اختار ياسين جلوني، الطبيب البيطري المتخرج حديثا، إعداد بحثه لنيل شهادة الدكتوراه في الطب البيطري باللغة العربية؛ وبالتالي فهي ثالث أطروحة في الطب البيطري تناقش بلغة الضاد، إذ سبق أن نوقشت أطروحتان بها في ثمانينيات القرن الماضي. وجاء البحث حول ظاهرة الكلاب الضالة في المملكة، تحت عنوان: "إشكالية ظاهرة الكلاب الضالة في المغرب: دراسة تشخيصية وتقييم المقاربات المعتمدة لتدبيرها". وقال جلوني، ضمن تصريح لهسبريس، إن اختيار اللغة العربية له عدة أسباب، أولها "الانسجام مع روح ونص الدستور المغربي الذي يجعل العربية والأمازيغية اللغتين الرسميتين لبلدنا العريق"، وزاد: "وعليه فإن اختيار اللغة العربية سعي نحو التمثل الأكبر لقيمنا الوطنية، وترسيخ لأصالتنا وكينونتنا وهويتنا المغربية التي تشكلت عبر قرون من الزمن". وتابع الباحث ذاته: "إن من الأدوار الكبيرة للعلم معالجة الإشكالات التي تعترض الإنسان في حياته. كما نؤمن بأنه لتحقيق المبتغى من العلم فلا بد أن ينتج باللغات الوطنية التي يتداولها ويفهمها غالبية الناس، أو يترجم إليها". وأردف: "في سياقنا هذا، ليس موضوع ظاهرة الكلاب الضالة تخصصيا دقيقا محضا، وإنما قضية رأي عام تشغل بال غالبية أبناء المجتمع المغربي، وعليه فإن اختيارنا للغة العربية سيسهم لا محالة في تعميم الوعي بحساسية هذا الموضوع وخصوصياته وكل ما يرتبط به لدى عموم المواطنين. كما سيكون بحثنا هذا مرجعا هاما يظل في متناول الجميع، بما يشمل مدبري الشأن العمومي وواضعي السياسات العمومية، بالإضافة إلى كافة المتدخلين، من فاعلين جمعويين وإعلاميين وناشطين مدنيين". وأضاف المتحدث ذاته أن من أسباب اختيار اللغة العربية، أيضا، "إيماننا العميق بأنه لا تحرر ولا نهضة ولا تقدم ولا إبداع يمكن أن يتحقق دون اعتماد اللغات الوطنية في شتى مناحي الحياة الحيوية، وأبرزها التعليم والإعلام والاقتصاد والإدارة، وأن استمرار اعتمادنا على اللغات الأجنبية من أسباب تأبيد التخلف والتبعية؛ والمغرب ليس استثناء في هذا الموضوع". وأما عن اختيار موضوع البحث فقال الطبيب البيطري إنه بسبب كونه "قضية رأي عام"، متحدثا عن "شكاوى المواطنين من الانعكاسات السلبية لهذه الظاهرة، التي استفحلت في عموم التراب الوطني، بالإضافة إلى الدعوات المتكررة من جمعيات الرفق بالحيوان إلى ضرورة القطع مع الأساليب التقليدية المعتمدة على قتل الكلاب للحد من هذه الظاهرة؛ ما يجعل ظاهرة الكلاب الضالة في المغرب قضية شائكة ومعقدة تتطلب فهما دقيقا لأبعادها، فضلا عن مخاطرها الصحية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية". واعتمد البحث دراسة ميدانية استهدفت بالأساس المتدخلين المباشرين في تدبير الظاهرة، وهما الجماعات المحلية وجمعيات الرفق بالحيوان؛ وشملت 41 جماعة موزعة على جميع جهات المملكة، و13 جمعية للرفق بالحيوان.