شهدت مدينة تاركيست، يومي الخميس والجمعة، إنزالا أمنيا كثيفا "غير مسبوق" في تاريخ المدينة، استعدادا لتطويق احتجاجات عرفتها شوارع المدينة، أمس الجمعة، والتي أطلق عليها ناشطو حركة "شباب تاركيست والنواحي لمتابعة الشأن المحلي" اسم "جمعة الغضب". وجابت دوريات أمنية، من قوات التدخل السريع والأمن الوطني، شوارع المدينة في مشهد وصفه البعض ب"الاستعراضي"، بهدف ترهيب السكان، وتثبيطهم عن المشاركة في الاحتجاجات التي دعت لها الحركة، وذلك وفق مصادر متطابقة من تاركيست قالت إن "الإنزال الأمني استمر حتى مساء الجمعة، من خلال توافد الحافلات وسيارات التدخل السريع على تاركيست قادمة من الناضور والمدن المجاورة". وفي ظل الإنزال الأمني المكثف، عقد والي جهة تازةالحسيمة تاونات لقاء تواصليا، صباح الجمعة، مع فعاليات مدنية وسياسية بمدينة تاركيست والنواحي، وبحضور برلمانيي المنطقة محمد بودرا عن حزب الأصالة والمعاصرة، وسعاد الشيخي عن العدالة والتنمية، ونور الدين مضيان عن حزب الاستقلال، والأعرج عن الحركة الشعبية، فيما قاطعت العديد من الفعاليات الجمعوية اللقاء بدعوى أن "الوالي حضر لتاركيست في مهمة رسمية وليس للتواصل والتباحث في مشاكل الساكنة". وأكد أحد ناشطي حركة "شباب تاركيست والنواحي لمتابعة الشأن المحلي"، في تصريحات لهسبريس، أن الحركة لم تتلق أي دعوة رسمية لحضور اللقاء التواصلي، وأنها مستمرة في احتجاجاتها السلمية للتعبير عن مطالبها، واصفا الإنزال الأمني بأنه فاق المعقول". وأطلق شباب تاركيست الفايسبوكي الذين غادروا عالمهم الافتراضي، مقر انطلاق حركتهم، عددا من العبارات والشعارات التحفيزية، منها: "في حمى الله.. لأجلك خرجت يا تارجيست.. "، ورسائل أخرى تشي بالوداع من قبيل "المسامحة آلخوت". ساعة "الحقيقة" دقت الساعة كانت تشير إلى السادسة مساء، وهو الوقت المتفق عليه للنزول إلى شوارع تاركيست..بعض التجار استجابوا لنداء الشباب، وقاموا بغلق متاجرهم كنوع من الاحتجاج والتضامن مع مطالب الشباب والساكنة.. بعد ربع ساعة فقط من التوقيت المقرر مئات المحتجين ينزلون بكل من شارع عبد الكريم الخطابي والشوارع الرئيسية الأخرى المجاورة لمقر بريد المغرب في مسيرات مصغرة التقت بملتقى الطرق واستمرت في مسيرة واحدة رافعين شعار" سلمية... سلمية". ونظرا للأعداد المشاركة، والتي وُصفت بغير المسبوقة، استطاع الشباب الوصول إلى نقطة التجمع أمام مقر بريد المغرب، كما أن أفواجا من شباب جماعتي بني بونصار وبني أحمد إموكزن التحقوا للمشاركة في الاحتجاجات، ودعم المتظاهرين بعاصمة صنهاجة. وتعاملت قوات الأمن المتواجدة، والتي كانت تطوق المكان بكثافة، بسلاسة مع وفود المحتجين، كما أكد ذلك بعض من شاركوا في الاحتجاجات، حيث لم يكن باديا على قوات الأمن أي نية لفض الوقفات الاحتجاجية بالقوة أو العنف كما حدث في المرة الأخيرة. اجتمعت الوفود المحتجة أمام مقر بريد المغرب، واحتلت الشوارع المتفرعة منه، لكن سرعان ما قامت القوات العمومية بضرب طوق أمني حولهم لعزلهم عن باقي المشاركين الذين كانوا يستعدون للالتحاق بهم، لكن رغم ذلك استطاع المحتجون كسر الحصار الأمني أكثر من مرة للسماح للساكنة بالالتحاق بالشكل الاحتجاجي. وهتف المحتجون بسلمية احتجاجاتهم، رافعين شعارات تعبر عن مطالبهم وما ينتابهم من إحساس بالتهميش والحكرة والاستبداد، وهي الشعارات التي تجاوب معها المحتجون بشكل لافت، مثل: "تاركيست ياجوهرة..خرجو عليك الشفارة" و"والمجلس يطلع برة... تاركيست أرضي حرة". وطالب المحتجون أيضا بإحداث عمالة صنهاجة من خلال شعارات: "الشعب يريد العمالة"، بالإضافة إلى مطلب إخراج المشاريع الملكية إلى حيز الوجود، والتي مر عليها ست سنوات منذ تدشينها، ومحاسبة رؤوس الفساد بتاركيست، وإقالة المجلس البلدي مكتبا مسيرا ومعارضة، وفتح تحقيق في العديد من ملفات الفساد التي عرفتها وتعرفها المدينة. وبعد ساعة ونصف من بدء الاحتجاجات التي عرفتها حاضرة صنهاجة، تفرق المحتجون الذين عبروا عن وعي وانضباط كبيرين، ضاربين موعدا لهم يوم الجمعة المقبل، متمنين أن تلقى مطالبهم آذانا صاغية، ويستجيب المسئولون المعنيون لملفهم المطلبي.