هوية بريس – السبت 06 شتنبر 2014 منذ البدء ينبغي التقرير أن دعاة التطبيع لا يقلون إجراما عن العدو الصهيوني الذي يقترف كل جرائم الحرب، وجرائم الإبادة، والجرائم ضد الإنسانية، هذه الجرائم التي نهديها لهم في طبق إجرامهم الدموي، ويزيد الإجرام إجراما عندما نجدهم لا يكتفون بمساواة المجرم بالضحية، بل يتهمون الضحية بظلم الظالم، وهذا من أعتى الظلم، لأنه "شرعنة" لظلم الظالم، وإدانة لحق المظلوم. يشتمني ويدعي أن سكوتي معلن عن ضعفه، يلطمني ويدعي أن فمي قام بلطم كفه، يطعنني ويدعي أن دمي لوث حد سيفه، فأخرج القانون من متحفه، وامسح الغبار عن جبينه، أطلب بعض عطفه، لكنه يهرب نحو قاتلي وينحني في صفه(1). ما هوالتطبيع؟ التطبيع هو تغيير ظاهرة ما، حتى تتفق في بنيتها وشكلها واتجاهها مع ما يعده البعض «طبيعياً». وقد ظهر المصطلح لأول مرة في المعجم الصهيوني، للإشارة إلى يهود العالم الذين كان يعتبرهم الصهاينة شخصيات طفيلية شاذة، منغمسة في الأعمال الفكرية، وفي الغش التجاري، ويعملون في أعمال هامشية مثل الربا، وأعمال مشينة كالبغاء. وقد طرحت الصهيونية نفسها على أنها الحركة السياسية والاجتماعية التي ستقوم بتطبيع اليهود، أي إعادة صياغتهم حتى يصبحوا شعباً مثل كل الشعوب. ومع إنشاء اللقيطة الصهيونية اختفى المصطلح تقريباً من المعجم الصهيوني بسبب الحاجة الماسة لدعم يهود العالم لها . إلا أن المصطلح عاود الظهور مرة أخرى في أواخر السبعينيات من القرن الماضي بعد توقيع مؤامرة إصطبل داود. بيد أنه طُبِّق هذه المرة على العلاقات المصرية الصهيونية، إذ طالبت اللقيطة الصهيونية بتطبيع العلاقات بين البلدين، أي جعلها علاقات طبيعية عادية، مثل تلك التي تنشأ بين أي بلدين، كالعاهرة المنغمسة في البغاء إلى أذنيها، مطالبة جيرانها، بالتعامل معها كشريفة عفيفة. ولأن المومس لا تعرف للحياء سبيلا، فقد اشترطت اللقيطة الصهيونية على باقي الدول العربية التطبيع السياسي والاقتصادي لتحقيق السلام في الشرق العربي. أهداف جريمة التطبيع إن الهدف النهائي لجريمة التطبيع هو الوصول إلى عقل المواطن العربي ووجدانه، وضرب المناعة النفسية لديه، ودفعه للقبول بالآخر «الصهيوني» ضمن شروطه التي يفرضها هو في عصر جبروته، والترويج لفكرة المشاركة معه في كل المجالات والقطاعات، كأن شيئا لم يكن: كأن أرضا لم تحتل، وكأن شعبا لم يهجر، وكأن قرى لم تقتلع، وأراضي لم تصادر، وبيوتا لم تغتصب أو تهدم، وعائلات لم تشرد، ومجازر لم تقترف، وأطفالا لم يختطفوا ويسجنوا ويعذبوا ويغتالوا، وأشجار زيتون لم تستأصل، ومساجد ومستشفيات ومدارس لم تقصف. ومن أهداف جريمة التطبيع أيضا انعكاسه الحتمي على المناهج المدرسية، الملزَمة بإجراء تغييرات فيها، تتناسب والاتفاقيات المعقودة(2). لأن التطبيع في المجال الثقافي، كما تنطوي عليه المخططات الصهيونية، يستهدف في تطبيقه العملي، إعادة كتابة التاريخ الحضاري للمنطقة العربية، من خلال تزييف العديد من الحقائق، وطمس البديهيات التاريخية المتعلقة بالطريقة الاستعمارية الاستيطانية التي أقحمت اللقيطة الصهيونية في الوطن العربي كسرطان ينخر جسد الأمة، وكأخطبوط يهيمن على هويتها، كما يهدف التطبيع إلى التوقف عن تدريس الأدبيات والوثائق والنصوص المعادية لليهود واللقيطة، ولو كانت القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الصحيحة، فضلا عما دونهما. كل هذا الاغتيال الوجودي للأمة، ومجرمو التطبيع لازالت لهم وجوه يظهرون بها ليدافعوا عنه، بل يودون أن يجرم الداعي لتجريم التطبيع. إن الدعوة لجريمة التطبيع، لا تمنع اليهود من الإيغال في وحشيتهم، ولو تقية، فمنذ بدء العدوان اليهودي على غزة، والأطفال وجبات يومية في موائد قتلهم: على الشاطئ، وعلى أسطح المنازل، وفي البيوت على موائد إفطار رمضان، وفي مدارس الأنوروا التابعة لهيئة الأمم الغربية التي لاذت هي والويلات الأمريكية، والانقلاب المتصهين في مصر، بالصمت المطبق، وبعد لأي، دعوا «جميع الأطراف»(3) لاحترام