تنظر غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالمغرب في قضية حساسة للغاية، وشائكة استمر النظر فيها لعدة شهور لفك خيوطها وألغازها المحيرة. تتعلق القضية بزوج سمم زوجته بمبيد حشرات تسبب في إزهاق روحها بعد نقلها إلى قسم الإنعاش بمستشفى محمد الخامس . "" تفاصيل القضية المثيرة بحسب صحيفة "الصحراء المغربية" تقول لم يكتمل حلم فتيحة بزواج مشمول بالسعادة والوئام كما كانت تتمنى، ولم يتمكن عبد السلام من ضبط نفسه في مناسبات عدة، كانت سلطته تدفعه لتعنيف زوجته والاعتداء عليها بالضرب المبرح. ورغم تصرفاته العدوانية كانت فتيحة، شأنها شأن عدد من النساء، تحدوها رغبة قوية في الحفاظ على رجل البيت وتتحلى بقيم التضحية وتتنازل من أجل إنجاح زواجها متمنية أن يتغير عبد السلام في يوم من الأيام ويصبح زوجا صالحا. كانت مستعدة لكل شيء إلا التضحية بحياتها هروبا من واقعها المر عن طريق الانتحار، وكانت رغبتها القوية في الحمل من عبد السلام وإنجاب طفل، لتحصل على جواز الأمان لإنجاح العلاقة الزوجية والتمسك أكثر بالقفص الزوجي. كانت فتيحة تحاول جاهدة إنجاح زواجها، أما عبد السلام، فغالبا ما كانت تسيطر عليه نزعات ذكورية متعالية، لا يهمه أن تنجح العلاقة أو تفشل. ولعل سجله الحافل بالزيجات، التي تنتهي في بداية الطريق أو في منعطف من منعطفات الحياة لدليل على ذلك. تزوج عبد السلام أربع مرات، وأنجب مع إحدى زوجاته أبناء فيما تخلص من الأخريات دون إنجاب، ظهر خلال مراحل التحقيق أنه كان يحلم بالحصول على طفل أو طفلين مع فتيحة، وهو ادعاء فندته كل القرائن وكذبه أقرب الشهود، الذين أقروا أن العلاقة الزوجية بينهما كانت غير مستقرة. سقطت فتيحة على الأرض مشتكية من آلام حادة في بطنها ومادة بيضاء تخرج من فمها، إذ جرى نقلها على إثر ذلك إلى قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس، حيث وضعت في العناية المركزة إلى أن فارقت الحياة. صرح الزوج، أنه عاد ليلة الحادث إلى البيت، فقدمت له زوجته وجبة العشاء، وتوجهت نحو المطبخ قصد تناول بعض الأعشاب، التي تحافظ على استمرار الحمل الذي نزل، وبدد حلمها في الإنجاب أربع مرات أصيبت في إحداها بنزيف في الرحم. وبينما كان الزوج يتناول عشاءه سمع أنين شريكة حياته، وهي تتألم فحاول إسعافها قبل إخبار أسرتها. أم الضحية صرحت أن عبد السلام أحضر قنينة صغيرة من الأعشاب مدعيا أنها ستساعدها على تثبيت الحمل والحفاظ على استمراره، واعترف أنه سبق وأن أحضر لها بعض الأعشاب لهذا الغرض، واتهمت الصهر بقتل ابنتها لأنه كان يفرط في تعنيفها وتعذيبها كلما أخبرته بحصول حمل. وصرحت أخت الضحية بأنها أثناء إقامتها مع أختها في بيت الزوجية مباشرة بعد زواجها لمدة ثلاثة أشهر عاينت خلالها ما ذاقته أختها من تعذيب، من طرف زوجها. استمعت الضابطة القضائية لكل الذين افترضت أنهم شهود في القضية لتدوين إفادتهم تنويرا للعدالة، وهم سائق سيارة أجرة الذي نقل عبد السلام إلى الجديدة لإخبار أسرة الضحية بالواقعة، والطاقم الطبي الذي أشرف على استقبال الضحية. شهود غير مفيدين وأقوالهم تتضمن ما يثبت أو ينفي التهمة على المتهم، فسائق سيارة الأجرة لم يخبره عبد السلام بالنازلة إلا حينما أشرفا على مدينة الجديدة، والطاقم الطبي أثبت أن الضحية قضت نتيجة تسمم، ونفوا أن تكون الهالكة قد اتهمت زوجها وتلفظت بما يفيد ذلك. تصريحات عبد السلام، أفادت أن الزوجة كانت حامل، وكانت تتناول بعض الأعشاب للحفاظ على الحمل، الذي لا يستمر بعد مرور أيام فقط على بلوغه، كما أفاد أن سقوط زوجته ناتج عن إجهاض واستبعد أن يكون ناتجا عن تسمم رغم أنه شم رائحة مبيد الحشرات تفوح من فم زوجته بعد أن توفيت وهي حامل. غير أن التقرير الطبي، فند كل المزاعم والادعاءات وبين أن الضحية لم تكن حاملا، الأمر الذي وضع الزوج في قفص الاتهام. ارتبكت تصريحات عبد السلام وحام حولها الغموض وتوضح أن بعضها ينحاز إلى سوء النية ومحاولة طمس معالم الجريمة، سيما وأنه كان مصابا في يده فبرر الإصابة باصطدامه بدراجة نارية لا يعرف صاحبها، كما صرح أنه كان دائما على خلاف مع زوجته لأنه يشك في تصرفاتها، وسلوكها. وبعد إنهاء الاستماع إلى المتهم جرت إحالته على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالجديدة بعد متابعته بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد .