فيما أحيل الصحافي علي أنوزلا على قاضي التحقيق، بعد ثمانية أيام قضّاها رهْن الحراسة النظرية، تستمرّ الوقفات الاحتجاجية التي يخوضها الصحافيون والحقوقيون للمطالبة بعدم متابعته بقانون الإرهاب. عصرَ الخميس، كانت الساحة المقابلة للبرلمان قِبْلة لعشرات الحقوقيين والصحافيين والمحامين، ومعهم الطلبة المعطلون، حيثُ أقيمت وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح أنوزلا، وب"إسقاط قانون الإرهاب المخزني". الوقفة "قُسّمت" إلى جزئين، فبعد أن شرع الحقوقيون الذين أطّروا الوقفة في طيّ اللافتات، أجّج عدد من المعطلين المنتمين إلى التنسيق الميداني للمجازين المعطلين الوقفة من جديد، وردّدوا شعارات تطالب بالحرية لأنوزلا، الذي عبّر الحاضرون في الوقفة مِمّنْ أخذت هسبريس تصريحاتهم على كون الاعتقال "فِعلا انتقاميا". عبد الرحيم الجامعي: هذا اعتقال تحكّمي النقيب عبد الرحيم الجامعي، قال في تصريح لهسبريس، إنّ اعتقال أنوزلا ليس قانونيا، وكذلك الشأن بالنسبة لوضعه رهن الحراسة النظرية، لاعتبار أنّ الحالات التي تسمح بوضعه رهن الحراسة النظرية لمدة ثمانية أيام، ووضعه لاحقا في الاعتقال الاحتياطي من طرف قاضي التحقيق، كلها شروط منعدمة، واصفا الاعتقال ب"التحكمي". وأضاف الجامعي أنّ الاعتقال يعبّر عن عديد أمور، منها تكريس السياسة الجنائية ذات النفَس العقابي، التي لا تؤمن إلا بالسجن، والعقوبات المشدّدة، ولا تضع ضمانات حقيقية لحماية حقوق الإنسان التي يكفلها القانون. "اليوم الحريات مهددة، وكلنا معرّضون للاعتقال في أي لحظة، لأسباب تافهة، ولو لم تتوفر أسباب الاعتقال، وهذا يحتّم علينا جميعا أن ندافع عن الحرية، لأنها مهددة، بسلطة تقديرية، وباعتقالات تحكّميّة، وبشروط اعتقال غير قانوني، وبالتالي علينا أن ننادي بإنقاذ الحرية، وتوفير الضمانات للمارستها، وذلك من خلال الدعوة إلى توفير الاستقلالية للقضاء، الذي يجب أن يكون مستقلا ونزيها، وغير خاضع للتعليمات أو التوجيهات، بل للضمير ولسيادة القانون"؛ يقول الجامعي. أحمد عصيد: الاعتقال وصمة عار على جبين المغرب الحقوقيّ أحمد عصيد اعتبر اعتقال أنوزلا، الذي وصفه بالاعتقال التعسفيّ، "وصمة عار على جبين المغرب"، مضيفا أن الاعتقال هو فعل انتقامي هدفه إسكات واحد من الأصوات الحرة. وأوضح عصيد في تصريحه لهسبريس، أنّ إصدار الأوامر باعتقال أنوزلا لم تأت لكونه نشر المقال المتعلق بفيديو تنظيم القاعدة، بل يدخل في إطار تصفية حسابات، بسبب مواقفه السياسية، التي تنتقد أسس الاستبداد، مضيفا "حتى إذا كانت هناك جريمة ما، فيجب متابعته قضائيا باحترام المساطر القانونية المعمول بها". عصيد استنكر اعتقال الصحافيين ومتابعتهم بسبب ما ينشرونه، وقال إنّ الأوان قد آنَ لإصدار قانون "يحمي الإعلاميين من السلطة الغاشمة، ومن الاستبداد ومن التسلط". وحول ما إن كان الاعتقال، خصوصا وأنه جاء في الوقت الذي يتحدث فيه الخطاب الرسميّ عن إصلاح العدالة، نكوصا عن المكتسبات التي تحققت في الآونة الأخيرة، قال عصيد "هذا ليس نكوصا في واقع الأمر، بل