هوية بريس – سامي فسيح يعمد الكثير من المشككين في السُّنة النبوية إلى التشكيك بالدّرجة الأولى في الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، ذلك أنّه روى قرابة 5374 حديثا، ولذلك يُعَدُّ من أكثر الصحابة رواية للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون بهذا على رأس الصحابة المكثرين من رواية الحديث، الذين حصرهم العلماء في التالي: أبو هريرة رضي الله عنه: روى 5374 حديثا. عبد الله بن عمر رضي الله عنه: روى 2630 حديثا. أنس بن مالك رضي الله عنه: روى 2286 حديثا. أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: روت 2210 حديثا. عبد الله بن عباس رضي الله عنه: روى 1660 حديثا. جابر بن عبد الله رضي الله عنه: روى 1540 حديثا. أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: روى 1170 حديثا. وبما أن أبا هريرة أكثرهم رواية، فإن التشكيك به، يعتبر تشكيكا في 5374 حديث رواه رضي الله عنه، كذا ظنوا. وبالتالي فهذا يوفر عليهم الجهد و العناء الكبيرين الذين يبدلانهما لما يحاولون التشكيك في حجية السنة و مسألة امكانية استقلالها بالتشريع. عند تشغيل فيديو أصوات مغاربية، الذي جاء بعد الفيديو الذي ينتقد الإمام البخاري وصحيحه، والذي تناولته بالرد في مقال سابق، عند تشغيله يجد المشاهد أن صاحب الفيديو بقي على نفس المنهج في التدليس والكذب وإنشاء الإنشائيات و الدعوى و الإفتراءات العارية عن الدليل. أولا: أبو هريرة كان يدس الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يتهم صاحب الفيديو الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه بكونه أحد مختلقي وصانعي الأحاديث الذين يلصوقنها بالنبي صلى الله عليه وسلم و يرفعون نسبتها إليه و هو منها براء، بينما يعتبر الناس بسذاجتهم أن أبا هريرة أسدى خيرا للأمة الإسلامية. قلت : هذه دعوى عريضة يا صاحب الفيديو ..تحتاج منك إلى دليل فالكلام العلمي لا محل فيه للإنشائيات و الأحكام المسبقة. وفي الحقيقة إن ما يقدم عليه الكثير من أصحاب هذا التوجه الجدد أصحاب التوجه المعادي للسنة النبوية من محاولة الإطاحة بأبي هريرة، إنما يعد من المحاولات القديمة التي أكل عليها الدهر و شرب، والتي لم يفلح فيها أوائل المشتغلين بهذا التوجه، فقد تكلم المستشرقون وردّ عليهم العلماء بما فيه شفاء للصدور، فلم يدعوا مجالا للطعن فيه، فقد كتب العلامة اليماني المعلِّمي كتابه: "الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل و التضليل و المجازفة"، وكتب د. مصطفى السباعي كتابه: "السُّنة ومكانتها في التشريع"، وكتب د. أبو شهبة كتابه: "دفاع عن السنة من شبه المستشرقين و الكتاب المعاصرين" وغيرها من الكتب النافعة في هذا الباب والتي تطرقت للشبهات حول أبي هريرة رضي الله عنه. أما عن كون أبي هريرة كذابا ومدلسا خدع أمة الإسلامية جمعاء بمروياته، هذه الأمة التي كانت نائمة في سبات عميق لا تدري ما الرواية و لا عرفت منهجا للنقد ولا محصت الرواة، حتى جاء صاحب الفيديو حديث الأسنان فأكتشف هذا الإكتشاف العظيم الذي سيوقظ الأمة من سباتها، ولسان حاله يقول وإني و إن كنت أخير زمانه***لآت بما لم تستطعه الأوائل فعجبا لهذه التقة الممزوجة بهذا القدر العالي من السذاجة و الغباء. هذا إن قلنا أنه أتى بجديد، ولكنه لم يفعل، فصاحبنا نقل الشبهات الواحدة تلو أخرى بدون أن يتساءل أحيانا عن مقدار غباء بعض الشبهات التي نقلها كشبهة الإسم الحقيقي لأبي هريرة و التي ستأتي معنا بعد قليل. إذا أردنا أن نقول أن أبا هريرة كذاب فعلينا أولا أن نرى كم من رواية انفرد بها أبو هريرة عن باقي الصحابة؟ كم من رواية ادعى أنه سمعها وحده من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمعها غيره معه؟ لنرى إذن النتيجة، في مقالة لمحمد عبده يماني بعنوان "أبو هريرة: أمانة الرواية وصدقها"وهو مقال متوفر على الشبكة، يقول: وعندما قمت بنفسي بالتحقق من هذه المسألة بواسطة فريق مختص في الحاسب الآلي ظهرت لنا حقائق مهمة عن روايات أبي هريرة، فعندما تتبعنا رواياته وجدنا ان هناك ما يزيد عن ثمانمائة صحابي وتابعي رووا عنه الحديث وكلهم ثقات، لكن القضية الاساسية التي افادتنا عند استخدام الحاسب الآلي هي انه عندما ادخلت هذه الاحاديث المروية في كتب الحديث الستة وجدنا ان احاديث ابي هريرة بلغت 5374، ثم وجدنا بعد الدراسة بواسطة الكومبيوتر ان المكرر منها هو 4074 وعلى هذا يبقى العدد غير المكرر 1300 وهذا العدد تتبعناه فوجدنا ان العديد من الصحابة قد رووا نفس هذه الاحاديث من غير طريق ابي هريرة هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى وبعد ان قمنا بحذف الاحاديث التي رويت من غير طريق ابي هريرة في كتب الصحاح الستة وجدنا ان ما انفرد به ابو هريرة ولم يروه اي صحابي آخر هو اقل من عشرة احاديث. ثم شاء الله ان نطور العمل في احاديث ابي هريرة فانتقلنا من الكتب الستة الى الكتب التسعة وقد لاحظنا ان الاحاديث في الكتب التسعة المنسوبة الى ابي هريرة هي 8960 حديثا، منها 8510 بسند متصل و450 حديثا بسند منقطع وبعد التدقيق انتهينا الى ان الاحاديث التي رواها ابو هريرة في كل هذه الكتب التسعة بعد حذف المكرر هي 1475 حديثا، وقد اشترك في روايتها معه عدد من الصحابة. وعندما حذفت الاحاديث التي رويت عن طريق صحابة آخرين وصلنا الى حقيقة مهمة وهي ان ما اتى به ابو هريرة مع المكررات في كتب الحديث التسعة هي 253 حديثا، ثم ان الاحاديث التي انفرد بها ابو هريرة بدون تكرار ولم يروها احد غيره في الكتب التسعة هي 42 حديثا، وما زلنا نواصل البحث، لكن هذه الامور وهذه الحقائق ازالت كل تلك الشبه والتهم العقيمة والمغرضة التي كانت تلصق بأبي هريرة ويتهمونه فيها بالاكثار ويقولون عنه رضي الله عنه انه روى 8000 حديث بمفرده.. وبعضهم يقول انه روى 5000 حديث بمفرده.. هكذا دون روية او تدقيق او تمحيص. فيكون بهذا أن أبا هريرة رضي الله عنه انفرد ب10 روايات فقط من كل تلك المرويات التي استكثرها صاحب الفيديو، وإذا جمعنا المرويات التي نسبت إليه في الكتب التسعة نجد أنه انفرد ب42 حديثا من أصل 8960. ثانيا: اختلافهم في أسمائه وقد يتعجب مشاهد الفيديو عندما يسمع ما يقوله هذا الشاب في كون اختلاف العلماء في اسم ابي هريرة سببا في كونه من أغمض الشخصيات في التاريخ، وهذا لعمري سفاهة ما بعدها سفاهة، أو أنه استصغار للعقول و ضحك على الذقون، ذلك أن مسألة الأسماء لا علاقة لها بكون المسمى غامضا أم مشهورا، لأن الكنية تغني عن ما سوى ذلك، فقد اشتهر الكثير من الأعلام بالكنى، وحتى أنك إذا سألت عن اسمه لا تكاد تجد من يعرفه، أما إذا سألت عنه العلماء الباحثين، و المحققين المدققين من البديهي عقلا أن تجد الاختلاف حاصل، فقد حصل الاختلاف في سماء العديد من الصحابة الذين عرفوا بكناهم، وكذا مجموعة من العلماء والشعراء الذين غلبت كناهم على أسمائهم وهم أشهر من نار على علم، ولم يجعلهم هذا من أكثر الشخصيات غموضا كما يزعم صاحب الفيديو. يقول ابن حجر رحمه الله في كتابه الإصابة المجلد 4 الصفحة: 204: "مع أن بعضها -يعني الأسماء التي رويت له- وقع فيه تصحيف أو تحريف، مثل بر و برير و يزيد، والظاهر أنه تغيير من بعض الرواة، وكذا سكن و سكين، والظاهر أنه يرجع إلى واحد، وكذا سعد وسعيد"، ثم قال: "فعند التأمل لا تبلغ الأقوال عشرة خالصة، ومرجعها من جهة صحة النقل إلى ثلاثة: عمير و عبد الله و عبد الرحمن". مما يدل أن الإختلاف فيه في ثلاثة أقوال، بينما هنالك من الصحابة من اختلف في أسمائهم إلى أربعة و خمسة أقوال، ويأبى منكرو السنة إلا أن يسلكوا مسلك التهويل. ثالثا: روايته ل 5374 حديثا جعلته أكثر الصحابة تأثيرا وانا أسأل صاحب الفيديو : متى و أين أجريت هذه الإحصائية التي جعلتك تخلص في آخرها أنه أكثر تأثيرا من الصحابة و أكثر تأثير ازوجات النبي صلى الله عليه وسلم؟ …أما وإني طالب أقضي معظم وقتي بين دفوف كتب الحديث باعتبار الميول و التخصص، فإني والله ما علمت هذا، والذي أعرفه أن الصحابة طبقات و مراتب فضل الله بعضهم على بعض، ولذلك ألف علماءنا كتب الطبقات، جاعلين أبا بكر رضي الله عنه على رأس الصحب الميامين، باعتبار فضله ومكانته فهو أكثر الصحابة تأثيرا، وهو أوفاهم حظا في قلوب الناس. رابعا: من أين أتت كل هذه الأحاديث؟ يتكرر هذا السؤال أحيانا على مسامعنا، والإجابة عنه من أسهل ما يكون، ولنضرب لهذا بمثال: أنا الآن أكتب هذا المقال في الحرم المكي قرب الكعبة المشرفة، زادها الله تكريما و تشريفا و مهابة، بعد صلاة الفجر، على مذكرة هاتفي، والساعة الآن السابعة و النصف صباحا، فأكون بهذا كتبت كل ما مرّ معنا الآن. فإذا أردنا أن نخرج عدد الأقوال التي كتبتها من هذا المقال، قد يخرج كل قارئ منه عددا كبيرا من الكلام الذي قد يصل إلى المئات من المعاني و الألفاظ. فكيف بمجلس تعليمي يعقده النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يعلمهم، فكم من الدرر و الحكم التي سيخرج بها الإنسان من هذا المجلس الواحد؟ فرفقا بعقولنا يا أعداء السنة! هل يعجب صاحب الفيديو من هذا الكم من الأحاديث، والحديث الواحد أحيانا يكون على هذا المنوال: – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)). – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)). – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: ((سبقت رحمتي غضبي)). …إلخ، فهل هذه الروايات يتعجب من كثرتها واستحالة سماعها عن رسول الله كلها؟ فعجبا لهم كيف يهوِّلون الأمور! ثم يستدل صاحب الفيديو، قائلا: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم مكثارا و لا مهذارا. وهذا يُحمل على الهذر و الكلام الفارغ، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان ناصحا، وواعظا و مبشرا و نذيرا، ولا يسكت عن منكر، ولا يؤخر التبليغ عن وقت الحاجة. خامسا: أبو هريرة بين تهديد عمر وتجريح الذهبي يقول صاحب الفيديو كاذبا ومدلسا أن الإمام الذهبي كان يدلس ويلقي أحاديث غريبة بالمئات. وبما أن كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي كتاب ضخم كثير المجلدات فإن صاحبنا يقول: قال هذا الكلام الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء، بدون أن يذكر المجلد و الصفحة و الطبعة، لأن هذا ليس في صالحه، فاجتزاء الكلام واخراجه عن سياقه من أكثر ما يميز أعداء السنة، وقد ذكرني هذا بعملنا في الرد على كتاب الأسطورة، وجدت أن صاحب الأشطورة نسب كلاما خطيرا للإمام الذهبي فعدت للتأكد فوجدت أن الإمام الذهبي أورده ناقلا إياه ثم انتقده بعد ذلك، فإلى متى سنصبر على هذا الكذب والتدليس و التزوير؟ قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء الجزء 2 الصفحة 603: قال أبو هريرة: ((بلغ عمر حديثي، فأرسل إلي، فقال: كنت معنا يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت فلان؟ قال: قلت: نعم، وقد علمت لم سألتني عن ذلك، قال: ولم سألتك؟ قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"، قال: اما إذًا فاذهب فحدث)) (سير أعلام النبلاء للذهبي ج 2 ص 603). فهذا عمر الذي يحاول صاحب الفيديو تصويره لنا بصورة الرجل الذي يحارب الرواية، والذي يشبع الرواة ضربا بعصاه، فإلى أي حد يمكن أن نعتبر هذا صحيحا؟ إن عمر رضي الله تعالى عنه، سلك مسلك التثبت والحيطة في الرواية كأبي بكر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين، ولذلك تجد منهم من يطلب شاهدا آخر ليقبل الرواية ومنهم منينحوا منحى التقليل منها، ومنهم من يطلب من الراوي أن يقسم بالله أنه أمين في نقله، وهذا قبل ظهور ما نسميه "بعلم الحديث" الذي يعنى بنقد الروايات، أي أن بوادر التثبت بدأت منذ عهد كبار الصحابة رضوان الله عليهم، وأكثر ما يروى عنهم في هذا الصدد سنده ضعيف، ومن هذا ما جاء به صاحب الفديو وهو يظن أنه اتى بالقاصمة، وهو يعلم أو لا يعلم أن ما جاء به لا يقوى ليكون دليلا وحجة بسبب ضعف الإسناد، فأعداء السنة بمنهجهم هذا المتخبط لا يقبلون الروايات الصحيحة ويعتبرونها كذبا، بينما يقبلون الروايات الضعيفة و يستشهدون بها إذا خدمت مصالحهم، ومن هذا ما روي من تهديد عمر بن الخطاب لأبي هريرة رضي الله عنه: لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لألحقنك بأرض القردة. يقول المعلمي رحمه الله تعالى معلقا على هذه الرواية في كتابه "الأنوار الكاشفة" ص: 153: هذا وسند الخبر غير صحيح، ولفظه في البداية ((قال أبو زرعة الدمشقي حدثني محمد بن زرعة الرعيني حدثنا مروان بن محمد حدثنا مروان بن عبد العزيز عن اسماعيل بن عبد الله عن السائب إلخ)) ومحمد بن زرعة لم أجد له ترجمه، والمجهول لا تقوم به حجة، وإسماعيل إلا أن يكون إسماعيل بن عبيد الله (بالتصغير) بن أبي المهاجر فثقة معروف ولكن لا أدري أسمع من السائب أم لا؟ وفي البداية عقبه ((قال أبو زرعة: وسمعت أبا مسهر يذكر عن سعيد بن عبد العزيز نحوا منه لم يسنده)) أقول سعيد لم يذكر عمر ولا السائب، هذا ومخرج الخبر شامي، انتهى. فبهذا يكون هذا ااخبر غير صحيح، ولا دليل فيه لصاحب الفيديو على ما قاله. ونأتي الآن لمسألة استخلافه : روى عبدالرزاق بسند صحيح عن معمر عن أيوب عن محمد بن سيرين: أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه، فقال أبو هريرة: فقلت: لست بعدو الله وعدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما، قال: فمن أين هي لك؟ قلت: خيل نتجت، وغلة رقيق لي، وأعطية تتابعت، فنظروا، فوجدوه كما قال، فلما كان بعد ذلك، دعاه عمر ليوليه، فأبى، فقال: تكره العمل، وقد طلب العمل من كان خيرًا منك يوسف عليه السلام، فقال: يوسف نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة، وأخشى ثلاثًا واثنتين، قال: فهلَّا قلت خمسًا؟ قال: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حلم، وأن يُضرب ظهري، ويُنتزع مالي، ويُشتم عرضي. ألم يرى صاحب الفيديو ما جاء في الحديث من كونهم نظروا فوجده كما قال؟ فالله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله. سادسا: تمويل بني أمية لأبي هريرة يقول المعلمي في الرد على هذه الشبهة التي أثارها أبو رية في "الأنوار الكاشفة" ص: 207 : ويزعم أبو رية -من وحي شيطانه- أن بني أمية هم أقطعوا أبا هريرة وبنوا مسكنه بالعقيق وبذي الحليفة ، ويجعلها أبو رية فصورا و أراضي، وأعجب من ذلك زعمه أنهم زوجوه ابنة غزوان. وينعى على أبي هريرة أنه كان ممن نصر عثمان (وتلك شكاة ظاهر عنك عارها)، ويزعم أنه مال إلى معاوية، وهذه من وحي الشياطين وتقولات الرافضة و القصاصين، ولا نثبت لأبي هريرة صلة بمعاوية إلا أنه وفد إليه بعد استقرار الأمر له كما كان يفد إليه بنو هاشم وغيرهم…وأحاديث أبي هريرة في فضائل أهل البيت معروفة وكذلك محبتهم لهم وتوقيره وشدة إنكاره على بني أمية لما منعوا أن يدفن الحسن ابن علي مع جده صلى الله عليه وسلم وقوله لمروان في ذلك: ((والله ما أنت بِوال، وإن الوالي لغيرك، فدعه، ولكنك تدخل فيماعم يعنيك، وإنما تريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك)) يعني