريقي يعلق عضوية إفريقيا الوسطى. – 1 يوليوز: بدء عملية نزع سلاح مقاتلين في تحالف "سيليكا" من قبل "القوة المتعددة الجنسيات في وسط إفريقيا" (تابعة للمجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا). – 8/ 9 يوليوز: مواجهات بين أنصار بوزيزيه والسلطات الجديدة غربي البلاد، تسفر عن سقوط 100 قتيل. – 18 غشت: بدء مرحلة انتقالية تستمر 18 شهرا، بأداء دجوتوديا اليمين الدستودية. – 13 سبتمبر: حل تحالف "سيليكا". – 5/ 6 ديسمبر: بداية العملية العسكرية الفرنسية "سانغاريس"، الرامية إلى إعادة إحلال الأمن في إفريقيا الوسطى. – 5 ديسمبر: مجلس الأمن الدولي يصدر قرارا يجيز نشر قوة دولية لدعم إفريقيا الوسطى، تحت قيادة إفريقية "ميسكا"، لمدة 12 شهرا. – 5 ديسمبر: "أنتي بالاكا" تستهدف بانغي بهجوم مسلح يسفر عن مقتل 138 شخصا. ** 2014 – 10 يناير: دجوتوديا يقدم استقالته من منصبه. – 20 يناير: المجلس الوطني الانتقالي، ينتخب رئيسة بلدية العاصمة، كاترين سامبا بانزا، رئيسة انتقالية للبلاد. 28 يناير: الأممالمتحدة تعطي الضوء الأخضر لنشر قوة أوروبية بإفريقيا الوسطى. – 10 أبريل: مجلس الأمن الدولي يجيز نشر قوة قوامها 12 ألف رجل بداية من سبتمبر 2014. – 23 يوليو: أطراف النزاع في إفريقيا الوسطى يوقعون، بالعاصمة الكونغولية برازافيل، اتفاقا لوقف الأعمال العدائية. 5 أغسطس: استقالة الحكومة. 10 أغسطس: الرئيسة الانتقالية تعين المسلم محمد كامون رئيسا للوزراء. 2015: – 28 يناير: توقيع اتفاق بين ما كان يعرف بتحالف "سيليكا" وميليشيات "أنتي بالاكا"، بالعاصمة الكينية نيروبي، لوقف الأعمال العدائية. جرى الاتفاق أيضا على برنامج لنزع سلاح وتجميع وإدماج المقاتلين السابقين. – 26/ 30 سبتمبر: موجة جديدة من العنف الطائفي تستهدف المسلمين بآخر معاقلهم في بانغي، وتسفر عن مقتل 61، ورئيس الوزراء يعلن من الغد حظر التجوال بالعاصمة. – 29/ 30 نوفمبر: بابا الفاتيكان، فرانسيس، يجري زيارة إلى إفريقيا الوسطى. – 13 ديسمبر: استفتاء على الدستور تخللته أعمال عنف في بانغي. ** 2016 – 14 فبراير: فوستن تواديرا يفوز في الانتخابات الرئاسية. – 7 أبريل: الاتحاد الإفريقي يلغي تعليق عضوية إفريقيا الوسطى. 27 أكتوبر: تجدد أعمال العنف في مدينة بومباري (وسط)، ما أسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل في اشتباكات وأعمال انتقامية. – 31 أكتوبر: نهاية عملية "سانغاريس" الفرنسية بإفريقيا الوسطى. ** 2017 – 7 فبراير: تجدد المعارك في مدينة "أواكا" وسط البلاد. – 23 مارس: في ظل تواصل القتال بين المجموعات المسلحة المتناحرة، بدأت الكنيسة الكاثوليكية والاتحاد الإفريقي مساعي وساطة لإحلال السلام بالبلاد. 24 مارس: هجوم جديد يستهدف مسجدا في حي "الفولانيين" في مدينة "بريا" (وسط). 13 مايو: 115 قتيلا قي هجوم استهدف مدينة "بانغاسو" من قبل مسلحين مجهولين. – 19 يونيو: توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، بالعاصمة الإيطالية روما، بين حكومة إفريقيا الوسطى و14 مجموعة مسلحة بالبلاد. 