أثبتت الرياضة بمختلف أجناسها أنها من بين الآليات المرنة في تعزيز التنمية المستدامة، فضلا عن كونها ممارسة لبناء حياة صحية لأفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم أو جنسهم. واستنادا إلى هذه الفوائد التي تحققها في نماء الذات، تمسي الممارسة الرياضية والمشاركة فيها هدفا إنمائيا حقيقيا. وعلى الرغم من إقرار عدد من المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحث بدور الجمعيات والنوادي الرياضية في تعزيز التقدم الاجتماعي، إلا أن أغلب هذه الجمعيات ما تزال تشكو من إكراهات متشعبة في ظل استمرار العشرات من المجالس الجماعية في تهميش وحرمان الفرق الرياضية المحلية من الدعم لاعتبارات متعددة ترصد هسبريس البعض منها. في جماعة سبت أولاد النمة، البالغ عدد سكانها أزيد من 60 ألف نسمة، والمتواجدة بنفوذ تراب جهة بني ملالخنيفرة، لطالما نبهت فعاليات مهتمة بالشأن الرياضي إلى واقع الرياضة المحلية المتسم بالتهميش والاقصاء وغياب ملاعب القرب وهزالة الدعم الذي غالبا ما تتحكم فيه حسابات سياسية. وكشف الفعاليات ذاتها أن توفُّر المدينة على فريق لكرة القدم ممارس في القسم الأول هواة، وعلى فرق رياضية أخرى ذاع صيتها في المحافل الدولية والوطنية، فضلا عن العشرات من فرق الأحياء الشعبية، لم يشفع لها في نيل الاهتمام بقطاع الرياضة عبر تقوية البنية التحتية بمرافق رياضية جديدة وتخصيص دعم يليق بمكانة الفرق التي رفعت راية المملكة خارج أرض الوطن وداخله وحققت إشعاعا للمدينة. وقال محمد الماكوري، رئيس نادي أمل سوق السبت لكرة القدم، في تصريح لهسبريس، إن "العديد من الدراسات التي أجرتها منظمات غير حكومية سلطت الضوء على مدى قدرة التمارين البدنية على تنشيط الصحة العقلية. كما أنها تغرس لدى الأطفال وصغار السن خيارات أساليب حياة صحية، وتساعدهم على اكتساب حيوية ونشاط متميزيْن". وأضاف الماكوري، وهو عضو في الجامعة الوطنية لكرة القدم، أن "ساكنة سبت أولاد النمة في حاجة اليوم إلى هذا الدور التي تضطلع به الرياضة، في ظل المتغيرات الدولية الوطنية التي تتميز بانتشار الجائحة، واتساع رقعة المتعاطين للمخدرات ومختلف السموم التي تفتك بأجسام الشباب". بدوره، قال رئيس فريق مجد سوق السبت لكرة اليد، إن "تقليص الدعم للفرق الرياضية كان له تأثير مباشر على مردوديتها، كما أن قلّة الإمكانيات وغياب قاعة مغطاة ووسيلة نقل خاصة بالفريق، كان له انعكاس سلبي على نادي مجد سوق السبت لكرة اليد"، الذي لعب الموسم الرياضي الماضي أدوارا طلائعية حينما خاض مباريات السد للصعود إلى الدوري المغربي الممتاز ضد أندية كبرى مثل الرجاء والوداد البيضاويين. وأوضح أن لاعبي "المجد" لا يتقاضون أجورا أو منحا بشكل منتظم كما تفعل باقي الأندية مع لاعبيها، ما يجعلهم دوما يبحثون عن أندية خارج جهة بني ملالخنيفرة لتحتضنهم، مؤكدا أن "كل الطاقات الرياضية هي منتوج وصناعة محلية للفريق، الذي يُعد مشتلا للتكوين على المستوى الوطني في جميع الفئات العمرية تقريبا". وبحسب المتحدث لهسبريس، يبقى نادي مجد شباب سوق السبت لكرة اليد، الذي تأسس سنة 2017، "خير سفير لهذه المدينة على مستوى كرة اليد؛ فهو يزاول في بطولة القسم الوطني الأول ويضم في صفوفه جميع الفئات العمرية، وما يميزه هو اعتماده بشكل كلي على مدربين ولاعبين محليين، ما بوأه مكانة تزويد بعض الأندية الكبرى بعدد من اللاعبين (3 لاعبين لنادي الوداد الرياضي، 3 لاعبين من فئة الفتيان للمنتخب الوطني: محمد اسهوبة، حمزة فتاح، وأكرم جباري، وأنس دريوش من فئة الشبان)". كما أن الفريق، يضيف