جدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، اليوم الاثنين 24 شتنبر بنيويورك، التأكيد على أن المغرب يظل ملتزما التزاما راسخا، بموجب التعليمات الملكية السامية، بحشد الدعم والتأييد المأمولين لمبادرة تكيف الزراعة في إفريقيا مع التغيرات المناخية ("تريبل أ")، لدى الصناديق المانحة الثنائية والمتعددة الأطراف وكذا الخاصة. وذكر الوزير، الذي كان يتحدث في حلقة نقاش نظمتها الأممالمتحدة حول "مبادرة التكيف الإفريقية" من أجل تعبئة الدعم لإفريقيا في مواجهة آثار التغيرات المناخية، بأن مبادرة "تريبل أ" تم إطلاقها تحت قيادة الملك محمد السادس، بمناسبة قمة المناخ "كوب 22" وقمة العمل التي ضمت الرؤساء الافارقة في هذه المناسبة. وفي معرض تطرقه إلى سياق إطلاق هذه المبادرة، أكد بوريطة أنها انبثقت من استنتاج مفاده أن قضايا الزراعة في إفريقيا قلما تؤخذ بعين الاعتبار في المفاوضات الدولية حول تغير المناخ وفي التمويل المخصص للمناخ ، مشيرا إلى أن إفريقيا لم تحظ حتى الآن سوى ب 5 بالمائة من مجموع التمويلات المرتبطة بالمناخ، 4 بالمائة منها موجهة للزراعة، في حين أن الأمر، يقول الوزير، يهم قارة تعاني أكثر من غيرها من آثار تغير المناخ. وأشار الى أن إفريقيا، التي تتوفر على أزيد من 65 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة في العالم، تزخر بإمكانات ضخمة في مجال الإنتاج لتوفير الغذاء للساكنة التي من المرجح أن يتضاعف عددها بحلول سنة 2050، وتوفير فرص العمل والثروات والمداخيل. وأكد الوزير أن الزراعة تتمتع بإمكانيات قوية في مجال حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، خاصة التربة والمياه والغابات والتنوع البيولوجي. وبالتالي يمكن أن تلعب دورا هاما في مكافحة تغير المناخ. وذكر أن مبادرة (تريبل أ) تروم تعزيز مناخ القطاع الزراعي في إفريقيا حيال تغير المناخ، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في القارة عن طريق تعزيز ممارسات التكيف مع التغير المناخي، وجعل تكييف الزراعة في إفريقيا في صلب رهانات المفاوضات حول المناخ وضمان توزيع عادل للتمويل. وفي ما يتعلق بانعكاسات هذه المبادرة، قال بوريطة إنها كانت إيجابية للغاية حيث وحدت صناع القرار السياسي الافارقة والاطراف المعنية الاخرى حول تكييف الزراعة الإفريقية. وتحظى مبادرة تكيف الزراعة في إفريقيا مع التغيرات المناخية بدعم تحالف متعدد الأطراف، يضم 33 دولة إفريقية و10 من المانحين الرئيسيين المتعددي الأطراف والثنائيين (البنك الدولي، وصندوق المناخ الأخضر، ووكالة التنمية الفرنسية، وبنك التنمية الإفريقي، ومنظمة الأغذية والزراعة، وغيرها)، ومنظمات خاصة وغير حكومية، وكذا المجتمع العلمي، ما يعكس، حسب بوريطة، وعيا حقيقيا بتحديات التكييف الزراعي وكذا التزام البلدان الإفريقية في هذا الإطار. واعتبر الوزير أن هذه المبادرة لا تحظى فقط باعتراف الاتحاد الإفريقي وإطاره المرجعي للتنمية الزراعية، المتمثل في برنامج التنمية الزراعية الشاملة لإفريقيا، بل تمثل أيضا العنصر الزراعي في مبادرة التكيف في إفريقيا، التي حملها الاتحاد الإفريقي. وفي هذا الصدد، فقد مكنت مبادرة تكيف الزراعة في إفريقيا مع التغيرات المناخية من إدماج الزراعة كقطاع هام في مكافحة التغيرات المناخية. ومنذ قمة المناخ "كوب 23″، يقول بوريطة، باتت الزراعة قضية محورية في مفاوضات المناخ: إذ يتعين على الأطراف تقديم تقارير عن تأثير التغير المناخي على الزراعة واقتراح أساليب للتكيف، لا سيما في مجال إدارة الأراضي الزراعية. واشار وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي إلى أن المبادرة تستجيب لنداء اتفاقية باريس بشأن التغير المناخي من خلال مساعدة البلدان الإفريقية على تفعيل مساهماتها المحددة وطنيا، مضيفا أن هذه المبادرة وقعت على اتفاقيتين من أجل تطوير مشاريع زراعية مقاومة للتغير المناخي لفائدة سبعة بلدان إفريقية في إطار تفعيل مساهماتها الوطنية. ولم يفت بوريطة التذكير بتوقيع اتفاقية أيضا مع البنك الدولي بغلاف مالي بقيمة مليون دولار أمريكي قدمتها الحكومة الألمانية، تستهدف المغرب ومالي والكوت ديفوار. وقد مكنت هذه الاتفاقية من إطلاق دراسات تحديد الأغلفة المالية لمشاريع زراعية مقاومة للتغيرات المناخية لفائدة هذه البلدان الثلاثة بفضل الخبرة المغربية والدولية، وذلك منذ نونبر 2017. وأضاف أنه تم توقيع اتفاقية ثانية مع البنك الدولي ووكالة التنمية الفرنسية بمبلغ مليون يورو، ستستفيد منها أربعة بلدان إفريقية أخرى، مبرزا أن هذه الاتفاقية ستمكن من إطلاق دراسات تحدد الأغلفة المالية لمشاريع زراعية مقاومة للتغيرات المناخية في أربعة بلدان إفريقية استنادا إلى الخبرة المكتسبة في المغرب ومالي والكوت ديفوار. وأعلن الوزير أنه يتم حاليا تحديد شراكات استراتيجية مع شركاء آخرين بارزين في مجال التنمية على الساحة الدولية، يرغبون في المساهمة في عمل المبادرة، مضيفا أن البنك الإفريقي للتنمية، الذي يتقاسم نفس مقاربة التنمية الزراعية في إفريقيا التي تعتمدها المبادرة، يتطلع لأن يصبح الشريك الرئيسي لهذه المبادرة، عبر شراكة استراتيجية من خلال إحداث مرفق مالي مخصص. وقال بوريطة إن البنك الإسلامي للتنمية يتطلع بدوره لجعل مبادرة تكيف الزراعة في إفريقيا مع التغيرات المناخية رافعة لإنجاز استثماراته في القطاع الزراعي في 21 بلدا إفريقيا يحظى بدعم المؤسسة المالية، مضيفا أنه يطمح لتمويل تنمية قدرات البلدان الإفريقية من خلال هذه المبادرة.