بعد أن خصه بأرق عبارات الثناء والمودة، طالب صلاح الوديع، الشاعر والمعتقل السياسي السابق، من الفنان هشام بهلول الذي يصارع حاليا من أجل البقاء حيا بعد حادثة السير المروعة التي تعرض لها قبل أيام قليلة، أن يستمر في الحياة لأنه "دخل قلوب المغاربة بدون استئذان". وقال الوديع، في مقال خص به هسبريس، مخاطبا الممثل هشام بهلول، إنه "نموذج للجيل الجديد من الفنانين الحاملين للقيم، والمدافعين عن الحرية"، مردفا أن هذا الفنان "ممتلئ بالحياة والعطاء، وطافح بحب بلاده، ومترع بأجمل المشاريع". وهذا نص رسالة الوديع إلى بهلول الذي تعرض لحادثة سير خطيرة على الطريق السيار بين المحمدية وبوزنيقة، يوم الأحد الماضي، عندما كان بطل مسلسل "دارت الايام" في طريق عودته إلى مدينة الدارالبيضاء، وذلك بعد اصطدام سيارته بناقلة، دخل على إثرها في غيبوبة استفاق منها بعد ساعات، لتستقر صحته بعد إجراء عمليات جراحية على رجليه ويديه. لا، ليس الآن يا هشام... إلى هشام البهلول الذي يصارع من أجل الحياة. وسيم. ودود. بارع. محبوب. صادق. فنان. هادئ. طموح. مطمئن. واضح. وضّاح. معطاء، صديق، متواضع. ممتلئ بالحياة، حافظ للعهد، لبق في النقد، متقد الذكاء، محب للوطن، معتز بالبلد، رقيق الحاشية، حلو المجلس، منفعل بالمودة، مرتبك لدى الإطراء، منبهر للجمال، متواطئ في البهجة. يحمل هالة إشراق حول محياه. هو وفنه لا يفترقان. يبدع في كل لحظه. يحمل إبداعه في أبسط التفاتة ويطبع كل شيء حوله بحضوره البهي البريء. نظرته تلخصه وخطوته تعكسه ووقفته تغني عن كلامه وكلامه يغني عن حجته وقلبه يخفق باللامرئي من الجمال، يمني النفس بالمقبل من الأيام، ويغسل القلب بالوافر من الأحلام، ويتجرأ على العطاء، فيأتي الكون إليه منقادا، لأن الكون في عرفه لا يعني الوفرة بل يعني المعنى، لأن لحظة الخلود لديه ليست أفقية لا حدود لها، بل عمودية منغرسة في اللحظة المبدعة التي تلخص كل شيء جميل في الوجود. هو هشام البهلول، الفنان المبدع الذي دخل القلوب من أبوابها وعرف كيف يتبوؤها. المغاربة يعرفون بالسليقة الأصيل من الدعي، والصادق من الكاذب، والعميق من السطحي. لذلك دخل هشام بلا كلفة وبلا استئذان لقلوبنا. عرفته منذ سنوات. في المرة الأولى، وكنت قد رأيت أداءه في أحد الأفلام قبلا، قصدته لأقول له أنه رائع. لا أذكر أين ومتى. لكن ومنذ تلك اللحظة لم أذكر أن لقاء لنا كان غير ذلك. هو يطوي المسافات بمجرد ابتسامة. فنه ليس مهنته بل طريقة حياته. يكسر رتابة الأيام ويقنعنا بجدوى الحلم وحيوية الإبداع ومتعة اقتسام اللحظة الانسانية الهاربة. وحتى شعائره وتقواه يمارسها في هدوء قلبه وصمت ابتهالاته، حتى لا يتاجر بإيمانه أمام الملأ، فيكسر كيمياء التوحد مع الخالق. ابق معنا يا هشام. مشوارك في بداياته حابل بالعطاء. قلت لك قبل أسابيع ونحن نتحدث عن حال بلادنا، وعن ضرورة الحيلولة دون انتشار الظلمة في جنباتها، وعن أهمية تلاحم المبدعين وأصحاب الكلمة والمتشبثين بالمغرب وأحلامه، وتحدثت أنت عن دور الفنان المبدع في التفاعل مع القضايا التي تستجد أمام المجتمع. رأيت فيك نموذج الجيل الجديد من الفنانين الحاملين للقيم والمدافعين عن الحرية وتكلمتَ عن ما كتبتَه وقلتَه واجتهدتَ فيه ... وأنا قلت لك أنك ممتلئ بالحياة والعطاء، وأن الآتي أجمل، وكنت ممتلئا بهذا الآتي بالضبط، ولذلك كنت متفاعلا مع حوارنا الهادئ، طافحا بحب بلادك ومترعا بأجمل المشاريع... لكل هذا لا بد أن تكمل المشوار معنا. لا بد أن تبقى للإبداع. لا بد أن نمشي معا طورا آخر في هذه المحبة. أن نحيا عمرا آخر في هذا الوطن الرائع ولأجله... فابق معنا يا صديقي العزيز.. ابق معنا من أجل الحب والإبداع والحرية... صلاح الوديع 18 أكتوبر 2013