القانون الدولي، هذا القانون الدولي الذي يهرب نحو قاتل الأطفال ليقف في صفه، لأن اللقيطة الصهيونية قاتلة الأطفال، في عرفه، تدافع عن نفسها، وكتائب المقاومة التي تدافع عن شعبها، بقتل عسكر اليهود، منظمات إرهابية. لقد بلغ بإجرام اليهود في غزة أنهم منعوا الأهالي والهلال الأحمر من إجلاء الجثث، خصوصا في خزاعة، حتى أنتنت، ولازال العالم يتحدث عن رغبة اللقيطة في السلام، الذي تسعى من ورائه إلى التطبيع. إن دعاة جريمة التطبيع قد انكفأوا على جرمهم، طيلة أيام العدوان الطويلة، والتي تجاوزت الخمسين يوما بيوم، فلا تحس منهم من أحد، ولا تسمع لهم ركزا، لأن حليفتهم الصهيونية تحرجهم في العلن، كما كانت تفعل ذلك في الخفاء، ومع ذلك فهم بجريمة التطبيع متشبثون، لأنهم لا يكتفون باغتيال أجساد أفراد الأمة، بل يتمنون اغتيال الأمة معنويا وحضاريا ووجوديا. إن كل مشاهد الدماء والدمار والآلام والمآسي والمجازر والفظائع التي عاشها أهلنا في غزة، والتي يندى لها جبين الإنسانية، إن بقي للإنسانية وجود، تجاه ما يحدث للمسلمين في غزة، كل ذلك هدايا نقدمها لمجرمي التطبيع. وإذا كانت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان قد طالبت الحكومة المغربية ب«فتح تحقيق حول كل «القيادات الصهيونية» التي تحمل الجنسية المزدوجة الصهيونية والمغربية، في المؤسسات الصهيونية، واتخاذ التدابير اللازمة لسحب جنسيتها المغربية، فإن تقريرا بريطانيا، صدر منذ بضعة أشهر، يكشف النقاب عن قائمة طويلة للدول التي اشترت أسلحة من شركات صهيونية، من ضمنها المغرب والجزائر ومصر والإمارات وتركيا». فكيف يتم تقديم مساعدات لأهل غزة باليد اليمنى، وذبحهم باليد اليسرى؟ ما هذه الازدواجية؟ كيف يستقيم التنديد في العلن، والتطبيع في الخفاء؟ إن النظام الرسمي الغربي قد حسم أمره، واعتبر جريمة التطبيع ضرورة تاريخية، لا مفر للفلسطينيين والعرب والمسلمين منها. فهذه فرنسا، «مهد الحريات، وحقوق الإنسان»!! تمنع المظاهرات في باريس، للتنديد بالعدوان الهمجي الصهيوني، وتلك بلجيكا تفرض جريمة التطبيع بالإكراه، إذ تابعت قضائيا إسماعيل بلعالي الشاب المغربي الحامل للجنسية البلجيكية، بدعوى «التمييز والتحريض على الكراهية»، لمجرد أنه رفع العلم الفلسطيني وسط شوارع بروكسيل، ولم تر الكراهية التي تحملها قنابل وصواريخ طائرات إف 16. على النظام المغربي أن يثبت أنه ليس ذي وجهين، وأولى خطوات هذا الإثبات، هو احترام القانون الذي سطره، والمتمثل في تفعيل نص القانون الجنائي المغربي الذي يدل على أن كل فعل له وصف جِناية ارتكبه «مواطن» خارج المملكة يمكن المتابعة من أجله والحكم فيه داخل البلاد. وآخر الهدايا التي نقدمها لمجرمي التطبيع هو هذا الانتصار الباهر، للجهاد الغزاوي بقيادة كتائب عز الدين القسام، على الرغم من التضحيات الجلى التي قدمها الشعب الفلسطيني المسلم في غزة، والتي توجت بهدنة طويلة الأمد(4)، رافقها رفع فوري للحصار، وفتح للمعابر، وسماح بالصيد في مياه غزة بعمق ستة أميال بحرية، مع وعد بإنشاء مطار وميناء. كثيرا ما تغنى مجرمو التطبيع بمزايا العدو الصهيوني، وتفرده في المنطقة العربية، إلا أن العدوان على غزة المستضعفة أبان عن هشاشة المجتمع الصهيوني، الذي لم يكتف بالنزوح داخليا، بل هاجر وهجر «الوطن الموعود» إلى الخارج أيضا. كما كشف عن زيف حرية الإعلام فيه لما تم حصاره، وفضح حقيقة «الجيش الأخلاقي»، الذي لا يمت لأي خلق إنساني بأي صلة. كما أزال القناع عن كنه الاقتصاد الصهيوني الذي في ظرف أقل من شهرين تم تقليص ميزانيات سائر الوزارت، حاشا الوزارات الأمنية، إلى مابين 5 و10%، فضلا عن انهيار المنظومة الأمنية التي تعيش عليها اللقيطة، مما أدى إلى انهيار السياحة. 1- أحمد مطر. 2- مجلة البيان/الدكتور عدنان أبو عامر/التطبيع.. سلاح الصهاينة الجديد لاختراق المنطقة [بتصرف]. 3- جمعا للضحية والجلاد، والظالم والمظلوم في خانة العدوان. 4- إذا لم ينقض اليهود العهد كما هو ديدنهم عبر التاريخ.