استدعاء جديد لملف الصحراء المغربية من داخل أروقة الأممالمتحدة، بصم عليه رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج الجزائري، خلال استقباله لأنطونيو غوتيريس، الأمين للأمم المتحدة، حيث أصرّ المسؤول الحكومي بالجارة الشرقية للمملكة على إثارة قضية الصحراء مع أرفع مسؤول داخل الهيئة الدولية سالفة الذكر. ووفقا لبيان وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، فقد استقبل الأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، أمس السبت، على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال76. اللقاء الثنائي عرج كذلك على ملف الصحراء المغربية، حيث دعا الطرف الجزائري الرسمي إلى استئناف المفاوضات بين طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، بهدف التوصل إلى حل وفقا لقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة. ويشير محمد الطيار، الخبير في الشأن الأمني، إلى أن النظام العسكري عمد، عند تعيينه للحكومة الجديدة، إلى الاستعانة بإحدى أدواته القديمة خلال حكم بوتفليقة وقبله، حيث استقدم رمطان لعمامرة البالغ من العمر 67 سنة، إيذانا بمرحلة جديدة لعلها تعيد الروح إلى جسد الدبلوماسية الجزائرية. ويبرز المحلل ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "لعمامرة قام، مباشرة بعد تعيينه، بعدد من الجولات الإفريقية. كما أعاد هيكلة الوزارة، عبر الإعلان عن سبع شعب جديدة وعن تعيين مبعوث خاص بنزاع الصحراء والمغرب العربي، وعرض وساطته لفك نزاع سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان، ونظم لقاء حول الأمن في الساحل وآخر حول الأزمة الليبية، وأعلن عن قمة حول فلسطين وعن تنظيم مؤتمر الجامعة العربية بالجزائر. كما سعى لعمامرة إلى منع حصول إسرائيل على صفة عضو ملاحظ في الاتحاد الإفريقي، واستدعى سفيره بالمغرب وبعدها قطع العلاقات الدبلوماسية". وقال الطيار بأن هذه بعض المحطات من محاولات النظام العسكري ما يسميه باستعادة مكانة الدبلوماسية الجزائرية السابقة، مبرزا أن هذه المحطات حققت الفشل في أكبر تجلياته؛ فلم تستطع الجزائر التأثير في المسار الليبي، ولم تستطع عقد القمة العربية، ولم تستطع القيام بأي دور في أزمة سد النهضة، ولم تستطع الحيلولة دون حصول إسرائيل على مقعدها في الاتحاد الإفريقي. وشدد الخبير في الشأن الأمني على أن الخارجية الجزائرية دفعت بجهلها عمر هلال، السفير المغربي بالأممالمتحدة، إلى طرح قضية تقرير مصير شعب القبايل كرد على تدخل رمطان لعمامرة غير الموفق بلقاء دول عدم الانحياز، حيث قام بحشر قضية الصحراء؛ وهو ما جعل لجنة تصفية الاستعمار، بعدها، تبعث دعوة إلى ممثلي شعب القبايل لحضور جلساتها. وأورد المتحدث ذاته أن السياسة الخارجية الجزائرية هي انعكاس للسياسة الداخلية وصدى للاختبارات الإستراتيجية الداخلية الغارقة في الفساد والأزمة الاقتصادية، بسبب تراجع مداخيل المواد الطاقية؛ فالذي لم يفهمه النظام العسكري أنه لا يزال يعتمد الأساليب القديمة، كتوظيف بريق حرب التحرير والأساطير المرتبطة بها، والمساعدات والرشاوي التي كانت تقدمها لشراء مواقف الدول الإفريقية الفقيرة من أجل معاكسة المغرب في وحدته الترابية. وأوضح الطيار أن الدبلوماسية الجزائرية، التي أسست عقيدتها منذ عهد الهواري بومدين على العداء للمغرب، سوف تستمر في جني ثمار هذه العقيدة البعيدة كل البعد عن مبادئ الدبلوماسية الدولية وحسن الجوار واحترام سيادة الدول.