اعتبر عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن جنرالات الجزائر، أطلقوا إشارات جديدة خلال شهر غشت الحالي، أظهرت سعيهم إلى تحريض علماء الساحل على إصدار فتوى الإرهاب ضد سلامة الأراضي الترابية للمغرب. وكشف رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، قي مقال خص به هسبريس، أن الجزائر تخوض حربا جديدة ضد المغرب، تحت غطاء الدين والعلماء وعبر آلية جديدة سميت بتنظيم "المرابطين". وفيما يلي مقال عبد الرحيم المنار اسليمي: الجزائر تحرض علماء الساحل على إصدار"فتوى" لعمليات إرهابية ضد المغرب يبدو أن منطقة شمال إفريقيا تتجه نحو جمع شتات ورثة "أسامة بلادن" وأنها منطقة الجاذبية الجديدة للصراعات القادمة مع تنظيمات القاعدة الكلاسيكية والجديدة ،فالمنطقة باتت تثير مزيدا من القلق والمخاوف الأمنية ،فبعض وضع الفراغ الأمني الذي يعيشه الجنوب الليبي الخاضع لهيمنة الحركات الإسلامية المتطرفة التي تتجه إلى الإعلان عن تأسيس إمارات إسلامية في "الزاوية" و"درنة" محل الدولة التي كانت منتظرة بعد سقوط نظام القدافي ،وبعد أحداث جبال الشعابني في تونس والمواجهة الدائرة بين الجيش التونسي والمتطرفين الهاربين من شمال مالي او الوافدين من ولايات الشرق الجزائري والوسط (تبسة ،خنشلة ،باطنة وبومرداس...)، تتجه الجزائر إلى التحول تدريجيا إلى دولة حاضنة ومنتجة لخلايا وتنظيمات الإرهاب، تجمع شتات القاعدة و تتحول إلى مركز لإصدار فتوى الإرهاب ضد دول المنطقة. فالجنرالات الثمانية عشر، الذين يحكمون الجزائر تحت قيادة "توفيق مدين "رئيس المخابرات ،أطلقوا ثلاث إشارات جديدة مرتبطة خلال شهر غشت الحالي توضح أنهم باتوا مقبلين على مغامرة جديدة مع المغرب، الإشارة الأولى، وهي إعلان "مختار بلمختار" الموالي للمخابرات الجزائرية عن تنظيم متطرف جديد تحت اسم "المرابطين" يجمع كتيبة الملثمين وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا ،الإشارة الثانية، هي جمع ما يسمى برابطة علماء الساحل في "بومرداس" خلال شهر غشت الحالي ودفعها ،في سابقة خطيرة من نوعها، الى إصدار "فتوى" إرهاب في شكل بلاغ يدعو الى عمليات عنفية ضد المغرب ،والإشارة الثالثة، وهي نشر معلومات استخباراتية عبر الصحف الجزائرية (جريدة الخبر والشروق ) تتوقع ضربات إرهابية وشيكة في دول الجوار وتحديد الدول المعنية بهذه الضربة ،حسب المعلومات الجزائرية، في تونس ومصر والمغرب وليبيا دون الإشارة إلى الجزائر. الإعلان عن تنظيم "المرابطين": النظام الجزائري يجمع شتات القاعدة يعود "مختار بلمختار" مرة أخرى إلى واجهة الأحداث بعد نهاية حرب شمال مالي ،ففي الوقت الذي ظلت التقارير تتضارب حول مصيره ،خاصة بعد تنفيذ تنظيمه لواقعة "عين اميناس" واختفائه عن الأنظار، بات واضحا أن "مختار بلمختار" عاد إلى جنوبالجزائر مع مجموعة من "الناجين " من حرب مالي . ف"مختار بلمختار"، تعيد المخابرات الجزائرية اليوم توظيفه في دور جديد ، فهذا الشخص الذي كان قد طلب من المخابرات الجزائرية الاستفادة من قانون الوئام المدني، وهي الفرصة التي تلقفتها المخابرات العسكرية الجزائرية لإعادة توظيفه ببناء جماعة إرهابية مؤيدة للجيش الجزائري لاستعمالها في المحيط الإقليمي وتطعيمها بموارد بشرية جزائرية وصحراوية من "تندوف" لضرب الاستقرار في الجنوب المغربي سنة 2009 ،"مختار بلمختار" الذي وظف في حادثة "عين اميناس" لإضعاف دور الجناح الرئاسي ل"عبد العزيز بوتفليقة" لفائدة جناح المخابرات بقيادة الجنرال "توفيق مدين" في الصراع على السلطة الذي انطلق قبل المرض الأخير للرئيس ، هذا الشخص المسمى "مختار بلمختار" او "الأعور" او "السيد مالبورو" في تسمية مرتبطة بالتهريب ، تعيد الجزائر بناء تنظيمه ودوره في المنطقة بدءا بتسهيل وصوله إلى المسلحين في جبال الشعابني ومده جسر الطرق مع المتطرفين في جنوب ليبيا،وهي تحركات تبين انه كان يتحرك بسهولة فوق الأراضي الجزائري تمهيدا للإعلان عن تنظيم المرابطين الجديد ،وهو الإعلان الذي جاء جاء مسبوقا بنشر معلومات