جرى هذه الأيام نقاش على هامش التصريح الذي أدلى به المخرج السينمائي نبيل عيوش يفتخر فيه بأن الدماء التي تجري في عروقه دماء يهودية . و الحقيقة أن كلام عيوش لا يعنينا في شيء و لم يكن مثار اهتمام لدينا إلا فيما يتعلق بالاختيارات الصهيونية و التطبيعية لصاحبه و ذلك مجال آخر . لكن الذي يعنينا هنا هو تعليق، في الموضوع، للصديق فؤاد عبد المومني الذي، وهو مناضل تقدمي و حداثي، أصبح الأمر يختلط عنده حتى أنه وجد نفسه يتحدث هو الآخر بلغة " الدماء " الأنقى ؟! يقول فؤاد بصفحته على الفايسبوك : J'adore quand il déclare، يقصد عيوش : " Voilà pourquoi je suis marocain, que mon cœur est palestinien et que le sang qui coule dans mes veines est juif " و ترجمة معنى الكلام هي أن فؤاد يحب، درجة الإعجاب عيوش عندما يقول أنه مغربي و قلبه فلسطيني و أن الدم الذي يجري في عروقه دماء يهودية . لا يهمنا في شيء أن ندخل في أي مناقشة مع عيوش و حقيقة قلبه، أقصد " الصهيوني " . و لا يهمنا أن يتحدث عن طبيعة دمائه كما يتمثلها . فهذا غير غريب عن مثله الذي لا يجد حرجا في الدعاية للصهيونية تحت ستارات فنية . و لكن الذي يهمنا هو هذا التطور في خطاب المناضل فؤاد عبد المومني الذي أمسى يتحدث هو الآخر بلغة التصنيف الدموي . لست خبيرا في الكمياء . لكن الذي أذكره فيما تلقيته من مادة العلوم الطبيعية قبل 40 سنة هو أن الدم البشري يتكون من كويرات حمراء و أخرى بيضاء و سائل البلازما . عند الصيني و عند الهندي، عند الألماني و عند البرازيلي أو الغاني .. عند الأمازيغي أو العربي .. عند المسلم أو البودي أو عند من لا يؤمن بأي دين .. عند الرجل و عند المرأة .. عند الطفل أو الشيخ .. لا فرق .. صحيح أن هناك تصنيف آخر للدماء على أساس " الريزوس "، لكنه تصنيف عمودي يخترق كل الفآت و لا علاقة له بالسن أو الجنس أو اللون أو المعتقد . كنا سنفهم و نتفهم لو يتم الافتخار بالفكر اليهودي، و لو أن الفكر هو الآخر إنسانيٌّ يكاد لا يختلف عن الدم . كان يمكن، لدواعي " الأنتربولوجيا " القبول بهكذا تصنيف، لاسيما و أن عددا من المفكرين و العلماء اليهود و كذا تاريخ العبرانيين لا يمكن تجاهل إسهاماتهم في الحضارة الإنسانية . لكن أن يعود الحديث عن نوع الدماء التي تجري في العروق، فهذا ليس له إلا معنى واحد هو؛ العنصرية البغيضة. و أتصور ماذا سيكون رد فعل فؤاد لو أن أحدا تحدث عن الدماء العربية أو الدماء الإسلامية مثلا . نحن على يقين أن صديقنا فؤاد، بحكم فكره و قناعاته و تاريخه النضالي المحترم أبعد ما يكون عن العنصرية، رغم أنني في وضع محير حقا Perplexe حين أقرأ له بداية حديثه عما يسمى " إسرائيل " و بداية التباس اليهودية La judaité و الصهيونية عليه . نحن نربأ بفؤاد أن يكون نسي الطبيعة الاستعمارية الاحتلالية، فضلا عن وحشية جيش حرب ما يسمى "إسرائيل"؛ هذه الطبيعة المسؤولة عن تشريد ملايين الشعب الفلسطيني في مخيمات البؤس و المهانة و الضياع في دول الجوار و الشتات بدون أي وضع قانوني . ملحوظة : استرعى انتباهي أيضا في التفاعل مع تغريدة فؤاد، تعليق للمناضل التقدمي عبد الله زعزاع الذي تخلى عن التحليل المادي الجدلي و عاد للتحليل الإنقسامي = Segmentaire المتخلف . يقول السي عبد الله؛ " اليهود أشقاؤنا و الفلسطينيون أبناء عمومتنا " حسب ما تعلمه من والدي " !!!