نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا جراء عدوى أصابته في المسالك البولية    داخل جمعية!!.. محاولة فتاتين وضع حد لحياتهما بمادة سامة تستنفر السلطات بطنجة    الماص يقلب الطاولة على الوداد في البطولة الاحترافية    منتخب الكراطي يحصد 20 ميدالية في البطولة العربية    النيابة العامة تحيل سائقي "الطاكسيات" المعتقلين في الرباط على قاضي التحقيق    بعد لقاء الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني.. الرباط ونواكشوط يتجهان لإحياء اللجنة العليا المشتركة بينهما    بوتين يعتذر عن حادثة تحطم الطائرة الأذرية دون تحميل روسيا المسؤولية    إحداث 7912 مقاولة في جهة الرباط    ارتفاع مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    وحدة خفر السواحل تواجه عطبا مفاجئا وتعلق بين الصخور    زياش يشترط على غلطة سراي مستحقاته كاملة لفسخ العقد    الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان تؤدي مهمتها على أكمل وجه    حيار: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة لا تتعدى حدود الشريعة الإسلامية    ليكيب: حكيمي والكعبي في التشكيلة المثالية لإفريقيا لعام 2024    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    خنيفرة تحتضن المهرجان الدولي للقصة القصيرة    كلميم..توقيف 394 مرشحا للهجرة غير النظامية    وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    القضاء يدين محمد أوزال ب3 سنوات ونصف حبسا نافذا    عملية أمنية تنتهي بإتلاف كمية مخدرات بوزان    قوات إسرائيلية تقتحم مستشفى بشمال غزة وفقدان الاتصال مع الطاقم الطبي    المغرب داخل الاتحاد الإفريقي... عمل متواصل لصالح السلم والأمن والتنمية في القارة    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    غزة تحصي 48 قتيلا في 24 ساعة    الاحتفاء بالراحل العلامة محمد الفاسي في يوم اللغة العربية: إرث لغوي يتجدد    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    سطاد المغربي يهدد صدارة رجاء بني ملال    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام الجزائري والبحث عن الشرعية المفقودة
نشر في هسبريس يوم 12 - 11 - 2021

يعيش النظام الجزائري أزمة هوية تحولت إلى أزمة نفسية، شأنه شأن كل الأنظمة العسكرية التي تستولي على مقاليد السلطة وتستبد بالحكم باللجوء إلى العنف والقوة. وإذا كانت معظم الأنظمة العسكرية التي كانت تتستر وراء الانتخابات لإضفاء الشرعية على حكمها الديكتاتوري قد ولت واندثرت، كما كان الحال في معظم دول أمريكا اللاتينية وباكستان وتركيا اللتان تحررتا من سيطرة الجيش، فإن الأمر لا يزال على حله في الجارة الشرقية. لأن نظام العسكر في الجزائر جثم بكل ثقله منذ استقلال البلاد إلى يومنا هذا على صدور الشعب الجزائري الشقيق المحروم من تسيير نفسه وتدبير شؤونه.
هذا النظام الغاشم أجهض حلم الإخوان الجزائريين مرتين. فغداة الاستقلال أجهض النظام البومدييني أحلامه بفرض نفسه بالقوة بعدما صفى جسديا أحرار الثورة، وحاليا، يعيش الشعب الجزائري نفس الوضعية، حيث يرى الآمال التي كانت تراوده، بفضل الحراك المبارك الذي استمر لمدة سنتين والذي أدى إلى سقوط عهدة بوتفليقة، تتلاشى يوما بعد يوم. ذلك أن شنقريحة الذي يعد الحاكم الفعلي، أزاح من طريقه القايد صالح الرجل القوي في عهد بوتفليقة والذي تعامل بمرونة مع الحراك الشعبي هذا من جهة، ومن جهة أخرى زج بكل منافسيه المدنيين والعسكريين في غياهب السجون، وبرأ في الوقت نفسه أعداء الشعب خاصة الجنرال توفيق وخالد نزار اللذين لهما تاريخ أسود بسبب المجازر الإجرامية التي اقترفاها في حق الشعب الأبي خلال العشرية السوداء.
