بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية المرتبطة بجائحة كورونا في الآونة الأخيرة، نتيجة تحسن الوضع الوبائي على المستوى الوطني، بدأت بعض جمعيات المجتمع المدني بمدينة خريبكة تستعيد حيويتها شيئا فشيئا، وتعود إلى التواجد الميداني رويدا رويدا، إذ بدأ الانتعاش يدب في العمل الجمعوي الذي عاش ارتباكا كبيرا منذ ظهور كوفيد 19 بالمغرب شهر مارس من السنة الماضية. وسواء تعلق الأمر بالجمعيات التي نجحت في استئناف عملها في الآونة الأخيرة، خاصة في الميادين الثقافية أو الرياضية والنسائية والفنية والخيرية، أو الجمعيات التي مازالت أنشطتها متوقفة إلى حدود اللحظة، فإن عددا من الفاعلين الجمعويين ب"عاصمة الفوسفاط" يجمعون على أنهم يواجهون جملة من الإكراهات التي تحول دون تمكنهم من تنظيم أنشطة إشعاعية كبيرة، ويحاولون بشتى الطرق تجاوز المشاكل التي تعترضهم، في انتظار تفاعل المسؤولين مع حاجياتهم وانتظاراتهم. الزبونية وضعف الثقة ياسين هديل، رئيس جمعية البراءة للأعمال الثقافية والاجتماعية، أشار إلى أن "الجمعية تأسست في أكتوبر 2017، ومنذ ذلك الحين يحاول أعضاؤها الذين لا يتجاوزن 25 سنة من أعمارهم السير بخطى ثابتة لتحقيق أهدافهم، رغم الإكراهات والصعوبات والضغوطات التي تواجههم". وأوضح المتحدث ذاته أن "أهم المشاكل التي تواجه الجمعية تتمثل في ضعف الثقة من المؤسسات وانعدام الدعم المعنوي، لذلك مازالت تعاني، على غرار أغلب الجمعيات بخريبكة، من قلة المؤسسات الداعمة لأنشطتها الثقافية والاجتماعية، إضافة إلى الزبونية كعنصر أساسي لدعم أي جمعية أو فاعل جمعوي"، مضيفا: "جمعيتنا مركزة على تحقيق أهدافها بعيدا عن النقد الهدام، وحريصة على تطوير مهاراتها في التسيير والتدبير وتنظيم الأنشطة التطوعية الإشعاعية". وختم هديل تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية بالتأكيد على أن "الطموحات والانتظارات كبيرة من المسؤولين والسياسيين، ولكي يحقق العمل الجمعوي الغاية منه لا بد للمؤسسات الداعمة أن توفر مكاتب خاصة باستقبال أفكار وطلبات الفاعلين الجمعويين، وبلورة برامج أسبوعية أو موسمية لإغناء الوسط الجمعوي بالأنشطة الهادفة". أنشطة كثيرة ودعم منعدم من بين الجمعيات التي تشتغل بمدينة خريبكة في مجال التطوع والأعمال الخيرية، جمعية رجاء الخير التي قالت رئيستها رجاء تومة: "في غياب الدعم المعنوي والمادي من طرف المسؤولين نجد صعوبة كبيرة في تنفيذ مشاريع أكبر، لذلك نقتصر على مجهوداتنا الخاصة والقليلة من أجل مساعدة الأيتام والأسر المعوزة التي يتجاوز عددها قدراتنا المادية، كما أن الجمعية تبحث باستمرار عن المحسنين لإقناعهم بمساعدة المحتاجين". وأضافت المتحدثة ذاتها أن "الجمعية تتمنى الحصول على الدعم من طرف المسؤولين لكي تتمكن من تنظيم أنشطة إشعاعية كبيرة، وتتسع دائرة المستفيدين من مبادراتها التي تتنوع بين مساعدة الأيتام وحفر الآبار بالدواوير النائية، والمشاركة في عمليات التعقيم وحملات التحسيس، كما تقوم بتوزيع الكمامات والقفف الغذائية وأضاحي العيد واللوازم المدرسية والأدوية وكسوة العيد وحفاضات العجزة وحليب الرضع...". وشددت رئيسة جمعية رجاء