7 أغسطس: وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، يقول إن "العلامات التي تسبق الإبادة الجماعية" واضحة في إفريقيا الوسطى. – 17 ديسمبر: بعد بضعة أسابيع من الهدوء النسبي، إفريقيا الوسطى تنفجر من جديد. ** 2018 – 9 يناير: استمرار المواجهات المسلحة شمال غربي البلاد في محيط مدينة "باوا" غير بعيد عن الحدود التشادية. – 22 فبراير: 3 قتلى على الأقل وإصابة 7 آخرين في مواجهات طائفية بحي "الكيلومتر 5" في بانغي. ** 2019 5 فبراير: حكومة إفريقيا الوسطى و14 حركة مسلحة يوقعان بالأحرف الأولى، بالعاصمة السودانية الخرطوم، على اتفاق للسلام والمصالحة. 6 فبراير: التوقيع على اتفاق السلام في بانغي. ** تحالف "سيليكا" قوة منبثقة من السكان المسلمين شمالي إفريقيا الوسطى وشرقها، وهي عبارة عن الدرع العسكري لتحالف أحزاب المعارضة بالبلاد، وينتسب إليها معظم المسلمين فيها. نجحت في الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزيه، والذي عانت البلاد في عهده (2003- 2013) من الفساد والتسلط والمحسوبية، علاوة على تركيز السلطة في دائرة عرقية وعائلية ضيقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التحالف لا يتألف من مسلمين فقط، بل يضم أيضا مجموعات أخرى غير مسلمة من معارضي بوزيزيه، وبدأ الائتلاف تحركاته ضد النظام القائم منذ ديسمبر 2012. وبتمكنه من إحكام سيطرته على مدن شرقي البلاد ووسطها، أُجبر نظام بوزيزيه، في يناير 2013، على الدخول في مفاوضات جرى على إثرها تشكيل حكومة وحدة وطنية ضمت قادة المتمردين. غير أن الحكومة سرعان ما انهارت لتسقط البلاد في دوامة من العنف قادت نحو الإطاحة ب"بوزيزيه". ** "أنتي بالاكا" عناصر هذه المجموعات المسلحة من أتباع الرئيس بوزيزيه، وتشكلت منذ سبتمبر 2013، شمال غربي البلاد، ردا على ما قالت إنه "تجاوزات" ارتكبها مسلحون من "سيليكا". وتعرف مليشيات "أنتي بلاكا" أو"مناهضة السواطير" بلغة السانغو المحلية، ب"الميليشيات المسيحية للدفاع الذاتي"، وتضم في صفوفها عددا من جنود الجيش ممن خدموا في عهد بوزيزيه. ** فظاعات بحق المسلمين تبلغ نسبة المسلمين في إفريقيا الوسطى ما بين 15 و25 بالمائة من إجمالي 5 ملايين نسمة، في حين يمثل المسيحيون النسبة الأكبر في البلاد (نحو 45 بالمائة كاثوليك وقرابة 35 بالمائة بروتستانت)، حسب بعض التقديرات. ارتكبت ميليشيات "أنتي بالاكا" فظاعات ضد المدنيين المسلمين، حيث قتلت عددا منهم حرقا، وسحلت آخرين حتى الموت، وأحرقت جثثهم، وبترت أعضاءهم. كما دمرت المساجد، وأحرقت كتب القرآن فيها، وهجّرت أعدادا كبيرة من السكان المسلمين عقب محاصرتهم بآخر معاقلهم بحي "الكيلومتر 5" في بانغي. ووفق تصريحات نقلها إعلام دولي عن السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، سامانثا باور، تعرضت جميع المساجد في إفريقيا الوسطى والبالغ عددها 436 مسجدا، إلى الدمار الكامل. من جانبها، توصلت لجنة تحقيق أممية إلى أن الميليشيات المسيحية في إفريقيا الوسطى، نفذت، خلال الأزمة، عملية "تطهير عرقي" ضد المسلمين، لكنها لم تتوصل إلى دليل على وجود نية "إبادة جماعية"، بحسب تقرير رسمي.