اختار القيادي الإسلامي الدكتور أحمد الريسوني أسلوب التلميح والسخرية السوداء، عندما انبرى لانتقاد المسيرة التي دعا إليها حزب الاستقلال، أمس الأحد بالرباط، احتجاجا على الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، والتي تميزت بتواجد بعض الحمير التي أراد لها أصحابها أن تكون مرتدية لأقمصة أنيقة وربطات عنق "حداثية". واهتم الريسوني، في مقال له نشره اليوم على الانترنت، بمسيرة الحمير هذه باعتبارها تخرج لأول مرة في مظاهرة احتجاجية في شوارع العاصمة الرباط، ما دفع الكاتب إلى التساؤل بالقول "هل سيكتب المؤرخون أم سيستحيون ويتعففون؟، أما وسائل الإعلام فلم تترك لهم فرصة لتجاهل الحدث". وسرد عالم مقاصد الشريعة ذاته، وهو يطالع أخبار وصور الحمير المتظاهرين ضد الحكومة، قصة يحكيها أهل فاس منذ قرن أو نحوه، ومفادها أن رجلا بدويا من إحدى القبائل المجاورة قرر أن يدخل مدينة فاس ويتعرف عليها، بعد أن ظل حياته كلها يسمع عنها دون أن يراها. وبعد أن نال التعب والجوع من الأعرابي المشدوه إلى روعة مدينة فاس، دلف مطعما رحب به صاحبه، فأكل الرجل ما طاب من الطعام، وعند المغادرة طلبوا منه ثمن ما اكله، فلما لم يجد ما يؤديه، ذُهِب به إلى حاكم المدينة، فحكم عليه بعقوبة تعزيرية، وهي: أن يتم تطويفه على حمار، ويُعَرَّفَ أهلُ المدينة به وبفعلته، ثم يحلقوا رأسه تنكيلا به، ثم يطرد إلى خارج المدينة. وأكمل الريسوني القصة: "عاد الرجل إلى قريته، فسألوه عن رحلته إلى فاس؟ فقال: لقد رأيت من عجائبها ما رأيت، وفي وقت الغداء دعاني بعض أهلها، فأكلت وشربت ما لذ وطاب. بعد ذلك أخذوني لزيارة الأمير في قصره. وبأمر منه أركبوني على حمار، وذهبوا بي لأتجول فيما بقي من المدينة، وهم يهتفون بي فرحين مرحبين، ثم حلقوا رأسي بدون مقابل، ثم حملوني مسافة في طريق عودتي..". وأسقط الريسوني مضمون ودلالات هذه القصة على مسيرة الحمير بالرباط، متسائلا بالقول: "هل هذا تطور وإبداع في عالم السياسة؟ وهل هو توسيع لدائرة العمل السياسي بانضمام فئات جديدة إليه؟ أم هو موت للأخلاق والآداب في السياسة؟ أم هو موت للسياسة من أصلها".