فهذه الظرفية الحرجة وغير الآمنة التي يمر منها نظام الجيش في الجزائر بسبب تصفيات الحسابات على مستوى دوائر السلطة، والوضع الاقتصادي المتردي لهذا البلد الشقيق فضلا عن معاناة الشعب بسبب افتقاد حتى أهم المواد الأساسية التي يتوجب عليه لاقتناء ما تيسر منها الاصطفاف في طوابير تثير الاستغراب والشفقة، أدت بالطغمة العسكرية، التي انسدت في وجهها كل الآفاق لحلحلة الأوضاع وتجاوز محنها، إلى تحميل المملكة المغربية كل إخفاقاتها من خلال الاتهامات الصورية. هذه الاخفاقات جعلتها تفقد بوصلتها وتتصرف بمزاجية جعلتها محل سخرية العام والخاص. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب وغلق أجوائها أمام الطيران المغربي وأخيرا إبطال العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يعبر الأراضي المغربية.
واعتبارا لتعدد هذه الاتهامات، سأركز على أنبوب الغاز اعتبارا لأهميته، بحيث استأثر باهتمام العديد من المتتبعين. ويرجع ذلك، الى كون هذا الأنبوب لا يهم بالمغرب والجزائر فقط بل يتعلق بإسبانيا والبرتغال بصفة مباشرة وبدول الاتحاد الأوروبي بصفة غير مباشرة. كما أن الظرفية التي اختارها النظام الجزائري للإقدام على اتخاذ هذا القرار المجحف في حق شركائه غير مناسبة. حيث أن فصل الشتاء على الأبواب وأزمة الغاز في أوروبا تعرف تفاقما منقطع النظير هذا فضلا عن الغلاء الفاحش لأثمنة هذه المادة الحيوية بحر هذه السنة.
وهذه الخطوة غير المحسوبة العواقب، أساءت إلى النظام الجزائري بشكل كبير. ولعل السيل من الانتقادات التي تهاطلت عليه والتي اتهمته بابتزاز شركائه أسوة بما فعلته روسيا مع بعض المتعاملين معها خاصة أوكرانيا، خير دليل على ذلك.
وهذا الرأي أشاطره بدون أدنى تحفظ. بل أكثر من ذلك، أرى أن النظام الجزائري يحاول جاهدا أن يثير من خلال هذا القرار اهتمام شركائه الأوروبيين وإيهامهم بأن الجزائر فاعل أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، وأنه قوة يضرب لها ألف حساب كما يحلو للرئيس الجزائري أن يردده في كل آن وحين. وعليه، يصح القول إن استعمال النظام الجزائري لورقة أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يمر عبر التراب المغربي، هو وسيلة لابتزاز أوروبا وإلحاق الأذى بالمغرب في آن واحد.
ذلك أن احتياجات إسبانيا التي هي جزء من الاتحاد الأوروبي لهذه المادة الحيوية أصبحت في تزايد مستمر وأنها تعتمد على الغاز الجزائري بشكل كبير. وقد برر بعض المتتبعين للشأن الإسباني فضيحة وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية المتعلقة بمحمد بن بطوش "الزعيم المفترض لعصابة البوليساريو"، بالمساومة الخبيثة للنظام الجزائري الذي قايض تمديد الغاز بعلاج محمد بن بطوش فوق الأراضي الإسبانية. كما تسعى الطبقة الحاكمة في الجزائر، استغلال هذا الوضع لتمرير رسالة إلى حلفائها الأوروبيين من أجل مساندة مراميها في كل ما يتعلق بالمصالح المغربية ذات الصلة بالصحراء المغربية، التي أصبحت تشكل هاجسا أساسيا لها.
وللإشارة فقط، أنه باستثناء إسبانيا فإن دول الاتحاد الأوروبي لا تتأثر ماديا بخفض حصة صادرات الجزائر من الغاز إلى أوروبا. ذلك أن هذه الحصة لا تتجاوز 12 في المئة من وارداتها. (النرويج 18 في المئة وروسيا 40 في المئة).
