أثار تحديد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سن الولوج والمشاركة في مباريات التعليم في 30 سنة كحد أقصى نقاشا كبيرا إلى جانب الغليان الذي خلفه في أوساط الشباب المغاربة الراغبين في الالتحاق بقطاع التربية والتكوين. وبدا جليا أن الإعلان الذي أصدرته الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية وتبعتها في ذلك الأكاديميات الجهوية، المتضمن لشروط الولوج، يخالف ما جاء به النظام الأساسي لأطر الأكاديميات وكذا لنظام الوظيفة العمومية. وقد نصت المادة الرابعة من النظام الأساسي لأطر الأكاديميات، ضمن الشروط، على أن لا يقل سن المترشح عن 18 سنة ولا يزيد عن 40 سنة، ويرفع الحد الأقصى لسن التوظيف إلى 45 سنة بالنسبة إلى الأطر التي سيتم ترتيبها على الأقل في درجة ذات ترتيب استدلالي مماثل للترتيب المخصص لدرجة متصرف من للدرجة الثالثة. ويرى مختصون في المجال القانوني أن شروط وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة غير دستورية وغير قانونية، وتضرب في العمق النصوص التنظيمية الجاري بها العمل. وفي هذا الصدد، أوضح المحامي محمد الهيني أن قرار الوزير شكيب بنموسى بشأن اشتراط عدم تجاوز سن 30 سنة في مباراة التعليم "خرق دستوري؛ ذلك أن الفصل 31 من الدستور يعتبر الحق في الشغل مضمونا والولوج إلى الوظائف العمومية حسب الاستحقاق وليس السن". ولفت الهيني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن ما صدر عن المسؤول الأول عن قطاع التربية "خطأ حكومي لا يغتفر، لأنه يشكل مساسا بالحق في العمل وبحرمان شريحة كبيرة ومهمة في المشاركة في المباريات، ويفوت عليها فرصة الولوج إلى سوق الشغل وتحقيق ذاتها والإسهام الفعال في تنمية المجتمع". كما أن هذا الشرط الذي وصفه المحامي نفسه ب"التعسفي وغير الدستوري" يتنافى مع النصوص التنظيمية الجاري بها العمل والتي تشترط الحد الأقصى للتوظيف في 45 سنة مع إمكانية رئيس الحكومة لمنح ترخيص استثنائي لمن يتجاوز هذا السن، مضيفا: "هذا 'قصاء لكفاءات شبابية واعدة وبشكل غير مبرر وغير مشروع لعدم ارتباطه بقواعد الاستحقاق المكرسة دستوريا. وبالتالي، فقد ارتكب الوزير سقطة لا تليق بما سهر وأشرف عليه من النموذج التنموي الذي من أهم ركائزه الشغل ودعم حقوق الشباب". من جهته، أكد محمد الشمسي، المحامي بهيئة المحامين بالدار البيضاء، أن السن الخاص بالوظيفة العمومية سبق أن صدر بشأنه مرسوم تحت 2.02.349 سنة 2002، بتحديد السن الأقصى للتوظيف ببعض أسلاك الإدارة العامة. وتنص المادة الأولى من المرسوم على أنه "يرفع إلى 45 سنة حد السن الأقصى، المحدد في 40 سنة، بموجب بعض الأنظمة الأساسية الخاصة بموظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية في ما يتعلق بولوج الأسلاك والأطر والدرجات المرتبة عَلى الأقل في سلم الأجور رقم 10 والأسلاك والأطر والدرجات ذات الترتيب الاستدلالي المماثل". وشدد المحامي الشمسي، في تصريحه للجريدة، على أن هذا المرسوم كان من إمضاء الوزير الأول الراحل عبد الرحمان اليوسفي، وتم نشره بالجريدة الرسمية ولم يطرأ عليه أي تغيير. واستغرب المتحدث نفسه من أن هذا المرسوم، الذي استوفى كل الشروط وبات قانونا نافذا وملزما، "يتم الدوس عليه والتطاول عليه ببلاغ يوقعه وزير لم يمض على تعيينه سوى شهرين". وأكد المختص في الجانب القانوني على أنه "على المستوى القانوني، لا يمكن المفاضلة بين مرسوم صدر بالجريدة الرسمية واكتسب الصفة قطعية بقرار صادر عن وزير في الحكومة. لذلك، فهذا القرار يعتبر كأنه لم يكن ولا نقول أنه باطل". وشدد على أن خطوة الوزير "ليس فيها ظلما وحيفا فقط، بل تطاولا على مرسوم قانوني قطع جميع الأشواط. وعليه، فإن المتضررين من هذه البدعة التي جاء بها الوزير سيلجؤون إلى القضاء، وسيعتبرون قراره مشوبا بالاستغلال المفرط للسلطة".