تفاعلا مع الأصوات المطالبة بتشديد المراقبة على الآبار العشوائية والثقوب المائية المهملة أو غير المرخص لها التي زاد عددها في السنوات الأخيرة بسبب موجات الجفاف وقلة التساقطات، تُواصل سلطات جهة بني ملالخنيفرة تعبئتها في صفوف الساكنة، وخاصة الفلاحين، من أجل تحصين هذه الآبار وتقنينها حفاظا على سلامة المارة. وذكرت مصادر هسبريس أن سلطات بني ملال أقدمت بعد فاجعة الطفل ريان الذي قضى نحبه في ثقب مائي في قرية إغران ضواحي شفشاون في الخامس من فبراير المنصرم، على ردم مجموعة من الآبار والحفر العشوائية بنفوذ مختلف المقاطعات الإدارية بالمدينة، كما أصدرت تعليمات صارمة من أجل إغلاق الثقوب المهملة. وأضافت المصادر ذاتها أن السلطات بالأقاليم الخمسة استنفرت أجهزتها لمراقبة المزارعين الذين يلجؤون إلى حفر آبار بدون ترخيص، كما أوصت بتشديد الخناق على الشركات التي تتورط في عمليات الحفر غير المستوفية للشروط القانونية المعمول بها، مستغلة أحيانا ظروف الأسر والفلاحين في وضعيات هشة. من جهتها، تُصر فعاليات المجتمع المدني على تمديد زمن الحملات التعبوية للتصدي للحفر العشوائي، داعية إلى تبسيط المساطر والإجراءات التي تتطلبها عمليات الحفر، مع إعادة النظر في الرخص التي سبق منحها لبعض الآبار، أو على الأقل تحيينها للنظر في مدى احترامها للقانون. وفي هذا الصدد، أوضح البوهالي مستريح، فلاح من بني موسى، أن انتشار الآبار العشوائية وغير المرخص لها كان سائدا في السنوات الماضية، أما خلال العشرية الأخيرة، وقبل حدوث فاجعة الطفل ريان، فإن ممثلي السلطات المحلية يحرصون على تطبيق القانون، وأغلب الحالات الاستثنائية تكون في مناطق جبلية أو بعيدة عن مراقبة السلطة وأعوانها. وقال مستريح: "ليس هناك عشوائية في هذا المجال بإقليم لفقيه بن صالح، إنما هناك نوع من التساهل المشروع لفائدة الفلاح الذي يحفر ثقبا مائيا ولا يجد به ماء فيضطر إلى الحفر في مكان آخر بدون إغلاق الحفرة الأولى أو تحصينها، ربما عن غير قصد"، مشيرا إلى أن المشكل يتجلى في اختيار مكان الثقب، حيث لا يستأنس الفلاح بخبرة مكاتب الدراسات المختصة في المجال. وأضاف المتحدث ذاته أن الوضع العام الذي يمر منه الفلاح باعتباره رجل أمن غذائي، "يتطلب من الجميع، كل من موقعه ومسؤوليته، تكثيف الجهود لتخطي تداعيات هذه المرحلة الحرجة التي يمر منها القطاع الفلاحي حاليا"، موردا أن "ما يميز هذا الموسم الفلاحي عن غيره، ليس شح التساقطات المطرية والثلجية فحسب، إنما أيضا تراجع مستوى الفرشة المائية بشكل مخيف". من جانبه، قال الناشط الجمعوي أمين لحلو إن المسؤولية في هذا الوضع، "لا يتحملها الفلاح أو جهة بعينها، إنما فرضتها التغيرات المناخية التي أفرزت ظروفا مأساوية وتسببت في تراجع الفرشة المائية، ما يتطلب مبادرات آنية لضمان استقرار الوضع، خاصة بالمناطق التي اجتاحتها موجة الجفاف مبكرا". وأضاف أمين، في تصريح لهسبريس، أن الفلاح مع حصر الآبار المهجورة والثقوب المائية، لكنه يصر على تقديم بدائل من شأنها دعمه للتجاوب مع مقترحات الدولة، خاصة في الجانب المتعلق بالإسراع في ردم الآبار المهجورة وغير المحصنة التي تستدعي آليات تفوق إمكانياته، خصوصا خلال هذا الموسم الذي تكبد فيه خسائر بالجملة بسبب الجفاف. وفي سياق متصل، ذكر مصدر رسمي من سبت أولاد النمة لهسبريس أن سلطات الفقيه بن صالح طلبت من أعوان السلطة مدها بجرد شامل لكافة الآبار بمختلف المناطق القروية والمراكز الحضرية، كما أصدرت تعليمات بردم الآبار والحفر المهجورة، وإغلاق الآبار المستعملة بالأقفال وتسييجها، ضمانا لسلامة المواطنين، مضيفا أن عمليات مهمة قد تمت في هذا الإطار.