هوية بريس – تقديم وترجمة: ادريس كرم هذه الدراسة الهامة المعنونة ب"المغرب في الأدب الفرنسي"، والتي وصفها صاحبها "بولاند ليبديل" ب"تمهيد مختصر"، جاءت كما وصفها مختصرة، لكن ما يلاحظ عليها عدم تطرقها لأدبيات الغزو العسكري الذي أرفق البحث العلمي بالتقدم الحربي لتفادي الأخطاء المرتكبة في الغزو الجزائري، حيث حارب في مجال مجهول كما تقول أدبيات تبرير تقدم الباحثين الفيالق العسكرية لغزو المغرب. هذا الغزو الذي بدأ مع احتلال وجدة 1907م، ومهاجمة القبائل المحيطة بها، وكذلك الصحراء الشرقية، وواحات فكيك وتافلالت، ثم الدارالبيضاء، فالشاوية وزعير، وما رافق ذلك من أبحاث منوغرافية وإثنوغرافية وتاريخية، وجغرافية، وطبوغرافية، والتي نشرت إما كتبا أو دراسات في العديد من الدوريات التي أحدث بعضها لهذا الغرض، من قبيل المستندات المغربية، ثم البربرية، ومجلة العالم الإسلامي، وغيرها من المنابر التي أعدت لتسهيل مهمة القوات الغازية، والتقليل من التكاليف المالية والبشرية لإرساء التهدئة بالبلاد، عبر ضباط الشؤون الأهلية بعدما تعذرت عبر الحسم العسكري. نص الدراسة إنها في العموم تقارير لسفارات بعثت من ملوك فرنسالسلاطين المغرب، حيث كان هؤلاء المبعوثون يسجلون مشاهداتهم أثناء إنجازهم معاهدات الصداقة والتجارة، وتسريح المأسور من النصارى المقبوض عليهم من قبل سفن سلا، أو سبتة، أو تطوان. ويعتبر كتاب "les voyages fameux du sieur vincent" المحرر من قبل بيير برجرو في سنة 1608 أول الكتب التي ضمت بعض الارتسامات التي مست مملكتي فاس والمغرب. وكُتب جان موسكي عن أسفي ومراكش أي الجناح الغربي من مملكة فاس والمغرب سنوات 1617-1632، وقد تم وقتها توقيع اتفاقية مع السكان بإطلاق سراح المعتقلين الفرنسيين. أما رونالد فري فقد كتب سنة 1670 كتبا تتعلق بمملكة فاس ومراكش في عهد مولاي رشيد، وتوقيع اتفاقيات تجارية، وأخرى لتحرير الأسرى المسيحيين من قبل السلاويين سنة 1654. كما كتب موييت كتابا عن كيفية اعتقاله في الشاطئ المغربي واحتجازه لمدة إثني عشرة سنة في عهدي مولاي رشيد ومولاي اسماعيل، وقد تعرض فيه لكثير من العادات والتقاليد. أما سفير لويس الرابع عشر للبلاط المغربي فقد رمم كثيرا من العلاقات مع الإمبراطورية المغربية حيث كتب على إدارة الدولة المغربية، والعادات، والدين، والسياسة سنة 1695، في حين كتب دوميسين بيسنو عن فترة حكم مولاي اسماعيل من خلال ثلاث رحلات لمكناس وسبتة لافتكاك الأسرى سنة 1714. الأب دان كتب حول قراصنة مدن الجزائر وتونس وطرابلس كتابا موثقا سنة 1637، تحت عنوان "histoire du Barbaric"، في نفس التوجه كتب فلاي ماكار voyage Dans les etats Barbaresques سنة 1785، يتعلق برسائل مسيحيين رجعوا من الأسر. الدول الأوروبية تصرفت بحيوية من أجل وضع حد لهذه القرصنة، فهوجمت سلا من قبل بارجة فرنسية، وأمضى الكونت بروكنو سفير لويس الخامس عشر اتفاقا مع السلطان يقنن وضع الفرنسيين بالمغرب ويمدد سلطة قناصلتنا، وقد قام الأب شنير في هذه الفترة بكتابة مؤلف بعنوان: l,histoire de l,empire du Maroc سنة 1787. بعد هذه المرحلة ستختفي كتابات الأسرى، جرائد follie1782 وbrisson1780 وsauguir1791 استطاعت نشر فصول خاصة لكتاب كانوا ضحايا حوادث بحرية، وليست قرصنة بربرية. حالة استعباد المسيحيين أغلقت، بعدما ساد الهدوء في علاقاتنا مع المغرب الذي دخل في الذهنية السياسية للكتاب والرحالة والسفراء الذين يحتكون بهذا البلد.
