تعاون أمني مغربي-إسباني يفضي إلى تفكيك خلية إرهابية تنشط شمال المغرب وإسبانيا    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ في زيارة تاريخية للمغرب    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني            تراجع معدل التصخم في المغرب إلى 0.7%    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    انهيار سقف مبنى يرسل 5 أشخاص لمستعجلات فاس    مكناس.. رصاص تحذيري يوقف شخص متلبس ب"السرقة" رفض الامتثال    أمن سيدي البرنوصي… توقيف شاب للاشتباه في تورطه بإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة    صفعة جديدة للجزائر.. بنما تقرر سحب الاعتراف بالبوليساريو    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    لقجع يؤكد "واقعية" الفرضيات التي يرتكز عليها مشروع قانون المالية الجديد    السلطات الجزائرية توقف الكاتب بوعلام صنصال إثر تصريحات تمس بالوحدة الترابية لبلده    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    البحرين تشيد بالدور الرئيسي للمغرب في تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقه نبوي غائب..!
نشر في هوية بريس يوم 07 - 02 - 2019

ثلاثة مجالات أو دوائر اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل واحدة منها أسلوبا مختلفا عن الآخر، وعدم تمثلنا التمييز النبوي في هذه الدوائر الثلاث سبب حرجا وارتباكا وخلطا للعاملين في الحقل الدعوي أو السياسي بمرجعية إسلامية، لازالت تداعياته ظاهرة للمراقب المنصف.
ففي المجال السياسي استعمل الرسول القائد أسلوب المفاوضات والمساومة والتنازل والتدرج والتراجع بحسب الأحوال والظروف وموازين القوى..
وفي مجال التشريع والحلال والحرام والعبادات استعمل أسلوب التدرج من دون مفاوضات ولا مساومة ولا تنازل، فقط التدرج..
وفي مجال العقائد لا مفاوضات ولا مساومة ولا تنازل ولا تدرج، رغم أنه وأصحابه كانوا في مكة مستضعفون..
وقبل أن نقدم الدليل على هذا التمييز من سيرته صلى الله عليه وسلم، نحب التأكيد على خطورة الخلط بين هذه الأساليب في غير مجالاتها، وقد وقع هذا من دعاة ومفكرين كبارا، وجر متاعب على الحركة الإسلامية المعاصرة..
فهناك من جمد على مواقفه السياسية لعقود ظنا منه أنها بمنزلة العقائد والمبادئ، رغم اختلال موازين القوى لصالح خصومه، وما جر عليه ذلك وعلى المنتسبين له من فتن وابتلاءات وكان سببا في إغلاق ما كان متاحا للدعاة والمثقفين والمفكرين من مساحات للتواصل مع الناس..
وبالمقابل رأينا من أدرج أسلوب التنازل والمساومة في مجال العقائد فنادى بوحدتها، وزعم أن أهل الديانات على اختلافها مصيبون ليس فيهم كافر، بل الجميع من أهل الجنة..!
كل ذلك باسم التسامح والتعايش بين الملل والنحل والأديان، وهو باطل أريد به حق..!
لا تنازل ولا مساومة في العقائد:
عن عبد الله بن عباس قال خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد تعالى فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم ، فأنزل الله ؛ { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك } إلى : { نصيرا } ..
رواه السيوطي وإسناده جيد.
وأخرج الطبري في تفسيره [24/ 703] وفي تاريخه [ 2/ 337]: قَالَ: " لَقِيَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ، وَتَعْبُدْ مَا نَعْبُدُ، وَنُشْرِكْكَ فِي أَمْرِنَا كُلِّهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي جِئْتَ بِهِ خَيْرًا مِمَّا بِأَيْدِينَا كُنَّا قَدْ شَرَكْنَاكَ فِيهِ، وَأَخَذْنَا بِحَظِّنَا مِنْهُ؛ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِأَيْدِينَا خَيْرًا مِمَّا فِي يَدَيْكَ، كُنْتَ قَدْ شَرَكْتَنَا فِي أَمْرِنَا، وَأَخَذْتَ مِنْهُ بِحَظِّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أعبد ما تعبدون.. حَتَّى انْقَضَتِ السُّورَةُ "..
أسلوب التدرج في التشريع والحلال والحرام
لا يخفى أن هذا الأسلوب معتمد في التشريع، فقد حرم القرآن الخمر بالتدرج في آيات أربع، وأنهى نظام الرق بالتدرج، ولما بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مُعَاذًا إلى اليمن، قَالَ : " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ "..
أسلوب المفاوضات والاستشارة والمساومة في السياسة مراعاة للمصلحة وميزان القوى:
المثال الأول لسياسة المفاوضات في غزوة الخندق لما حوصرت المدينة من كل الجهات واشتد على الناس البلاء، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري، وهما قائدا غطفان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه، فجرى بينه وبينهما الصلح، حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح، إلا المراوضة في ذلك..
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل، بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ، فذكر ذلك لهما ، واستشارهما فيه، فقالا له: يا رسول الله، أمرا نحبه فنصنعه، أم شيئا أمرك الله به، لا بد لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا؟ قال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما..
فلما علم الصحابة أن هذا من باب الاستشارة رفضوا التنازل..
المثال الثاني شروط صلح الحديبية:
أرسلت قريش سهيل بن عمرو لكي يعقد الصلح مع المسلمين، وتكلم سهيل طويلاً، وبعد ذلك اتفق هو والرسول على شروط الصلح، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليا وقال اكتب: (بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ . قال سهيلٌ : أَمَّا الرحمنُ فواللهِ ما أدري ما هو ، ولكن اكتُبْ باسمِك اللهمَّ، كما كنتَ تَكْتُبْ . فقال المسلمون : واللهِ لا نَكْتُبْها إلا بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ . فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اكتُبْ باسمِك اللهمَّ . ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسولُ اللهِ . فقال سهيلٌ : واللهِ، لو كنَّا نَعْلَمُ أنك رسولُ اللهِ ما صَدَدْنَاك عن البيتِ، ولا قاتلْنَاك ، ولكِنْ اكتُبْ : محمدُ بنُ عبدِ اللهِ ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: واللهِ، إني لرسولُ اللهِ وإن كَذَّبْتُموني ، اكتُبْ: محمدُ بنُ عبدِ الله)
وقد تمّ الاتفاق على هدنة بين المسلمين وقريش لمدّة 10 سنوات، رجوع المسلمين إلى المدينة، وأن لا يقضوا العمرة هذا العام، وإنّما تؤدى العام المقبل، إرجاع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من يأتيه من أهل قريش مسلماً دون علم أهله، وألّا تُرجع قريش من يأتيها مرتداً، التفاوض على من أراد الانضمام إلى قريش له ذلك، ومن أراد الانضمام إلى محمد صلى الله عليه وسلم من غير قريش فيجوز له ذلك.
اقتصرنا على بعض النماذج من سيرته صلى الله عليه وسلم، وإلا فقد نوقشت أطروحات في مفاوضاته السياسية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.