ما يقع في المشهد الدولي يعكس بما لا يدع مجلا للشك أن وضعية حقوق الإنسان بالعالم أصبحت تتدهور بشكل ملحوظ والدليل على ذلك استفحال مجموعة من الجرائم المركبة من قبيل جرائم الاتجار في البشر التي لا يمكن الوقوف عندها دون وضع اليد على مفاهيم كالعبودية وأزمة الشغل وقانون الغاب والفقر . فلا يمكن الحديث عن جريمة الاتجار في البشر التي تظل ضمن الجرائم المنظمة بامتياز حيث لا يمكن تصور ارتكابها من قبل شخص واحد على خلاف جرائم الإرهاب في بعض الحالات و ذلك دون الحديث عن جرائم التهريب والهجرة السرية والاتجار في الأعضاء البشرية وجرائم التمييز و جرائم تبييض الأموال وجرائم الاتجار في المخذرات. فهذا النوع من الجرائم لايمس فقط النساء والأطفال بل يمس أيضا الذكور . فهؤلاء الضحايا يتم استغلالهم بسبب فقرهم المدقع ورغبتهم الملحة في الحصول على لقمة العيش مما يبرر بشكل غير قانوني وغير إنساني تطورها في مجالات شتى كالدعارة والعمل القسري وغيرها. فالاتجار في البشر جريمة ذات خطورة بالغة وتعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان المدنية فهذه الجريمة التي تعتبر شكل من أشكال العبودية العصرية تقوم على ثلاث عناصر: • طبيعة الأفعال الجرمية التي ترتكب ويتعلق الأمر على سبيل المثال بنقل الضحايا إلى أماكن بعيدة عن أماكنهم الأصلية • الوسائل المعتمدة في ارتكاب هذه الجرائم كالتهديد والأساليب الاحتيالية والتزوير • الغاية والهدف وراء ارتكاب هذه الجريمة والذي يتمثل في جني أرباح مادية خيالية نتيجة استغلال الضحايا فلقيام هذه الجريمة لابد من إثبات جميع العناصر المذكورة أعلاه المتعلقة بالأفعال والأساليب والغاية رغم أن هذا النوع من الجرائم أثبتت التجارب أنها لا تصل إلى السلطات المختصة إلى عن طريق شهادات وتصريحات الضحايا. وللإشارة فمن ضمن المؤشرات القوية الدالة على استفحال هذا النوع من الجرائم والتي تعتبر من بين الأمارات والعلامات التي تساعد على التأكد من وجود هذا النوع من الجرائم من عدمها سواء في البلدان النامية والمتقدمة يمكن ذكرها على سبيل المثال وليس الحصر فيما يلي: • استغلال الأطفال والعاجزين في التسول والسرقة • استغلال النساء في الدعارة • الوضعية الصحية وخاصة النفسية للضحايا. • عدم أداء أجرة محترمة أو أجرة ضعيفة مقابل الشغل. • عدم توفر الضحايا على الوثائق الشخصية الخاصة بهم. • خضوع الضحايا لسلطة المتاجرين في البشر وبقائهم تحت مراقبتهم المستمرة. • ارتداء لباس واحد لفترة كبيرة وطويلة . . تضييق حرية تنقل وتجول الضحايا. فالوقاية من هذا النوع من الجرائم ومحاربتها يظلان دون جدوى إذا لم يتم الوقوف عند أسبابها الجذرية علاوة على الأبحاث اللازمة لمعرفة من يساهم في انتشارها واستفحالها. فهذه الخطوة تبقى ناقصة إذا تم استثناء حماية الضحايا قبل وخلال وبعد اكتشاف هذا النوع من الجرائم بغية تيسير انخراطهم في حياة جديدة. ومن باب التلخيص وليس الخلاصة فإن هذه الظاهرة سبق وأن أشار إليها الزعيم غاندي بشكل غير مباشر عندما تحدث عن الرذائل القاتلة السبعة وهي: 1. الثروة بدون عمل 2. المتعة بدون ضمير 3. العلم بدون إنسانية 4. المعرفة بدون شخصية 5. السياسة بدون مبادئ 6. التجارة بدون أخلاق 7. العبادة بدون تضحية فالقضاء غلى هذا النوع من الجرائم هو المدخل الأساسي لتحقيق السعادة لفئات عريضة من الضحايا وغيرهم خاصة وأن القضاء له ارتباط وطيد بالسعادة وبالتالي بالحياة.