الخير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن "هذه المبادرات الجمعوية، اليومية منها والموسمية، تروم فعل الخير أولا وأخيرا، لكنها تتطلب دعما ماديا ومعنويا مهميْن حتى تحقق أهدافها النبيلة"، مضيفة أن "تذليل الصعوبات أمام جمعيات المجتمع المدني سيساهم بالتأكيد في تنمية مدينة خريبكة حتى تكون في أحسن حال في مختلف الميادين". انحراف ومنافسة غير شريفة مراد فريد، رئيس جمعية هناء للأعمال الخيرية والاجتماعية، قال بدوره: "بالنسبة لجمعيتنا التي تشتغل في الجانب الاجتماعي والخيري بخريبكة ليست هناك صعوبات أو عراقيل من طرف المسؤولين والسلطات المحلية، بل هناك تشجيع وتنويه كبيرين، لكن الصعوبات تكمن في المنافسة غير الشريفة من طرف بعض الذين انحرفوا عن الهدف النبيل للعمل الجمعوي، وركزوا على ضرب غيرهم وكأنهم في حرب، إضافة إلى ظهور مجموعات مجهولة تمتهن العمل الاجتماعي والخيري". وأشار المتحدث ذاته إلى أن "العدد الكبير من الحالات الإنسانية يثقل كاهل الجمعيات المختصة في المجال"، وتابع موضحا: "على سبيل المثال نذكر مرضى السرطان الذين يعانون مع مصاريف التنقل من جهة، ومصاريف العلاج من جهة أخرى، في غياب مركز خاص يخفف معاناتهم"، مضيفا أن "هذه العقبات والصعوبات تدفع الجمعية إلى بذل مجهود كبير لتجاوزها بالتوكل على الله أولا، ثم بدعم من الأصدقاء والأعضاء وواجبات الانخراط، في ظل غياب الدعم الخاص بالشق الاجتماعي والخيري". وختم مراد فريد تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية بالإشارة إلى أن "الجمعية تأمل من القائمين على الشأن المحلي تخصيص دعم للمجال الخيري والاجتماعي، وتسهيل المساطر القانونية وتشجيع الجمعيات وأعضائها من أجل عمل ومشاركة أكثر فاعلية في تنمية المدينة والوطن، مع اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص في التعامل مع الجمعيات". فتح القلوب قبل الأبواب أما مروان المتقاني، رئيس جمعية النصر الرياضي خريبكة، فقال إن "هذه الجمعية تعرف محليا بكثرة الأنشطة الشبابية ذات الطابع التنموي، وقد مثلت المدينة في البطولة الجهوية لعصبة بني ملالخنيفرة في الدوري الممتاز لكرة القدم داخل القاعة، وتتطلع هذا الموسم إلى تحقيق الصعود إلى القسم الوطني الثاني، لكنها تواجه إكراها حقيقيا يتمثل في الجانب المادي المحض". وأضاف المتحدث ذاته في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "بالنظر إلى انعدام دعم مادي قار لتنظيم الأنشطة والمنافسة في البطولة الجهوية فإن الجمعية تتغلب على هذه الصعوبات، ولو جزئيا، من خلال المساهمات والانخراطات البسيطة لأعضائها وبعض الغيورين على الرياضة بالمدينة، إضافة إلى الدعم الذي تتلقاه من مستشهر رسمي يساندها في أنشطتها". وعن الانتظارات المستقبلية قال مروان المتقاني: "أملنا في المسؤولين بمدينة خريبكة أن يفتحوا قلوبهم لنا قبل أبواب مكاتبهم، من أجل تقديم دعم مادي قار ومساندة معنوية، وتوفير تجهيزات رياضية بالمدينة، من ملاعب قرب ومسابح ودور شباب وقاعات رياضية... كما نطلب منهم تسهيل الولوج إليها بعدم استخلاص واجبات الانخراط السنوي في القاعات المغطاة التي تثقل كاهل الجمعيات".