بحضور ثلة من المسؤولين القضائيين والأمنيين والماليين ومسؤولين من قطاعات حكومية مختلفة، تم إعطاء انطلاقة مباشرة عمل اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما. وتم تنصيب اللجنة التي تتشكل من ممثلي خمسة عشر قطاعا وزاريا معنيا وسلطات إنفاذ القانون وسلطات الإشراف والمراقبة على القطاع البنكي والمالي، بعد صياغتها مشروع القانون رقم 12.18 المغير والمتمّم لمجموعة القانون الجنائي، والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع. وقال هشام ملاطي، قاض مدير الشؤون الجنائية بوزارة العدل المشرف على اللجنة الوطنية لتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما، إن إحداث اللجنة يأتي تفعيلا لبعض من التوصيات التي قدمتها مجموعة العمل المالي، ومواءمة للمنظومة الوطنية مع المعايير الدولية ذات الصلة. وأكد ملاطي، في تصريح للصحافيين على هامش تنصيب اللجنة المذكورة، أن المنظومة الوطنية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وانتشار التسلح كان يشوبها قصور لعدم وجود آلية وطنية، وكانت معالجة هذا التحدي العالمي عبر مقاربات ذات بعد مالي، سواء عبر تدخل مؤسسة بنك المغرب أو الهيئة الوطنية للمعلومات المالية. وأوضح المسؤول ذاته أن قرارات اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما، هي قرارات ذات طبيعة إدارية، مثل إغلاق الحدود في وجه المشتبه في تورطهم في هذه الجرائم، وسحب جواز السفر وتجميد ممتلكاتهم، علاوة على أنها تتمتع بصلاحية فرض عقوبات مالية على بعض الأشخاص الذين يُشتبه في ارتكابهم أفعالا تدخل ضمن اختصاص اللجنة. وفوض القانون كذلك للجنة صلاحية جديدة تتمثل في النظر في إمكانية إدراج بعض أسماء المتورطين في الجرائم المذكورة في اللائحة الوطنية، ورفعها لكي يتم إدراجها في اللائحة الدولية التي يصدرها مجلس الأمن الدولي، مشيرا إلى أن هذه الآلية ستعزز التدابير التي اتخذها المغرب في مجال مكافحة الإرهاب. من جهته، أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، أن تنصيب أعضاء اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما، "سيرفع من منسوب الثقة والمصداقية اللتين تحظى بهما المملكة المغربية دوليا في مجال مكافحة الإرهاب". وأشار إلى أن من ثمار المجهودات التي يبذلها المغرب في هذا المجال، منح مجموعة العمل المالي لبلادنا في أبريل 2019 درجة "أساسي"، بالنسبة للنتيجة المباشرة المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله، اعترافا من المنتظم الدولي بنجاعة وفعالية التجربة المغربية في هذا الباب. بدوره، قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، إن تنصيب اللجنة المذكورة "يكتسي أهمية بالغة في مسار ملاءمة المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية وتكريس انخراط المغرب في الجهود الأممية في هذا المجال". وأضاف أن هذه الآلية تشكل حلا لمجموعة من المشاكل القانونية التي كانت تنجم عن غياب إطار إجرائي ومؤسساتي متكامل لتنفيذ العقوبات المالية لقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة تلك المتعلقة بالتجميد الفوري لممتلكات الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين الواردة أسماؤهم باللوائح الملحقة بقرارات مجلس الأمن، وتحديد الأشخاص الذين تنطبق عليهم شروط الإدراج في هذه اللوائح. وأكد الداكي أن الرهان بعد تنصيب اللجنة المذكورة، هو إنجاحها "عبر استحضار الممارسات الفضلى في التجارب المقارنة، ووضع تصور واضح لبرامج عملها في استحضار تام لمعايير مجموعة العمل المالي وما يتطلب من فورية وفعالية ونجاعة بمناسبة تنفيذ العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن". عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، قال في كلمة بالمناسبة إن تنصيب اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما، "هو تأكيد على حرص المغرب على تحقيق التوازن بين المقاربة الأمنية من جهة، وصون الحقوق والحريات الأساسية الفردية والجماعية من جهة أخرى"، مشيرا إلى أن "التشكيلة الموسعة للجنة ستشكل ضمانة لمنع أي تجاوزات". وأضاف الجواهري أن المغرب يعاني من انعكاسات تصنيفه الحالي من طرف مجموعة العمل المالي، لافتا إلى أن القطاع البنكي يوجد في الواجهة الأمامية لمكافحة غسل الأموال، وأن البنك المركزي اتخذ عددا من التدابير، منها ملاءمة النصوص التنظيمية مع التطور المستمر للمعايير الدولية، وتكثيف الدورات التكوينية للقطاع، وتعزيز التنسيق الوطني والدولي.