تجلى ذلك في عدد من المناسبات، ففي سنة 1804 استقبل سفير مغربي من قبل هابدي في سان كلو، وفي نفس السنة تم كتابة arlequin a maroc في ثلاثة أجزاء، تحدث فيه عن الحدود الناتجة عن غزونا للجزائر، في 1844 أعلنت الحرب مع المغرب على الحدود الجزائرية، قصيدة شعرية أحيت مناسبة قنبلة طنجة وموكادور أي الصويرة، من قبل الأمير جوانفي، في نفس التاريخ ظهر كتاب ضخم tableau de la guerre Des francais Dans l,empire Du maroc قدم تفاصيل العمليات في البحر والبر المرافقة لقنبلة طنجة ومعركة إسلي والاستيلاء على موكادور، به معطيات ميدانية موثقة عن المعركة، وكذا الاستيلاء على معسكر الإمبراطور المغربي في معركة إسلي، في هذا المجموع المؤلف سنة 1845. أما في الأدب، فهناك رواية متخيلة ل"ديدير" بعنوان: le chevalier robirt1844 تدور وقائعها في طنجة، مسرحية للزوجين كونيلهاك بعنوان: les jolies filles Du maroc، إثنان أو ثلاثة رحلات للمغرب كتبت في نفس الوقت من قبل: (راي، ديدير، أليكسندردوماس)le maroc est la mode ثم عاد الصمت من جديد. لكن الصعوبات عادت على الحدود المتاخمة لوهران في 1859 ياريارت مراسل monde illustre المرافق لكلون مارتنبري نشر سنة 1863 ذكرياته الحربية، ورحلته تحت عنوان sous la tente باينيت بوردنشر les drames Du desert1863 حول حياة العرب في الحدود المغربية، غزو فكيك وواد كير 1870، الكولونيل كولونيو من جهة والجنرال ويمبفين من جهة أخرى، رويا وقائع مختلفة عن العمليات التي قاداها. بيكاتي مسرح les exploits d,un officier Francais au Maroc1870، أشيل فيلياس تبعها بكتابات recite militaires1880، تناول فيها جزئيات تحركاتنا الحربية، وكريستيان ذكر في كتاب جامع الغزوات والانتصارات والعثور على فرنسيين في الإمبراطورية المغربية والصحراء منذ احتلال الجزائر. المغرب دخل في العصر الحاضر من تاريخه، بدء الصراع الدبلوماسي بين الدول الأوربية حول انتزاع الامتيازات بالإمبراطورية الشريفة، بشكل عام فإن الكتب التي ظهرت حول البلد في هاته الفترة ما تزال من قبيل الرحلات أو بالأحرى كتابات سفراء لدى السلطان. وزيرنا المعتمد بطنجة حيث يقيم السلك الدبلوماسي بالمغرب توجه عند السلطان لتقديم أوراق اعتماده، الدكتور بليشير حكى في كتاب له بعنوان 1875un voyage Au maroc زيارة ممثلنا الدبلوماسي بطنجة توسوت لمكناس، كما ترك كتابا حول المقارنة مع موريطانيا الطنجية 1876 بعد بضع سنوات من ذلك. فرنويل قدم من فاس رواية مناظرة 1878، وفي سنة 1885 كتب القبطان اركمان رئيس البعثة العسكرية الفرنسية بالمغرب le maroc moderne. كما نورد كتاب كامبو بعنوان un empire