عيدكم مبارك أيها الهسبرسيون... "" عيدكم مبارك أيها المغاربة ... عيدكم مبارك يا أهل الإسلام... هذه الكلمة تتكرر على الألسنة مرات و مرات بصيغ مختلفة يوم العيد " عيدكم مبروك" " امبارك عيدكم"، و في أيام غير العيد المغاربة يتداولون كلمات " تبارك الله عليك" " بارك الله أو فيك " " الله يبارك فيك "، كما أن مسألة البركة و التبرك متداولة بكثرة في حياة الناس اليومية . هذه الكثافة في التداول اليومي اللغوي لكل ما له علاقة بفعل " برك " - كما أن الكثافة ترتفع في عيدي الفطر و الأضحى – تجعل المرء يقف وقفة تساءل : هل يستشعر المسلم معنى كلمة عيدكم مبروك ؟ هل هذه الكلمة تقال فقط لأن هي من باب ما جرت به العادة في كلام الناس ؟ من المعلوم أنه كلما كان المتكلم وعيا بمعنى الكلمات التي يتلفظ بها ، إلا و كانت لكلماته حرارة و لكلماته مناسبة ، و لكلماته جمال المنطق ، من هذا المنطلق حري بنا، أن نضيء هذه الكلمة المتداولة في أيام العيد إضاءة تبين معناها و حقيقتها، فتنعكس هذه الإضاءة على الألسنة و حديث الناس.. في اللغة :» قيل ابتركوا في الحرب أي ثبتوا و لازموا موضع الحرب و براكاء الحرب و بروكاؤها للمكان الذي يلزمه الأبطال و سمي محبس الماء بركة«، فعل ابتركوا مشتق من فعل برك بفتح الراء ، و المعنى المستفاد هو الثبوت و اللزوم ، و هذا المعنى يتجلى في معنى البركة ، و معناها ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى:» لفتحنا عليهم بركات من السماء و الارض « الأعراف/96 و سمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة، و الشيء المبارك ما فيه ذلك الخير الثابت، على ذلك :» هذا ذكر مبارك أنزلناه « الأنبياء/50 . و لما كان الخير ثابتا ، فالثبوت ضد الزوال و العدم ، بمعنى أن الشيء المبارك فيه ، هو الشيء الذي لا تقربه مضرة ، و إنما كل ما فيه هو الخير الثابت ، و هذا الخير هو خير الله سبحانه و تعالى ، و النتيجة أن خير الله لا يعد و لا يحصى ... و لهذا فالعيد مبارك ، لأن العيد كله خير ، و الخير فيه بالزيادة و زيادة ..، و العظيم في كل هذا أن البركة اختص بها الله سبحانه و تعالى ، و غير ما آية تشير لهذا المعنى في بدايتها بكلمة :" تبارك..." و حق لنا أن نكبر إذا استشعرنا هذا المعنى يوم العيد .. الله أكبر على الخير الثابت يوم العيد.. الله أكبر على الخير الذي لا يعد و لا يحصى يوم العيد... الله أكبر كبيرا الحمد لله كثيرا و سبحان الله بكرة و أصيلا... و إذا كان العيد بهذا المعنى، فإن النفوس و القلوب المؤمنة تهفو إلى عودته و رجوعه بشوق و حب، و لذلك قيل العيد ما يعاود مرة بعد أخرى.. و كأن قول المرء " عيدكم مبارك " هو تهنئة بعودة خير عظيم من الله سبحانه و تعالى .. فأنعم بها من كلمة عظيمة.. [email protected]