الماكوري، تمكن من بلوغ مباريات السد المؤهلة إلى القسم الوطني الممتاز نهاية الموسم الرياضي الماضي، حيث واجه مجموعة من الأندية الكبيرة في المباريات النهائية الفاصلة، أبرزها نادي الرجاء البيضاوي الذي تفوّق عليه المجد، فيما خسر نقاط مباراته ضد نادي الوداد البيضاوي، وهي الهزيمة التي حالت دون صعوده إلى الدوري المغربي الممتاز. وكشف رئيس فريق مجد سوق السبت لكرة اليد أن "هذه النتائج لم تستأثر بانتباه المجالس المانحة؛ فالإكراهات المالية للفريق تقف حجرة عثرة أمام تنفيذ برامجه المسطرة، خاصة قيمة المنح التي لا تكفي لأداء مستحقات الحكام وتعويضات كراء القاعة المغطاة خارج المدينة، فما بالك بالاحتياجات الأخرى"، مبرزا أن هذه الأزمة المالية الخانقة هي التي تدفع اللاعبين المتألقين داخل النادي إلى البحث عن أندية أخرى لاحتضانهم بعد أن عجز المكتب المسير عن دفع مستحقاتهم المالية جراء ارتفاع ديونه. بدوره، قال عريض محمد، رئيس فريق النجم الرياضي لكرة القدم، إن "الملعب الجماعي وحده ليس كافيا للنهوض بالرياضة بالمدينة؛ فاللعبة تحتاج إلى دعم معقول ووسائل نقل ومناخ ملائم لممارسة الأنشطة في ظروف مريحة"، موردا أن مكتب الفريق يجد صعوبة أحيانا في التنقل خارج المدينة بفعل إكراهاته المادية الخانقة كما هو الحال بالنسبة للفرق المحلية التي ترغب في تنظيم دوريات موسمية في غياب ملاعب للقرب وقاعة مغطاة. وأبرز عريض أنه على الرغم من توفر مدينة سبت أولاد النمة على مجموعة من الفرق الرياضية، منها نادي أمل سوق السبت لكرة القدم (القسم الوطني 1 هواة)، ووفاء أتلتيك سوق السبت لكرة القدم (القسم 3 هواة)، وفريقا أولمبيك والنجم الرياضي لسوق السبت لكرة القدم (قسم 4 هواة)، ومجد شباب سوق السبت لكرة اليد (القسم الاحترافي)، وآمال سوق السبت لكرة اليد، ومدرسة أمل سوق السبت، والنجم الرياضي لكرة القدم الفئات الصغرى، وغيرها، إلا أن "المجالس الجماعية السابقة لم تستطع أن توفر سوى ملعب جماعي بمرافق صحية غير كافية، يشكو من كثرة الأشواك الضارة، فضلا عن ملعب يتيم للقرب جرى إنجازه في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بدون مرافق صحية". وفي سياق متصل، يُذكر أن الدكتورة جوهرة بوسجادة، النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، سبق أن وجهت سؤالا كتابيا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتاريخ 7 دجنبر 2021 بشأن ما يعتزم القيام به لتوفير المنشآت الرياضية بالمدينة، والتدابير والإجراءات التي سيتخذها لصيانة وتأهيل الملعب الجماعي الذي تنعدم فيه أدنى شروط الممارسة الرياضية، وفق نص رسالة النائبة ذاتها. وفي معرض تعليقه على الموضوع، أوضح رئيس المجلس الجماعي لسبت أولاد النمة، بوبكر أوشن، أن المدينة في حاجة ماسة فعلا إلى منشآت رياضية إضافية، خاصة ملاعب القرب وقاعة مغطاة، مشيرا إلى أن هناك جهودا متواصلة في هذا الإطار على مستويات أفقية وعمودية. وقال أوشن في تصريح لهسبريس: "إلى حدود الساعة، هناك اتفاق مبدئي مع سلطات الإقليم لإنجاز ملعبين للقرب؛ الأول بحي النهضة والآخر بحي الأندلس، بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فضلا عن قاعة مغطاة بشراكة مع مجلس جهة بني ملالخنيفرة". يشار إلى أن المجلس الجماعي السابق كان قد قام بتحويل ما يناهز 800 مليون سنتيم، رصدها المجلس ما قبل الأخير لإنجاز مشروع قاعة مغطاة، لسداد مستحقات الأحكام القضائية، ما تسبب في تأجيل هذا المشروع الذي تُصر الفعاليات الرياضية اليوم على جعله من ضمن أولويات برامج عمل الجماعة.