أما في ما يخص المغرب، فإن هذا القرار لن يكون له سوى تأثير طفيف على السير العادي لنظام الكهرباء الوطني وفقا للبلاغ المشترك للمكتب الوطني والمعادن للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. ذلك أن استفادة المغرب المادية من الغاز الجزائري العابر لأراضيه انخفضت بالتدريج خلال السنوات الأخيرة. ونلاحظ من خلال الأرقام المتاحة، أن ما كان يجنيه المغرب من هذا الأنبوب لم تتعد 50 مليون دولار سنة 2020. (113 مليون دولار سنة 2019 و170 مليون دولار سنة 2018).
والجدير بالذكر، أن واردات المغرب من الغاز الجزائري يوجه في غالبيته لقطاع توليد الكهرباء. كما أن حاجيات المغرب من هذه المادة، تقلصت إلى حد كبير. ويرجع سبب ذلك، إلى اعتماد استراتيجية ناجعة لإنتاج الكهرباء تتمثل في استجلاب الكهرباء من الطاقة المتجددة. ويتوقع أن تصل حصة القدرة الكهربائية المنتجة من هذه الطاقة إلى 42 في المئة سنة 2020 و52 في المئة سنة 2030. زيادة على ذلك، فإن المغرب اتخذ جميع الاحتياطات لتوفير احتياجاته من الغاز. من بين هذه الاحتياطات إنشاء محطات عائمة لتخزين هذه المادة السائلة. هذا دون إغفال الاكتشافات المهمة من هذه المادة التي تغطي احتياجات المغرب لمدة 20 سنة. وقد جندت السلطات الجزائرية كل طاقاتها للإشادة بهذا القرار وترويجه على أعلى نطاق بأنه انتصار على العدو المغربي. وتدعي هذه الافتراءات أن المغاربة (المروك) يقضون لياليهم في ظلام دامس.
ومما لا ريب فيه، أن الجزائر تسعى من خلال هذا الزخم من الاتهامات الباطلة والقرارات المستفزة، إلى جر المغرب إلى مستنقع الحرب وذلك لسببين أساسيين. السبب الأول: يتمثل في السعي إلى ضمان استمرارية وجوده الذي أصبح قاب قوسين نتيجة غليان الشارع الجزائري. حيث أنه بعد فشله في استقطاب الرأي العام الوطني من خلال المناورات المفضوحة، التجأ أخيرا إلى اتهام المغرب بقتل وجرح مواطنين جزائريين.
وهذا اتهام خطير يسعى من ورائه كسب تأييد المواطنين الذين قد تنطلي عليهم هذه الخدعة المقيتة. فهذا النظام مستعد، بعد الإخفاقات والانتكاسات المتتالية التي مني بها منذ توليه زمام أمور البلاد وفقدانه جراء ذلك للشرعية للتضحية بكل الجزائر من أجل الحفاظ على السلطة. أما السبب الثاني فيتجلى في سعيه إلى كبح المسيرة التنموية لبلادنا. هذه المسيرة أزعجت دولا أخرى بعيدة عن محيطنا. ونذكر على سبيل المثال الاستفزازات التحريضية لأحد المعاهد الألمانية الذي تهجم على بلادنا مطالبا بكبح جماح التقدم المغربي وتفوقه على دول المنطقة وبالأخص تونس والجزائر. فهذا الأمر يقلق حكام المرادية، لأنه يحرض عليه الساكنة التي تتخذ من المغرب نموذجا لمقارنة أوضاعها الحياتية في مختلف المجالات. لهذا يراهن هذا النظام استمراريته على تفوقه على غريمه المغرب.
واعتبارا لما سبق، لا يستبعد شن الطغمة العسكرية حربا على بلادنا. وقد لمح إلى ذلك كل من الرئيس تبون وشنقريحة. ويجب على السلطات المغربية أن تتأهب لمواجهة أي طارئ ينتج عن تهور هذه العصابة ومن يؤيدها داخل البلاد وخارجه. كما يجب على المواطنين المغاربة الوقوف وقفة رجل واحد وراء ملكنا محمد السادس نصره الله للذود عن وطننا الحبيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.