qui croule 1886. دوفري مع وزيرنا فيرود تابع بدوره le chemin des ambassadees بطنجة ومكناس وفاس 1886، لكن أحسن وصف لهذه الرحلة وذاك الاستقبال ما قدمه كابريال شارم الذي وثق جزء من رحلة البعثة في كتابه un ambassade au marac1887، وأخيرا بيير لوتي ملحق بمفوضية باطينوطر نشر تحت عنوان au Maroc1896، وكان أول كتاب جيد في كتب الرحلات عن فاس ضم مقابلة مع السلطان، وكان أول كتاب ملون شد فضولنا. المغرب الذي روقب منذ زمان بنجاح مزيف وحظ سيء، بقي بالرغم من عملنا الدبلوماسي الذي جاء بأنصاف البحوث عن طريق قناصلتنا وضباطنا بلدا مغلقا في وجه علم الجغرافيا. فلا يتعجب من أنه بمجرد ما سمحت الظروف حملت جهودنا المعرفة الحقة عن هذا البلد الصعب الاختراق، فبمجرد نجاح المفاوضات الدبلوماسية بدأت الاستكشافات الجغرافية من خلال سفريات هاردي رغم المصاعب التي لاقته، وشار دفوكو الذي كتب reconnaissance au maroc1888، وموريلاس الذي كتب 1895-1899le rif et les djbala، ثم الماركيز دسيكونزاك الذي تجول في سوس وقلب الأطلس وحدد مساره بدقة سنوات 1901/1903/1905/1910، هيكو لرو كتب prisonniers marocain1903، وكتب فيرداند aventures d,un fracais au maroc1905. لويس جانتي الذي رافق دسيكونزاك في مهمته الثانية سجل استكشافه في بلاد السيبة 1906، وأخيرا جاكيتون نشر مذكراته اليومية في الرحلة التي قام بها للمغرب سنة 1909. في 1907 قمنا باحتلال وجدة والشاوية، وفي 1912 تم توقيع معاهدة الحماية بفاس؛ اتساع حركتنا السياسية والعسكرية قوبل باتساع بحثنا العلمي خاصة فيما يتعلق بالأهالي وبلادهم بصفة عامة، فكتب دوتي en tribu1914، وأوبين 1904-1914 le maroc d aujourd,hui، وسوفين le maroc il y a cent ans1911 dans les fers du maghreb1912. المغرب القديم بدأ في الاختفاء وبدأ الجديد، فبدأ الرحالة يسجلون ذلك، كتب نفار un voyage au maroc1913، وجورج جاري كتب les derniers berberes1913، ولويس روسيل كتب sur les confins du Maroc1913، وقد تم تسجيل مذكرات المرافقين للاختراقات العسكرية الأولى أو القائمين بها من العسكريين والمدنيين حول الأرض والسكان والجغرافية والتاريخ والتجارة والصناعة والخدمات والمعتقدات، مثل مارتين في souvenires du Maroc1919، وبول شاتونيير في visite le grande atlas marocain1917، ولويس توماس في legoundafa et le souse1918، ورودان في lemaroc orientale aux confin de pays. وقد كتب الجغرافيون المحترفون حول أودية الأطلس المتوسط مثل ما فعل شاطرون وسيليريير 1924، وباصي وطراس حول حرفِ طلبة المزارات وقلاع الموحدين 1924. حركة الفضول والغرائبية التي كانت واضحة لصالح المغرب منذ السنوات الأولى لاختراقنا تلاحقت طبعا مع احتلالنا الفعال للبلد، مكن من تصنيف ما كتب لثلاث اهتمامات كبرى، أدبيات الحرب، وأدبيات السياحة، وأدبيات الهجرة. التصنيفات الكتابية التي ولدت مع عملياتنا العسكرية بالمغرب، توبعت معها، سواء من إنتاج الضباط الذين نزلوا بالبلاد في الدارالبيضاء سنة 1907 أو من الصحفيين