اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون الإنسان واقعا في مسرح الحياة بين الحرية والمسؤولية في تصرفاته وأفعاله ،فكل شخص حر ومخير يتحمل عواقب قراراته وأفعاله خيرا وشرا ومسؤولية توضع لحريته حدود تجعله ينضبط للواجبات وآداب في علاقته بربه وعائلته وبالناس والمجتمع والحياة . فالإنسان مدعوم بكل المؤهلات اللازمة لحمل المسؤولية لتكون استثمارا ناجحا عاقلا ونافعا لإرادته الحرة من تنعكس على الأمة والإنسانية ككل ....اما الحرية المطلقة بدون مسؤولية فهي سلوك مدمر لا يليق بكرامة الإنسان ولا بحياته ومجتمعه لهذا يجب ان نصحح الإختلالات الحاصلة في هذا الموضوع لكي لانأخذ مفهوم الحرية بالخطأ. لان الحرية مرتبطة بالمسؤولية ولها ضوابط عقلية ودينية وخلقية لكي تتحول إلى تهور وتمرد وتقصير في أداء واجب المسؤولية اتجاه انفسنا اولا واتجاه بلدنا ثانيا ، عندما نتحدث عن تحرير الإنسان كما ذكرت في مقالي السابق بعنوان "للحرية أعدائها" أعني تحريره من كل ما يكبل إرادته ويلغي انسانيته وكرامته فيحرر عقله وقلبه ومشاعره من سيطرة الدوافع الشيطانية و الإنحرافية من قيود الأوهام .....الخ. فالحرية الحقيقية مجرد شعور الفرد برغبة ذاتية وبقدرته على الاختيار والاستقلالية في قراراته وسلوكياته قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة . وهنا لابد ان نقف حول ما وقع بالناظور بما يعرف "بقبلة الفايسبوك" يجب تحليل المعطيات الزمنية التي اعطت لهذا الحدث ضجة إعلامية وأبعاد اخرى كان لها تأثيرات وتداعيات داخل المجتمع المغربي . فالمسؤولية بطبيعة الحال يتحملها القاصرين الذين ارتكبوا هذا الفعل على اعتبار وضعهم لهذه الصورة ربما بعلهم اولا كان لهم يتوقعوا مثل هذه النتيجة والمتابعة القانونية التي تترتب على ذلك حسب القانون المغربي الذي يعاقب على نشر مثل هذه الصور وأشياء أخرى . اما المسؤولية الثانية تتحملها أسرهم التي هي كباقي الأسر المغربية لم تعد تؤدي دورها في مراقبة وتتبع أطفالها داخل مجتمع أصبح يشاهد أشياء دخيلة وقيم خارج عن تقاليده وأعرافه فيحدث نوع من هشاشة التحصين الذاتي والأسري . والجانب الثالث من المسؤولية يتحملها من رفع الدعوة ضدهم اذا كانت جمعية فدورها ليس التوريط او التشهير بالقاصرين بل بالعكس كان عليهم ان يستقطبوا هؤلاء القاصرين بنوع من الذكاء وتوعيتهم بخطورة الفعل الذي قاموا به سواء أخلاقيا او اجتماعيا بحكم المنطقة التي يتنمون إليها معروفا عبر التاريخ كون مجتمعها محافظا فدور الجمعيات قبل كل شئ هو دور توعوي تحسيسي وليس الشهرة على حساب القاصرين في جل المجالات الثقافية والاجتماعية حتى لانعطي فرصة للأخر الذي أراد أن يستغل هذا الحدث حتى يدخل قيما غريبة يرفضها غالبية المجتمع المغربي . فالوقفة التي دعت إليها مجموعة قيليلة جدا جدا من نشطاء الحرية كما يدعون أعطت طابعا خطيرا على المستوى الإعلامي أن المغاربة منقسمين على هذه القضية بين معارض ومناصر لها بين من يريد أن يجعل للحرية مفتوحة على كل شئ وبين من يقننها ويؤكد على انها تنتهي فور المساس بحرية الأخر وهذا الأخير هو الصحيح عقلانيا .حتى لانعطي فرصة لسلوكات تريد ان تمر الى مجتمعنا عبر ابنائنا . فالمجتمع هو الذي يحدد نمط سلوكاتنا لأننا ضعفاء في تقديراته الفلسفية لأننا نولد ضعفاء في مجتمع منظم تنظيما صارما عبر قوانينه ونظمه وأعرافه التي تنقل لنا عن طريق الأسرة والتعليم والتلقين في سن الرشد فتصبح كأساسات ودعامات نرتكز عليها في تدبيرنا للحياة اليومية داخل المجتمع .. وأي خروج عن هذه القيم يتحمل عواقبها ومسؤوليتها الفرد الذي انزاح عن سكة تلك القيم . لكن في قضيتنا هذه فإننا نتعامل مع المراهق الذي يتطلب معاملة خاصة تبتدأ بالحوار الفعال والنقاش الجاد لحمايته ومراقبته من الاستغلال سواء الجنسي او السياسي او الطائفي لكي لا تنفذ عن طريقهم الأفكار المنحرفة نتيجة أجندات تسئ لبلدهم وأسرهم . فالأخر يستغل اندفاعات المراهق المتمثلة في المغامرة والمخاطرة عن طريق الإغراء وتحبيب أفعالهم تحت غطاء الحرية ليكون وسيلة للفتنة المجتمعية وتقسيم المجتمع بين معارض ومناصر . مع العلم أن هذه القضية كشفت لنا فراغا مدنيا وسياسيا ..أين دور الهيئات الحكومية والغير الحكومية في تنشئة وإدماج الشباب المراهق داخل المنظومة الاجتماعية بطبيعة الحال أن هذا الدور يتحمله الجميع ( الاسر .الجمعيات .القطاعات الحكومية المعنية ....الخ ) حتى يعوا لهذا الصراع الاجتماعي بين قيمنا الراسخة وقيم الأخر التي تتسبب في فتنة قد تقسم المجتمع في كل القضايا المستقبلية.