هو تعبير عن جوهر النسق السياسي في المغرب، الذي نسميه المخزن، والذي هو جوهر ثابت لا يتغير، مهما تغيرت الظروف والحيثيات، بلْ يظل متشبثا بهويته في التاريخ، والتي هي الهيمنة والسلطوية، كما يؤكد على أنه لا يوجد هناك تغيير في جوهر السلطة في المغرب". العوني: اعتقال أنوزلا يسيء إلى المغرب رئيس منظمة حريات التعبير والإعلام "حاتم"، محمد العوني، قال إنّ علي أنوزلا بريء من تهمة الإشادة بالإرهاب، وأنّ اعتقاله كان تعسفيّا، وكانت علامات المسار الذي سيأخذه الاعتقال واضحة قبل وأثناء وبعد تنفيذه. واستنكر العوني إقدام النيابة العامة على إصدار بيانين حول اعتقال أنوزلا قائلا "لا يمكن للإنسان إلا أن يخجل من أن يكون في بلد تصدر فيه النيابة العامة مثل هذه البيانات، وتعميمها على وسائل الإعلام الرسمي، دون إفساح المجال لإسماع صوت الرأي الآخر". العوني اعتبر اعتقال أنولا اعتقالا انتقاميا، وتصفية حسابات، من طرف سلطة متسلطة تصرّ على وضع الخطوط الحمراء أمام الصحافيين، وهذا عمل يفضي إلى إفراغ الخطابات الرسمية التي تدّعي وجود احترام حرية التعبير من مضمونها، وهي خطابات كلها من أجل الخارج، وديمقراطية الواجهة، حسب تعبيره، داعيا "العقلاء وسط الحاكمين، إذا كان هناك عقلاء، إلى الكفّ عن الإساءة إلى الوطن، وإلى صورته، من خلال مثل هذه الأفعال التي لا تؤدي إلا إلى تسويد صورة المغرب، وجعله في آخر المراتب على مستوى حرية التعبير، وفي غيرها من المجالات". اللعبي: هذه "نقلة نوعية" للتصدي لحرية التعبير الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، قال في تصريح لهسبريس، إنّ اعتقال أنوزلا هو إجراء سياسي، يستهدف حريّة التعبير والرأي في المغرب، معتبرا أنّ اعتقال أنوزلا " هو تهديد خطير لحرية التعبير وحريّة الرأي، وهذا لا يعني الصحافيين فحسب، بل يمسّ كل المغاربة الذين يعبرون عن آرائهم بحرية". وحوْلَ ما إنْ كان اعتقال أنوزلا يعني تراجعا إلى الوراء، في مجال حريات الرأي والتعبير، قال اللعبي "هذا تتويج مشوّه لممارسات اعتيادية، ونقلة نوعية للتصدي لحرية التعبير في المغرب". خالد الجامعي: ال"PJD" سيدفع الثمن "اعتقال أنوزلا يدخل في إطار سياسة الدولة لإسكات المعارضة، وذلك عبر نهج سياسة قوامها عدم السماح أو إفساح المجال لأن لا يكون على الساحة صوت معارض لسياستها"، يقول الصحافي خالد الجامعي، مضيفا أنّ الاعتقال لا يستهدف شخص أنوزلا، بل يهدف إلى إسكات الموقع الذي يديره. الجامعي أضاف في تصريح لهسبريس، أنّ الحكومة لا دخْل لها في هذا الملف، لأنّها لا تملك سلطة اتخاذ القرار، لكون حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، حسب تعبيره، وصل إلى الحكومة ولم تصل إلى الحكم، "وأنّ الذين اتخذوا القرار يأكلون الثوم بفمه". وحول الجهة التي اتخذت قرار اعتقال أنوزلا، قال الجامعي "الذين اتخذوا القرار هم حاشية الملك، ولكن حزب العدالة والتنمية هو من سيدفع الضريبة، وسيتحملّ التبعات مستقبلا، لأنّ المخزن دفعهم إلى النار، ويلا وقع شي صداع ، سيقول لهم أنتم المسؤولون".