بعد 726 يوما ، وآلاف الخطب، و عشرات المقابلات الحوارية، انتهى السباق الذي وصف بالتاريخي، نحو البيت الأبيض الأمريكي، بفوز أول مرشح من أصول أفرو- أمريكية بمنصب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية . "" غير أن من يعتقد أن الفترة الفاصلة بين الإعلان عن رئيس الولاياتالمتحدة القادم ، و تسلم هذا الأخير لمقاليد السلطة بشكل رسمي، ستكون فترة عطلة لرئيس الولاياتالمتحدة الحالي " جورج بوش " ، ولخلفه " باراك أوباما "، سيكون بدون شك قد جانب الصواب. فكما جرت العادة بذلك بالنسبة لرؤساء أمريكا السابقين ، لن ينعم الرئيس " بوش " بالراحة ، خلال فترة ال77 يوما المتبقية له على رأس البيت الأبيض. إذ غالبا ما كان يستغل الرئيس المنتهية ولايته، هذه الفترة ، لتمرير بعض القوانين والتشريعات ، و تعيين القضاة بالإضافة إلى منح العفو الرئاسي لبعض المساجين ذوي العلاقات الخاصة مع الرئيس ، أو حزبه ، أو من يدور في فلكهما. وحسب أستاذ القانون بجامعة " كولومبيا " الأمريكية ، السيد " دوكلاس برمان " ، يمكن للرئيس " بوش" عمليا ، فعل كل ما يريده ، خلال الفترة الممتدة الى حين التعيين الرسمي للرئيس الجديد ، إذ ليست هناك أية قيود تشريعية ، تحد من صلاحيات الرئيس الأمريكي خلال الفترة المتبقية له ، يضيف ، أستاذ القانون " بيرمان ". وأثبت التاريخ الحديث، أن عددا من الرؤساء الأمريكيين ، استغلوا هذه الفترة لمنح عفو رئاسي لبعض الشخصيات ، رغم تورطها في قضايا حساسة نسبيا، ورغم الانتقادات التي وجهتها وسائل الإعلام لهم . فقد حال "جورج بوش" الأب ،خلال فترة مماثلة لهذه ، دون سجن وزير الدفاع الأسبق " كاسبر واينبرغر" ، رغم تورط هذا الأخير في قضية الإخلال بالقسم و الواجب في ملف فضيحة الصفقة مع إيران خلال أواسط الثمانينيات من القرن الماضي . وبدوره ، أثار الرئيس الأسبق " بيل كلينتن " موجة من الغضب في أمريكا ، حين عمل على تبييض الملف الجنائي ، لمجرم الضرائب " فرانك ريتش" ، لكونه زوجا لإحدى النساء التي تدعم الحزب الديمقراطي ماليا ، كما قام " بيل كلينتن " ، في اليوم الأخير من ولايته على البيت الأبيض الأمريكي، بمنح رقم قياسي من العفو رئاسي ، بعفوه عن 140 سجينا ، كان من بينهم شقيقه ، الذي أدين بتهمة حيازة المخدرات ، وعدد من المتورطين في قضية العقار " وايت واثر " ، التي لعب فيها الرئيس دورا آنذاك. وفي نفس السياق، يتوقع عدد من المهتمين في الولاياتالمتحدة ، ان يقوم الرئيس " بوش" ، بدوره ، بتقديم عفو رئاسي لصالح معاونه السابق " لويس ليبي " المدان في قضية الإخلال بالواجب الوظيفي ، بعدما قام بتسريب معلومات عن إحدى موظفات جهاز الاستخبارات ، بعدما قام زوجها بنشر تقرير يفيد بأن تصريحات ال" س آي إي " حول أسلحة الدمار الشامل في العراق كانت ملفقة. وبغض النظر عن هذه الممارسات التي دأب الرؤساء الأمريكيون على القيام بها ، مستغلين قرب انتهاء ولايتهم ، لا ينتظر ، أستاذ القانون " بيرمان " ، أن يقوم الرئيس " بوش" بعمل كبير خلال الشهرين الأخيرين من حكمه. ويقول " بيرمان " بهذا الخصوص : " إن سمعة " بوش" قد تضررت منذ مدة ، كما أن مؤشر تقدير الأمريكيين و غيرهم ، لهذا الرئيس ، لم يسبق لها أن كانت بهذا الانخفاض " ، لذلك أعتقد أن " بوش " سيحاول أن يقضي هذه الفترة الانتقالية ، بنوع من الهدوء ، فربما ستكون تلك فرصته الاخيرة كي يدخل التاريخ كرجل دولة ". أما بالنسبة للرئيس المنتخب " أوباما " ، فيرى الخبير الأمركي في شؤون البيت الأبيض " ماتا كومار " ، أن فترة الشهرين اللذان يفصلانه عن الرئاسة الفعلية لأمريكا ، سيقضيها في تعيين حوالي 7 آلاف موظف ، وهو أمر بالغ الحساسية و الدقة ، لأن هذه الآلة البشرية ستشكل في مابعد العمود الفقري لحكومة " أوباما " . ويضيف الخبير الأمريكي " ماتا كومار " بالقول أن السرعة و الحنكة التي سيظهرها الرئيس الجديد في تشكيل فريق عمله ، تكون ، في الغالب ، فكرة أولية عن مدى نجاحه مستقبلا في إدارة أكبر دولة في العالم ، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يجتازها الأمريكيون في الوقت الراهن .