استضافت مدينة الرياض الملتقى الدولي "تعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب"، حيث اجتمعت الجهود الدينية والفكرية والسياسية والبرلمانية والأممية على رؤية عالمية موحدة نحو تعزيز بناء الجسور بين الأمم والشعوب، وركز الملتقى على محور دعم الدور الوطني والأممي للمرأة في التنمية وصناعة السلام حول العالم. وشارك في هذا الملتقى الدولي، الذي احتضنته السعودية الأسبوع الماضي، كل من الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وكوليندا غرابار كيتاروفيتش، الرئيسة السابقة لجمهورية كرواتيا الناشطة في مجال السلام العالمي وصاحبة المبادرة لعقد المؤتمر في الرياض. وألقى العيسى كلمة بيَّن فيها أهمية هذا الملتقى الدولي حول تعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب، واستشراف دور المرأة في هذا الصدد، ولا سيما في المجتمعات الوطنية، وزاد قائلاً: "نثمن مشاركة قامات عالمية، دينية، وفكرية ودبلوماسية وبرلمانية وأممية، لها إسهام كبير في بناء الجسور وتحالف الحضارات"، مؤكداً "أهمية هذا الدور الكبير وحاجة العالم الماسة إليه". وشدد الأمين العام للرابطة على أن "مستقبل الأجيال مرتبط بإذن الله تعالى بجهود التواصل الإيجابي والحوار الفعال والعمل المشترك بتضامنه الأخوي الصادق وهدفه النبيل"، وقال: "مواصلة جهود تعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب ضرورة ملحة لسلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية المتنوعة". وأضاف العيسى أنه "كلما ابتعدنا عن بعضنا ازدادت الفجوة السلبية وساء الفهم تلقائياً ودخل الأشرار في منطقة الفراغ"، مؤكداً أن الأشرار ضعفاء جداً؛ لكنهم ينتصرون فقط عندما لا يقوم الأخيار بدورهم ولا يتحالفون كما يجب. ولفت إلى أن الاختلاف والتنوع قدر إلهي محتوم، ولا يمكن أن يكون الناس كلهم على منهج واحد؛ لكن علينا أن نتفهم ذلك، وألا يعيق الاختلاف أخوتنا ومحبتنا الإنسانية والأخلاقية لبعضٍ، ولا يعيق كذلك تعاوننا. وقال: "إن الحديث عن أهمية دور المرأة في المجتمعات الوطنية ومجتمعها الدولي يدركه الجميع بوعيهم الديني والفكري والسياسي والتنموي بشكل عام"، لافتا إلى أن "المشكلة تكمن في تقدم الوعي بهذه المسلمة من خلال عمل فعال على أرض الواقع، وليس مجرد حديث عن أهمية الدور والتمكين أو الادعاء بالتكريم والتمكين فحسب ". وأكد العيسى أن المرأة عانت طويلاً عبر التاريخ الإنساني من صور قاسية من الإساءة والتهميش، فعانت بالتالي المجتمعات الوطنية والإنسانية من حرمانها من كفاءة المرأة ودورها المؤثر، ونجاحها الذي أثبتته بكفاءة عالية على مختلف المستويات. كما ألقت كيتاروفيتش، رئيسة كرواتيا السابقة الناشطة في مجال السلام العالمي، كلمة عبرت فيها عن سرورها بالتغييرات الإيجابية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، على صعيد المرأة ودورها الفعَّال في المجتمع، وكذلك مكافحة التعصب والتطرف بشكل عام. وأشارت كيتاروفيتش إلى التغييرات التاريخية التي تشهدها السعودية، وأوردت أنها كانت "تحمل القليل من سوء الفهم المبني على نقص المعرفة؛ لأن معرفتي كانت تستند إلى ما قرأته في وسائل الإعلام الدولية. لذلك، لم أكن على دراية بالتغييرات التي حدثت في السعودية في السنوات الماضية، وأنا هنا أُقدِّر حقًا ما تم إنجازه". من جانبه، أكد زلمير بوليتش، رئيس المؤتمر الأسقفي لكرواتيا ورئيس الأساقفة الروم الكاثوليك لأبرشية مدينة زادار، على أهمية دور الأديان في بناء ثقافات المجتمع، مشدداً على أن لا بديل أمام البشر، إما أن يبنوا مستقبلهم معاً أو لن يكون لهم مستقبل. فيما أكد ميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الحضارات في الأممالمتحدة، أهمية موضوع دور المرأة في الوقت الحالي، وضرورة العمل على تعزيز مكانتها المجتمعية والأممية، وإعطائها دورها المهم كعامل رئيس في حل الأزمات والمساهمة الإيجابية في بناء السلام. وواصل الملتقى حلقات نقاشه ومقترحاته المرتكزة على تعزيز بناء الجسور للسلام والوئام بين الأمم والشعوب، واحترام الخصوصيات الثقافية والحضارية، والتعاون حول مشتركاتها الإنسانية، وإبراز دور المرأة المشروع في التنمية الوطنية والإسهام الدولي.