تتوسع دائرة انتشار ثقافة اللجوء إلى القضاء من طرف المواطنين ضد المؤسسات العمومية نتيجة الأضرار التي تلحقهم بسبب ضعف جودة الخدمات، وعدم الصمت عن أمور كان المتضررون في السابق يغضّون عنها الطرف، إما تلافيا للدخول في "متاهات القضاء"، أو لأسباب أخرى. في الأسبوع الماضي، أصدرت المحكمة التجارية بمدينة مراكش حكما جديدا ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية، قضى بمبلغ عشرة آلاف درهم لفائدة مواطن رفع دعوى قضائية ضد المكتب إثر تأخر قطار سافر على متنه عن موعده المحدد لمدة ساعتين، ما دفعه إلى اللجوء إلى القضاء. وجاء الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش بعد أن رفع مواطن دعوى قضائية ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية إثر توقف قطار كان على متنه، يوم 28 مارس الماضي، ولم ينطلق إلا بعد مرور ساعتين من الزمن، وهو ما اعتبره المواطن المتضرر، الذي يشتغل محاميا، إخلالا بالتزام مكتب السكك الحديدية إزاء المسافرين، وبالتالي التسبب في تأخره عن الالتحاق بعمله. وفي واقعة مماثلة، سبق للمحكمة التجارية بالرباط أن حكمت سنة 2020 لفائدة الفاعل الحقوقي والإعلامي إدريس الوالي بتعويض بقيمة خمسين ألف درهم، بعد أن رفع دعوى قضائية ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية لتضرره من تأخر القطار الذي كان سيستقله من مدينة الرباط إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء لمدة زادت على ساعة وربع الساعة. وشهدت الفترة التي كانت فيها أشغال تهيئة سكة القطار فائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء، وتثنية سكك أخرى، ذروة تأخر القطارات، وتراجعت حدة التأخر بعد انتهاء الأشغال، غير أن عددا من المواطنين لا يزالون يعتقدون أن موعد انطلاق ووصول قطارات المملكة إلى وجهتها لم يرقَ بعد إلى مستوى الانضباط المطلوب. في المقابل، قال مصدر من المكتب الوطني للسكك الحديدية إن القطارات "لا تتأخر عن مواعيدها إلا في حالات طارئة، كما هو الحال في جميع بلدان العالم"، مضيفا أن التأخر ينجم إما عن وجود أشغال تقتضيها صيانة السكة الحديدية، أو في حال سرقة أسلاك التيار الكهربائي، أو وقوع حادث ما". وذهب المصدر ذاته إلى القول إن المكتب الوطني للسكك الحديدية يتتبع بشكل مستمر وتيرة انتظام انطلاق ووصول القطارات، وإن "النسبة المئوية المحققة في هذا الإطار جيدة"، مضيفا: "ليس صحيحا أن القطارات تتأخر، إلا في حالات استثنائية كما ذكرت، وهذا أمر عادي يحدث حتى في الدول المتقدمة".