استخباراتية جزائرية حول صعوبة مراقبة الحدود وتكلفتها المالية الباهضة وصولا إلى نشر أخبار عن ضربة إرهابية متوقعة في دول الجوار . الجزائر تطعم دور تنظيم المرابطين بفتوى علماء الساحل للإرهاب ضد المغرب وداخل هذه الترتيبات الجديدة ،أنشات الجزائر في اواخر يناير 2013 تنظيما سمي برابطة علماء وأئمة الساحل تحت رئاسة "عبدو داوود" من دولة النيجر و"محمد ديكو " من مالي و"يوسف مشرية" كأمين عام للتنظيم، وهو الشخص الذي عرفه الجزائريون في الاذاعة ،هذه الرابطة التي رسمت لنفسها دورا امنيا يقوم على إطلاق حوار مع سجناء قضايا الإرهاب ومساعدتهم على التحول إلى تبني أراء معتدلة والعمل على الإفراج عنهم لكي يتحولوا الى وسطاء للحوار مع التنظيمات الإرهابية . لكن هذه الرابطة، لم تكتف بهذا الدور المثير للتساؤلات لتقحمها المخابرات الجزائرية بمكونات علمائها (من مالي والنيجر وموريتانيا وبعض الجزائريين ) في نزاع الصحراء، وتدفعهم الى صياغة بلاغ في اجتماع بومرداس (نشرته وكالة الأنباء الجزائرية يوم الخميس 22 غشت 2013) في شكل "فتوى" تبيض شبهة الإرهاب عن بعض خلايا البوليساريو وتحرض في نفس الوقت على العنف والإرهاب ضد السلامة الترابية للمغرب . وبذلك ،يبدو ان جنرالات الجزائر يخوضون حربا جديدة ضد المغرب تحت غطاء الدين والعلماء وآلية جديدة سميت بتنظيم المرابطين ، ف"مختار بلمختار" الذي سبق ووضع له تخطيط جزائري في سنة 2009 لمهاجمة المغرب من الجنوب الغربي انطلاقا من مخيمات تندوف ،باتت الجزائر اليوم تهيئ له الفتوى من رابطة علماء الساحل لمهاجمة المغرب. فتوى علماء الساحل ،تهديدات المرابطين ودعوات البوليساريو بالعودة الى العنف وليس من الصدف، ان تترادف زمنيا وقائع وأحداث الإعلان عن ميلاد تنظيم المرابطين وفتوى رابطة علماء الساحل ضد المغرب وتصريحات قيادة البوليساريو بالعودة الى حمل السلاح ،فجناح المخابرات الجزائرية الحاكم بقيادة "توفيق مدين" يدفع المنطقة الى مزيد من التوتر في وقت بدأت فيه مخيمات البوليساريو تنقسم الى فئتين عريضتين : فئة اللامبالين الحالمين بالهروب الى منطقة "نوادبو" بموريتانيا لتقديم طلب العودة الى المغرب ،وفئة المترددين الذي يستقطبون تدريجيا من طرف تنظيمات القاعدة وأخواتها . فجنرالات الجزائر الثمانية عشر الذين يعتبرون قيادة البوليساريو بمثابة الملحقة الخامسة للجيش الجزائري باتوا قلقين من تدهور نفسية المحتجزين في المخيمات وحالة اللامبالاة التي يعيشونها وتراجع الدعم الاسباني وخيبة الأمل من الموقف الأمريكي في ابريل الأخير، وباتوا يحسون أنهم يمولون الفراغ وان أسئلة حول الميزانية غير الشفافة المرصودة لقيادات البوليساريو أضحت وشيكة و بدأت تطرح في الممرات المدنية غير الرسمية ووسط فئات المحتجين من "البطالين" الجزائريين ، فالجزائر ،الوشيكة على حافة الانفجار، باتت تطرح فيها أسئلة حول الوضع الاجتماعي "للبطالين" في دولة نفطية أرهقها الجنرالات بميزانية مغامرات قطاع المخابرات المكلف بمراقبة المغرب ،وباتت أسئلة من قبيل لماذا أجور دبلوماسي البوليساريو مرتفعة بالإضعاف عن دبلوماسيي الدولة الجزائرية ؟ ولماذا تتحمل دولة الجزائر مصاريف مخيمات ودراسة عائلات قيادات البوليساريو في أوروبا مقابل تهميش قاتل لأطفال وشباب "القبايل" و"ورغلة" ؟ وهل الجنرالات الثمانية عشر المتمركزون في جناح المخابرات بالعاصمة الجزائر مستعدون للاستمرار في تحمل ميزانية قيادة البوليساريو ورابطة علماء الساحل وتنظيم المرابطين على حساب أبناء مناطق الهوامش في الذين يحتجون يوميا في "القبايل" و"ورغلة"؟فالجزائر، تسير نحو المجهول وتقود آخر مغامرة مع المغرب بإعادة بناء تنظيم "مختار بلمختار" وتحريض علماء الساحل على إصدار فتوى الإرهاب ضد سلامة الأراضي الترابية للمغرب ،وقد يستعمل تنظيم "مختار بلمختار" الجديد ،في أي لحظة نتيجة الصراع حول السلطة ،ضد الجزائريين أنفسهم إعلانا عن عودة العشرية السوداء التي باتت فئات عريضة من الجزائريين تتوقع أنها قادمة ،وأنها ستكون اعنف من العشرية الأولى.