بعد الغياب الاضطراري ل"موكب الشموع" للسنة الثانية على التوالي عن الشوارع السلاوية، حضرت في الزاوية الحسونية بسلا "رقصة الشمعة" خلال احتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، ليل الخميس. وبحضور رجالي ونسائي، تليت في هذا الاحتفال بالمولد النبوي تلاوات قرآنية وصدحت أنغام من طرب الآلة المعروف ب"الموسيقى الأندلسية". وعلى مر السنوات بالمدينة العتيقة في حاضرة سلا، كانت الزاوية الحسونية تحتفل في موكب كبير ب"موسم الشموع"، الذي يعود إلى العهد السعدي. وتحيي "الزاوية الحسونية" هذا الاحتفال بشموع تعلوها "بركة محمد"، وهي زاوية القطب الصوفي الشهير عبد الله بن حسون الذي توفي مطلع القرن السابع عشر بسلا. ويأتي هذا الاحتفال بذكرى المولد النبوي المقتصر على الزاوية بسبب حالة الطوارئ الصحية المعلنة، التي لا يرخص بموجبها تنظيم أنشطة من بينها المواكب والمسيرات. في هذا الإطار، قال عبد المجيد الحسوني، نقيب الشرفاء الحسونيين، إنه قد "جرت العادة كل ليلة مولد نبوي شريف، باحتفال سلا بموكب الشموع، منذ ما يقرب خمسة قرون، منذ الدولة السعدية إلى اليوم، مع وجود فترات لم يتم فيها الاحتفال، مثل محطة الجهاد البحري عند انحطاط الدولة السعدية؛ لكن مع بدء الدولة العلوية الشريفة بدأ الاحتفال بموكب في عيد المولد النبوي الشريف، خاصة في عهد السلطان مولاي رشيد". وتابع نقيب الشرفاء الحسونيين في تصريح ل هسبريس: "استمر الاحتفال وصولا إلى سنة 1953 عند نفي جلالة المغفور له محمد الخامس، فقرر الوطنيون عدم الاحتفال بأي عيد، وعند سلطنة ابن عرفة أرادت سلطات الحماية الاحتفال بالموكب، واستدعوا الشرفاء الحسونيين، فاشترطوا للاحتفال رد الملك محمد الخامس إلى عرشه، فقوبلوا باستهزاء مراقب الحماية، ورغم ذلك استدعت الحماية بعض الأعيان وأمِر بعض صناع الشموع بصناعة شموع الاحتفال، وجرت جميع الترتيبات؛ لكن اجتمع بعض الشرفاء الحسونيين مع مقاومين فأحرقوا الشموع، يوما قبل الموكب، ولم يتم. حتى جاء جلالة المغفور له منتصرا من منفاه". ثم عاد الاحتفال سنة 1956 بالمسجد الأعظم، بعد طلب الشرفاء الحسونيين من الملك محمد الخامس تنظيم الموكب، فأعطى أوامره بذلك، واستمر منذ ذاك إلى "السنتين الماضيتين، نظرا للقرارات الاحترازية للحفاظ على سلامة الساكنة". وتحدث المصرح عما عرفه "موكب الشموع" في السنوات الأخيرة من "تميز وتألق في التنظيم بمشاركة فرق فلكلورية وإفريقية وشرقية وصوفية، بفضل الرعاية السامية لأمير المؤمنين، الحريص على الحفاظ على التراث المادي واللامادي". وعلى الرغم من الاستثناء الصحي الذي حال دون تنظيم "موكب الشموع"، قال عبد المجيد الحسوني إن الزاوية حرصت على الاحتفال بذكرى المولد النبوي ب"رقصة الشمعة على أنغام الموسيقى الأندلسية والمديح والغناء الصوفي"، لتستمر ذكرى هذا التقليد "أندلسي الأصل، من إشبيلية، المرتبط بالتوافد الأندلسي على العدوتين بعد سقوط غرناطة".