خطوة هامة تلك التي دشنها المغرب منذ أكثر من أسبوع، بإطلاقه العمل بمفاعله النووي الصغير بالمعمورة، الخاص بالأغراض السلمية هكذا فبعد سنوات من التردد والتجريب، وانتظار القرار السياسي الحامي لخطوة مماثلة، وبعد الدعم العلمي الذي قدمته كل من باريس وواشنطن لهذه المبادرة العلمية المغربية، وبعد إنهاء كل الإجراءات اللوجيستية، الخاصة بتوفير شروط السلامة التي لا تزال فعاليات المجتمع المدني بالقنيطرة تعتبرها غير كاملة، رغم التطمينات الرسمية التي كان قد قدمها وزير الطاقة المغربي محمد بوطالب بالبرلمان، إذن، فبعد كل هذه السنوات من الانتظار، الذي كلف ميزانية ضخمة جدا ( ما يفوق 78 مليار سنتيم)، انطلق العمل بهذا المفاعل النووي المغربي تحت إشراف خبراء أمريكيين ومغاربة متخصصين، تابعين للمركز الوطني المغربي للأبحاث النووية، الكائن مقره بحي أكدال بالرباط، أمس الأول نظمت الجمعية المغربية لمهندسي التقنيات النووية، يوما دراسيا هاما، بعد انطلاق العمل بهذا المفاعل النووي المغربي الصغير، أجمعت المداخلات العلمية فيه على أهمية هذه الخطوة المغربية، مثلما أكدت على ضرورة منح الإعتبار اللازم للكفاءات المغربية في هذا المجال الحيوي الهام، وهي الطروحات التي جاءت لتتكامل مع بعض الامتعاض المعبر عنه من قبل بعض المهندسين المغاربة العاملين بالمركز الوطني للأبحاث النووية، الذين لم يشركوا في عملية انطلاق العمل بهذا المفاعل النووي، سوى 5 أيام بعد تشغيله الفعلي، والذي قام به خبراء أمريكيون يوم فاتح ماي 2007، علما بأن اليوم الموالي 2 ماي 2007، هو اليوم الرسمي لبداية العمل المتواصل لهذا المفاعل الذي هو من نوع ترايغ مارك 2 ، وهو مفاعل أمريكي تتوفر عليه العديد من الجامعات ومعاهد البحث العليا بالولايات المتحدةالأمريكية وبأوربا، وله قدرة إنتاج طاقية لا تتجاوز 2 ميغاوات، وهي جد بسيطة مقارنة بعدد من المفاعلات النووية التي تتوفر عليها جارتنا إسبانيا مثلا، الأساسي في هذه الخطوة المغربية، هو أنها تدشن لبداية العهد النووي بالمغرب، والذي ستكون له توابعه الإيجابية على مستوى الخدمات العلمية والتقنية التي يوفرها اختيار علمي تنموي مماثل، فعمليا سيوفر هذا المفاعل النووي للمغرب الكثير من الوقت والخبرة وكذا من العملة الصعبة في ما يرتبط بالعديد من الأبحاث والاختبارات الطبية، وكذا العديد من الأبحاث الخاصة بالفلاحة والطاقة والتعدين وتحليل ما يسميه الخبراء المغاربة ب التفاعل النيوتروني والتكوين النووي ، وحسب جهات علمية مغربية ذات صلة وثيقة بهذا الملف المغربي الهام، فإن مركز المعمورة النووي الكائن بدائرة سيدي الطيبي، جنوب مدينة القنيطرة، سيفتح الباب أمام بلادنا لتطوير قدراتها العلمية المتخصصة من أجل بلورة مشروع وطني علمي، يوفر للمغرب تراكما في مجال إنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية، خاصة في ما يرتبط بالكهرباء والطاقة عموما، التي تعتبر فاتورتها جد مكلفة مغربيا، كوننا بلدا لا تتوفر على مصادر طاقة حيوية وطبيعية مثل الغاز والبترول، وأنه بالتالي، ستكون الطريق العلمية سالكة أمام المغرب للتوفر على أكثر من محطة نووية تنتج الطاقة (مشروع الجرف الأصفر كمثال )، وكذا تحلية مياه البحر، الذي يعتبر الأمن المائي واحدا من أكبر التحديات في المستقبل المنظور مغربيا ومغاربيا ( مشروع طانطان الذي تم تأجيله والذي من المفروض أن يستفيد فيه المغرب من التجربة الصينية والإسبانية التي تعتبر من أرقى التجارب عالميا )، لكن، الربح الآخر الهام، هو الربح البيئي، حيث أن إنتاج الطاقة من خلال الأبحاث النووية يوفر أرقى أشكال المحافظة على البيئة والذي لا يمثل أي شكل من أشكال التلوث الخطيرة التي تحدثها باقي أشكال الطاقة الأخرى المعمول بها حتى الآن. ""