كثير منا يتساءل يوميا ماذا يحصل في العالم؟ لماذا هذه الأحداث المتوالية والمتعاقبة؟ وما سببها؟ هل صحيح هناك أزمة اقتصادية عالمية؟ إذا كانت كذلك ما تجلياتها؟ ومن المتضرر منها؟ كيف ينتج الغرب أزمة ويحصد الشرق أثارها؟ لماذا الغرب ينصب نفسه سيدا على العالم؟ من وهب على شرعية ذلك؟ إذا كان منبع الأزمة الإقتصادية العالمية الثانية الغرب ومجراها الوضع الحالي في الشرق والعالم، فما مصبها؟ أسئلة وغيرها سنحاول البحث لها عن اجابات في ظل تعدد التفسيرات. في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الثانية التي تجتاح العالم، وفي ظل الثورات العربية، والغربية (الصامتة/ المجهضة). التي نهشت جسد الدول الإقتصادية الكبرى، وإمتد الأثر على دول العالم، النامية والسائرة في طريق النمو، وكما رأينا سيناريوهات الثورات العربية منها ما هو مفبرك ومنها ما أخذ مسار حتمية تاريخية زمكانية، بطبيعة الحال وعلى غرار الأزمة الاقتصادية الأولى، واقصد ازمة1929 التي عرفها العالم والتي أتت على الأخضر واليابس على وجه البسيطة، أغنت وأفقرت فقراء، وأفقرت وزادت غنى أغنياء، أجهضت جيوب البؤساء، وقلّمت حصص الفلاحين، وأتت على رؤوس أينعت وحان قطافها. لم يكن للغرب وحتى لا نصدر أيت أحكام قيمة، سوى أن أضفى عليها اللمسة السحرية الأخيرة، والتى ما فتئ مند الحرب العالمية الأولى، أن منحها لنفسه، وهو سيناريو يجب ان نسأل عليه "تشرشل" و " روزفلت "، وهي مازالت اليد القوية للويلات المتحدةالأمريكية،كما كان يصفها أحد أساتذتي في مادة الإجتماعيات. وفي نفس الوقت هي يدها الضعيفة، الا وهو مجلس الأمن، هذه العصى السحرية التي بات الغربيدس بها من شاء ويأمر ويقرر وينفد ما شاء ولا من يحرك ساكنا، واذا كانت الأزمة الإقتصادية العالمية الأولى، كانت أسبابها إقتصادية وسياسية وإجتماعية وإستعمارية محضة، أدت إلى إكساح واسع للعالم من طرف الدول التي تأثرت جراء الأزمة وهمت بالبحث عن مستعمرات وعن أسواق لتصريف أزمتها. وها نحن اليوم نشارف ونعايش على أزمة اقتصادية عالمية ثانية بدت بوادرها مند سنة 2008، وكانت معالمها اقتصادية محضة، وسياسية واستراتيجية وتكنولوجية بالأساس. ومن هذا المنطلق فالتفسير الذي أمكن تقديمه للوضع الراهن الذي يعرفه العالم، والحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي والتكنولوجي، لم يكن لينبع في نظري سوى من هاجس اقتصادي وسياسي واستراتيجي غربي محض، هذفه؛ أولا: اقتصادي، تصريف الأزمة الاقتصادية العالمية الى دول العالم الثالث، والمتمثلة بالأساس في العجز الإقتصادي الذي أصاب الغرب، هذه المرة ليس على مستوى البرصات كما حدث في وول ستريت عام 1929، وإنما على المستوى العسكرى الإستراتيجي من جهة والسياسوى من جهة ثانية. طبعا سنتساءل كيف ذلك؟ على المستوى الأول؛ فالتراكمات التي خلفتها الويلات المتحدةالامريكية في المجال العسكري وصناعة الأسلحة باتت رهينة المستودعات بالتالي، وحتي يحدث من جهة تجديد في الأسلحة صناعيا وبشريا، ومن جهة ثانية، المتاجرة فيها وبالتالي هذا سيدير على الغرب مداخيل لسد ولو بعض الثقوب التي تحدثها الأزمة، هذا بطبيعة الحال على حساب الخيار الإستراتيجي الذي يتبناه الغرب في الشرق (الشرق الإسلامي/ و الشرق العجمي)، والذي بدوره ينبني على أساس اقتصادي تجاري ( البترول السعودي والعراقي/ والذهب والعاج