على الرغم من سلسلة فضائح أضعفتها، تمكّنت الحكومة البريطانية برئاسة بوريس جونسون، الثلاثاء، من تمرير تدابير كبح تفشي المتحورة "أوميكرون" في البرلمان بلندن، متخطية تمردا على نطاق غير مسبوق للغالبية المستاءة من هذه الإجراءات. وتعد المملكة المتحدة من الدول الأكثر تضررا من جراء الجائحة، وقد أحصت أكثر من 146 ألفا و500 وفاة، وهي تواجه، وفق رئيس الحكومة بوريس جونسون، "موجة هائلة" من الإصابات بالمتحورة الجديدة من فيروس كورونا سريعة التفشي. يسعى جونسون إلى احتواء هذا التسارع من خلال حملة مكثّفة لإعطاء جرعات معزّزة من اللقاحات. وأعلن الأسبوع الماضي فرض قيود جديدة لمكافحة تفشي "كوفيد-19′′، من ضمنها وضع الكمامة في الأماكن المغلقة، وفحوصات يومية للمخالطين، والعمل عن بعد وإلزامية الجواز الصحي لحضور المناسبات الكبرى. لكن نحو ستين نائبا من المحافظين يلوّحون بمعارضة بعض من هذه التدابير التي يصفونها بأنها تقمع الحريات وتلحق الضرر بالاقتصاد. لكن البرلمان أقر التدابير بموافقة 369 نائبا ومعارضة 126. إلا أن الانتصار الحكومي طغى عليه حجم التمرد في صفوف النواب المحافظين ضد رئيس الحكومة؛ إذ صوّت 97 نائبا محافظا ضد التدابير، أي أكثر بكثير من النواب الستين الذين عارضوا هذه الإجراءات. تدابير "تمييز" بعد عامين من فوزه الانتخابي التاريخي بناء على وعد بتحقيق "بريكست"، يسجل جونسون تراجعا في شعبيته في استطلاعات الرأي ويواجه دعوات عديدة للاستقالة بعد سلسلة من الفضائح. نشرت صحيفة "صنداي ميرور"، الأحد، صورة له في داونينغ ستريت محاطا بمساعديْن، يشارك في مسابقة عبر الفيديو في 15 دجنبر 2020. وأثارت هذه المشاهد غضبا عاما؛ إذ كان البريطانيون خاضعين في ذلك الوقت لقيود صارمة للحدّ من انتشار الفيروس تشمل التباعد الاجتماعي وعدم التجمّع. ويواجه جونسون حملة سياسية عنيفة أيضا بسبب حفلة بمناسبة عيد الميلاد أقيمت في داونينغ ستريت في 18 دجنبر 2020 قد تكون انتهكت تدابير احتواء تفشي الجائحة المفروضة في ذلك الحين على البريطانيين. وأدّى مقطع فيديو مُسرّب يُظهر مساعدين لبوريس جونسون يمزحون حول "حفلة عيد الميلاد" هذه، إلى صبّ الزيت على النار. وعصر الثلاثاء، سجّلت مواجهة حادة مع نواب الحزب المحافظ. وقالت النائبة ميريام كيتس إن تدابير الحكومة تعكس "تغييرا مستمرا على صعيد فهم معنى الحرية في هذا البلد"، داعية إلى العودة إلى مجتمع "الحرية والمسؤولية". واعتبرت أن إعادة فرض إلزامية الكمامة في الأماكن المغلقة يؤشر على "هلع"، في حين تغلق مدارس عدة باكرا للعطل. وأعلنت أنها تعتزم معارضة الجوازات الصحية، واصفة إياها بأنها "تنطوي على تمييز". بدوره، أعلن زميلها أنتوني مانغنال معارضته للتلقيح الإجباري للعاملين في قطاع الصحة العامة في بريطانيا، وقال: "لا يمكننا مواصلة ترهيب الناس"، مبديا "دهشته" إزاء الطريقة التي بثت من خلالها الحكومة في الأسابيع الأخيرة الخوف لإقناع الشعب بالتدابير. مخاوف على احتفالات الميلاد بفضل دعم حزب العمال أقرت التدابير الحكومية. وفي مقابل التدابير المشددة، تقرر وضع حد لتدابير صارمة كانت مفروضة على الوافدين من 11 دولة إفريقية، من بينها جنوب إفريقيا، اعتبارا من الأربعاء بما يحول دون تكبد البريطانيين العائدين من هذه البلدان تكاليف الحجر في الفندق، وفق ما أعلن وزير الصحة ساجد جاويد في وقت سابق من النهار. وقال وزير الصحة البريطاني أمام النواب: "أنا مقتنع بأن هذه التدابير متوازنة ومتناسبة"، مؤكدا أنها "أقل" صرامة بأشواط "من تلك المفروضة في غالبية دول أوروبا". وتابع: "يمكنني أن أؤكد للمجلس أننا سنعيد النظر في هذه التدابير وأننا لن نبقي عليها يوما واحدا أكثر من اللازم". وبحسب وزير الصحة البريطاني، ستؤدي المتحورة "أوميكرون" إلى إصابة مئتي ألف شخص يوميا، علما بأن الإصابات المسجّلة يوم الثلاثاء بمختلف المتحورات لا تتعدى 59 ألفا. وبدأت الموجة تؤثر على المسارح؛ إذ ألغيت عروض عدة بسبب رصد إصابات في صفوف فرقها. وتعرقل موجة الإصابات هذه الدوري الانكليزي لكرة القدم؛ إذ أرجأ نادي مانشستر يونايتد مباراة الثلاثاء ضد برنتفورد بسبب إصابة عدد من اللاعبين والموظفين ب"كوفيد-19′′. في اسكتلندا التي تفرض تدابير صحية خاصة بها، حذّرت رئيسة الوزراء نيكولا ستورجون من تسارع كبير في وتيرة الإصابات، وأشارت إلى إدخال مصابين بالمتحورة "أوميكرون" إلى المستشفى. وقالت ستورجون: "لا نطلب منكم إلغاء مشاريعكم الميلادية أو تغييرها"، لكنها طالبت الأسكتلنديين ب"حصر الفعاليات الاجتماعية المقامة في الأماكن المغلقة" في ثلاث أسر على الأكثر.