معاوية. راجع البداية 108/8، ومن المتواتر عنه تعوذه بالله من عام الستين و إمارة الصبيان، كان يعلن هذا ومعاوية حي، وذلك يعني موت معاوية وتأمر ابنه يزيد وقد كان ذلك عام الستين بعد موت أبي هريرة بمدة، انتهى. وجاء في موقع طريق الإسلام الحديث عن شيخ المضيرة أبي هريرة على الرابط التالي :a href="http://iswy.co/e3qmh" target="_blank" rel="noopener nofollow" data-ft="{"tn":"-U"}" data-lynx-mode="asynclazy" data-lynx-uri="https://l.facebook.com/l.php?u=http%3A%2F%2Fiswy.co%2Fe3qmh&h=ATMH7Z3is09v7wMIwesvEpAerAtBSXIdrabe8z5izRrFSHthWFqJm0vSf_rS7OU6kS3oAZjqHfKRsJX0KtPJr9qQ5dxF7jw0ne4cflJLB-KjWUBBWNWCuK7K_IQzXmTz5pVPqu4"http://iswy.co/e3qmh " أما نقله أنه كان في أيام صِفِّين يصلي خلف الإمام علي عليه السلام ويجلس على مائدة معاوية فيأكل معه، ولما سئل عن ذلك أجاب: مضيرة معاوية أدسم، والصلاة خلف علي أفضل وأتمّ، ولذا اشتهر بشيخ المضيرة، وأنه اعتزل القتال مع الفريقين، فهذه قصة توجد في بعض كتب الأدب من غير إسناد، وذكرها الزمخشري في: "ربيع الأبرار" وابن أبي الحديد في: "شرح نهج البلاغة"، وهما ينقلان من الروايات ما يوافق مذهبيهما ولو بلا إسناد، كما أنه لم يشتهر بهذا إلا عند أصحاب الأهواء، ولئن سلمنا بصحة القصة جدلاً فليس فيها نقيصة له عند التدبر والإنصاف، أما تنقله بين الفريقين أثناء الحرب فهذا يدل على أن كان أهل ثقة منهما؛ فلم يخش أحدٌ من الفريقين تجسسه لحساب الفريق الآخر، وأما قوله "أن الصلاة مع علي أتم"، على مائدة معاوية فيدل على قوة الشخصية وصدعه بالحق، ولو أنه كان يريد الطعام لَداهَن في ذلك، مع كونه قد صار غنياً في ذلك الوقت؛ لما قدمنا من قصته من سفره إلى البحرين أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أيام عمر رضي الله عنه. أما اعتزاله القتال فلا يدل على الجبن، بل يدل على أنه اختار التوقف عن القتال مع أحد الفريقين، وهذا قد فعله كثير من الصحابة، منهم عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة". سابعا: حفظه و حرسه رضي الله عنه إن كون أبي هريرة أكثر الصحابة رواية، هو حرصه على ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم، و حرصه على الأخذ من الصحابة رضوان الله عليهم ما تعلموه منه صلى الله عليه وسلم، قال طلحة بن عبيد الله لما سئل عن حديث أبي هريرة: ((والله ما نشك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع، وعلم مالم نعلم، إنا كنا قوما أغنياء لنا بيوتات وأهلون، وكنا نأتي الرسول صلى الله عليه وسلم طرفي النهار ثم نرجع، وكان هو مسكينا لا مال له و لا أهل وإنما كانت يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم و كان يدور معه حيث ما دار، فما نشك أنه علم ما لم نعلم وسمع مالم نسمع)) البداية الجزء 8 الصفحة 109. وقد قال ابن عمر رضي الله عنه: ((أنت يا ابا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه)). المصدر نفسه. وقد قالت له عائشة رضي الله عنها: أكثرت الحديث، فقال إني والله ما كانت تشغلني عنه المكحلة و الخضاب، ولكني أرى ذلك شغلك عما استكثرت من حديثي، قالت: لعله. المصدر نفسه. كذا قالت: "لعله" أي اقرارا منها له بزيادة العلم في الأمور التي لا يمكن أن تدركها بصحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم خارج خلواته، أما عن الكلام المفترض الذي أضافه صاحب الفيديو ناقلا من أبي رية وهو يظن أنه من كلام عائشة إنما أنت الذي شغلك عن رسول الله بطنك، وألهاك نهمك عنه، حتى كنت تعدوا وراء الناس في الطرقات تلتمس منهم أن يطعموك من جوعك، فينفرون منك ويهربون. فما هو رأيكم في هذا الكذب و التزوير؟