والفضة والماس الافريقي)، وأخر سياسي إستراتيجي ( وهو حفاظ الغرب على مصالحها مع اسرائيل، وضمان الإستمرار لقواعدها العسكرية هناك،.. وعلى الخيار الوهى الذي تدعى القيام به، حفظ الأمن في المنطقة/ دركي العالم)، هذا وحتى لا ننسى العقدة التاريخية التى عقدها الإسلام في حنجرة الغرب والتي يحاول الأن بشتى الوسائل أن يتفرغها. وبالتالي فما يحاول الغرب بقيادة أمريكا الأن زرع بؤر توثر وحروب ومن أجل تصريف منتوجها الصناعي من الاسلحة وبيعها، وفتح أسواق جديد وضم شركاء وشركات جديدة إلي خريطتها الاسترتيجية، حتى تحافظ على إستقرارها وسد عجزها الإقتصادي ومن تم إنتعاش واعادة انتعاش الإقتصاد، وهو السناريوا الذي رأيناه في الحرب على العراق والحرب في أفغانستان، والصومال، والربيع والصيف العربي. كما أن الغرب إستراتيجيا نجده يشن حرب لاذعة على كل ما يمكن أن يهدد مصالحه في المنطقة منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والعمل دوما على منطق فرق تسد (التهرب من وضع حل لمشكل الصحراء الغربية)، وأزمة مالي وصراع النيل ومشكل سيناء، والازمة السياسية بين الشيعة والسنة في العراق، وأزمة البلقان وكردستان...الخ، كلها بقع توثر زرعها الغرب ويسهر على دوامها بإضافة الحطب الى النار، وهاهو الأن يزيد من رقع توسعها اليمن، سوريا، مصر،...الخ. وأضحى الغرب أيضا فنان في التمثيل ( احداث 11 سبتمبر، موت بلادن، ..الخ، وشعوب الشرق الاسلامي جمهور اتقن فن التصفيق والجلوس على كراسى قاعات الأوبيرا وشاشات التلف...). والمستوى الثاني هو المستوى السياسوي، والمتعلق بالأساس بسياسات الدول الغربية المتقدمة الداخلية والخارجية، فعلى المستوى السياساي الخارجي للدول الغربية نجد ذلك بارزا في ضمان حماية دائمة لموقها المصالحي من جهة بالبقاء في مجلس الأمن، ومن جهة ثانية، الحفاظ على وجودها الاقتصادي الريادي في السوق العالمية. من جهة ثانية، فالقيام بحماية العالم من الإرهاب هو إرهاب في حد ذاته. بطبيعة الحال الأمر على حساب من، إنه على حساب الإسلام سواء من السياسي أو العقدي. أحد التجليات أيضا هو الوقوف في وجه كل أشكال الإتحاديات التي يُتَنبأ أن تشكل خطرا على الوجود الغربي؛ الإقتصادي، والإستراتيجي، والسياسي نموذج (اتحاد المغرب العربي، ...)، بزرع أو تغييب الحل لبؤر التوثر. على المستوى السياسات الداخلية للدول الغربية المتقدمة فإن الرهان المنصبي المادي هو رهان حتمي من جهة، والعمل على نحث تمثال شخصي في إحدى الساحات العمومية لتخليد مرحلة سياسية رئاسية كانت او حكومية وفقا لقانون الأثر. ثم الأهم في ذلك هو تأثير هذا الجانب على الخوض في أزمة إقتصادية عالمية ثانية، هو غياب طابع المنافسة الاقتصادية، وحضور العمل بلأولوية المصلحة الشخصية على مستوى شخص الفرد، وشخص الدولة ومنطق حساب الربح والخسارة، وتصريف ما هو سياسي استراتيجي على حساب ما هو إقتصادي. وعموما وفي ظل تضارب التفسيرات المحتملة للأزمة الاقتصادية العالمية الثانية، يظل التفسير الاقتصادي هو الأنسب والجدير بالتعمق فيه، كباب دخلت منه الأزمة وبطبيعة الحال لن تبحث عن باب أخر لتخرج منه غير الباب الإقتصادي الذي تركته خلفها بعد دخولها، هو باب خوض حرب عالمية ثالثة أمامها، بحثا عن منفد لتصريف أزمتها. فمند متى باتت الحرب سبيل لحل الأزمة، أم أنها حفرة من حفرها؟ *باحث في علم الاجتماع