المعتمدين لدى قيادة الأركان لمتابعة مجريات الحرب صحبة الجنود المقاتلين لاختراق الداخل سواء في الشاوية أو في بني يزناسن بعد احتلال وجدة سنة 1907. نذكر في هذا الصدد: ديلهاي، بوردون، كاهن، والقبطان أزان، والجنرال دماد. مع أولى معارك الشاوية ظهرت كتابات إميل نولي، والقبطان ديطانجي وكتبgens de gure au maroc 1912، وكتاب بيير كورات en colonne au maroc1912، كما نستحضر ما كتب حول التهدئة بفاس من قبل كابرون وهوبر 1912-1913، ومعارك أعالي كير وبني يزناسن وملوية. بصفة عامة المراسلون الحربيون كانوا طلائع المستكشفين الزوار للمغرب منذ بداية الغزو. قبل تواجد الحماية أو مباشرة بعد توقيعها، قامت جرائد المتربول الكبرى بإرسال مراسلين للمغرب، فزار اندري شوفريون فاس وكتب un crepuscule d,islame1909، إتيان ريش فنان انطباعي مغرم بكل البلاد البعيدة ترك voyage au maroc1909 غني بأفكار مختلفة، متهيلدزييز قام برحلة ساحلية طويلة 1912، بورينك خط esquisses marocaines1912-1013، وأحسن ما كتب في هذه الفترة هو ما دونته السيدة لادرييت دلشاريير في رحلتها لمراكش قبل الحماية 1910-1911بعنوان: le leng des pistes moghrebines. الحرب الأوروبية سجلت توقف الكتابة السياحية، لكن سريعا ما رجعت الحركة التأليفية، فنشر الكونت بيرينك منوغرافية 1917-1918، حفزت على السفر نحو المغرب، ابتدأها أندري شفريون بكتاب marrakech dans les palmes1919، الإخوة طارود صوروا الحياة الأهلية ببراعة بعدما تذوقوا جمالية الوقت في الرباط والمجتمع الفيودالي بمراكش وسط عصرنة البلاد، فظهر لهما كتابا rabat ou les heures marocaines1920 وmarrakech ou les seineures de l,attlas1921، ثم أضافوا كتابا حول البرجوازية بفاس بعنوان: fes ou les bourgeois De l,eslame1925، وفي سنة 1922 صدر لرابي كتاب بعنوان: sur la rives de bouregregs، وكتاب لطايلس le nouveau maroc1923، وفي سنة 1923 صدر لصادلي كتاب a travers le maghreb، وفي نفس السنة صدر لزمرمان paysages et villes du maroc، وكذا كتاب كريش au maroc، وفي سنة 1925 أسدر أميي كتاب le Maroc hier et aujourd,hui، في نفس الحين ظهرت بعض الدراسات الأكثر تقدما لننسي جيورج أعاد الإغراء بالتدقيق من خلال le maroc la rouge1922، وبيير دايالذي كتب حول تغير البلد في كنف الحماية بعنوان: le maroc s,eveille1924. هناك أيضا بعض الكتب يجب إدراجها هنا بالرغم من ظهورها بمظهر أدب الرحلات مثلles esclaves de mequines1924 لنانسي جورج، من ظهورها بمظهر أدب الرحلات، وكتب لو كلاي (recites marocainsde la plaine et de monts,badda fille berbere, le chat aux oreilles perees,itto 1920- 1923)، وتقرير كبير حديث ككتاب ليتي كوربيير لمازيير المعنون l,hallali1920، وكتاب طارد le maroc,ecole d,energie1923 يتعلق بالإدارة المحلية، وكتاب au pays du paradoxe1924، يظهر جمال المغرب الذي حافظنا عليه بمجهودنا. كتب بالرباط في أكتوبر 1925م. (انظر bulltin de l,enseignement puplic1925؛ ص:387-402).