"إعلان الدوحة" يُتوج مؤتمر "إيكاو" بشأن تسهيل النقل الجوي الدولي    الحكومة ترصد 30 مليون درهما لدعم حضور صادرات الصناعة التقليدية في الأسواق الدولية    تنسيق بين شرطة طنجة والقصر الكبير يطيح بأربعة أشخاص ينشطون في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    شوكي: المعارضة تمارس "التضليل" وحكومة أخنوش الثانية قادمة في الطريق    أزيد من 120 مشروعا في 6 مدن.. المغرب يسرّع وتيرة الاستعداد ل"كان 2025″    باها: اللاعبون عازمون على كتابة التاريخ بأول لقب إفريقي للمغرب تحت 17 سنة    حكيمي لعب 41 مباراة سجل 6 أهداف وقدم 14 تمريرة حاسمة    علاقات المغرب وإسبانيا.. دعم للحكم الذاتي وتكريس للتعاون الإستراتيجي    ليلة البيض والحجارة : شباب يلهو .. وعدالة تبحث عن الحقيقة    ولاية أمن أكادير تفند ادعاءات سوء معاملة ممثل هيئة حقوقية بأولاد تايمة من طرف رجل أمن    عرض عربي أول للفيلم المغربي الجرح وتفاصيل منافسة أربعة أفلام أخرى بمهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة    صناعة السيارات: افتتاح الدورة الثامنة لملتقى "طنجة المتوسط أوطوموتیف میتینغ"    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    هل يسرع تصنيف المغرب ضمن الدول الآمنة ترحيل المهاجرين من أوروبا؟    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا    "التراث الثقافي المغربي في سياق الذكاء الاصطناعي ومقاربة الهوية الإفريقية" محور ندوة علمية    تعيين مدراء جدد لمراكز دراسات الدكتوراه في جامعة شعيب الدكالي    الصين تدعو واشنطن للكف عن الضغوط وتؤكد استعدادها للتعاون دون تنازل عن مصالحها    بوريطة: علاقات المغرب وإسبانيا إيجابية.. والحكم الذاتي يحظى بإجماع دولي    آيت ملول تحتضن مهرجان سينما الأسرة    تراجع جديد في أسعار المحروقات بمحطات الوقود    المندوبية السامية للتخطيط…توقعات بمعدل نمو يصل إلى 3,8 في المائة خلال الفصل الثاني من سنة 2025    العمال الموسميون يرفعون حالات الإصابة ببوحمرون بإسبانيا    أكثر من 20 قتيلا ضمنهم أطفال في قصف همجي إسرائيلي على مخيم نازحين    بعد "ميتا" و"إكس".. "تيك توك" ينضم إلى محاربة المعلومات المضللة    إسبانيا: "الحكم الذاتي" يظل الحل الأكثر مصداقية وجدية لتسوية النزاع حول الصحراء    وزارة الداخلية تتخذ قرارا مفاجئا في حق "قائد تمارة"    فرقة الأخلاق العامة بطنجة توقف أزيد من 20 شابة للاشتباه بقيامهنّ ب "الدعارة والفساد"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    خطابي: الإعلام العربي يتصدى للعدوان    محمد السادس للرئيس السوري أحمد الشرع: أنتم تديرون هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدكم الشقيق    رسميا.. فيرجيل فان دايك يجدد عقده مع ليفربول    الاتحادات الكروية ترفض مقترح أمريكا الجنوبية المتعلق بتنظيم كأس العالم 2030 بمشاركة 64 منتخبا    سعد لمجرد لن يشارك في الدورة 20 من موازين    بلقشور يعلن عن رفع المنع في حق حسنية أكادير ويؤكد أن العصبة ستقوم بتسوية الملفات المتبقية    "كان" الشباب... الاتحاد الإفريقي يعلن عن برنامج مباريات المنتخب المغربي    نصائح طبية لمرضى حساسية الحيوانات الأليفة دون الحاجة للتخلي عنها    شي جين بينغ يجري مباحثات مع رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم    هيئة حقوقية تندد بتوالي حوادث العنف داخل المؤسسات التعليمية    مغربيات يتظاهرن في سلا تضامنا مع المرأة الفلسطينية ورفضا للعدوان على غزة    تقرير: المغرب في المرتبة 81 عالميا من حيث زخم التحول الرقمي    هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية حولت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في "سياستها القمعية"    أمريكا.. إلغاء الامتيازات الصحفية لوكالات الأنباء الكبرى    رئيس برلمان أمريكا الوسطى في زيارة للعيون    بنك المغرب بالجديدة يستقبل في لقاء تربوي    تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 17 سنة إلى نهائي كأس إفريقيا..نادي موناكو يشيد بأداء موهبته إلياس بلمختار    البندقية تنفتح على السينما المغربية    واكي: الرقمنة تدعم تنمية المغرب .. و"جيتيكس إفريقيا" يخدم الشراكات    دوائر أمنية بالجديدة في وضع مقلق... مطلب استعجالي لإعادة الإعتبار لهذا المرفق الحيوي    "تمغرابيت" تزين معرض الكتاب في باريس .. إبداع وذاكرة وشراكة متجددة    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام الجزائري يروض الإرهاب على حدود المغرب وتونس

يبدو أن الجزائر، ذلك الإقليم الشاسع في شمال إفريقيا الذي يحكمه العسكريون منذ الاستقلال ،بات يشكل خطرا على الأمن الإقليمي في المنطقة المغاربية ،فالتقارير والمعلومات الاستخباراتية المرتبطة بأحداث شمال مالي، تشير إلى وجود علاقة أولى في الجنوب الشرقي للجزائر على الحدود مع تونس، بين النظام العسكري الجزائري وحركة "عقبة بن نافع" المتمردة على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، وعلاقة ثانية للنظام العسكري الجزائري بحركة الجهاد والتوحيد على الحدود الجنوبية الغربية للجزائر مع المغرب ، فالجيش الذي نجح في السنوات الأخيرة في أحداث انقسامات داخل التنظيمات الموجودة في شمال مالي، أضحى اليوم ،بعد التدخل الفرنسي، يسعى إلى تحويل هذه التنظيمات إلى جماعات إرهابية إقليمية تقاتل دول الجوار على الحدود مع تونس في الشرق والجنوب الشرقي ، ومن داخل مخيمات "تندوف" لمواجهة الأقاليم الجنوبية في المغرب.
ويفسر هذا التحول بمعطيات داخلية جزائرية وإقليمية ،فالصراع بين "بوتفليقة" المريض والجيش يوجد اليوم في أعلى مراحله ،وتشير وثيقة وصلت إلى كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية يومين بعد الهجوم على مجمع "عين اميناس"، كيف أن "بوتفليقة" وقف مشدوها أمام الحدث ،ويبدو الحدث اليوم ، بعد مرور خمسة أشهر،انه تدبير عسكري داخلي استعملت فيه جماعة "مختار بلمختار" من طرف فريق من الجيش الجزائري ،وبذلك فالأوضاع الداخلية وصراعات السلطة، باتت تدفع الجيش الى نهج لعبة زعزعة استقرار دول الجوار وتوجيه الأنظار نحو الخارج ،فوراء الكلام الجميل عن حسن الجوار والأمن الذي أطلقه وزير الخارجية "مراد مدلسي " في الرباط يوم 5 ماي الجاري ،أثناء انعقاد أشغال الاجتماع 31 لمجلس وزراء الخارجية بالاتحاد المغاربي، تختفي معالم الترتيب الجزائري لزعزعة استقرار دول الجوار .
وضع جزائري على حافة الانفجار ...احتجاج وحركات جديدة حاملة للسلاح في الجنوب
يبدو أن الجزائر غير قادرة على الاستمرار بالمقاربة القديمة ،ف"بوتفليقة" مريض ويحرص على إخفاء مرضه تفاديا لحدوث أزمة دستورية ،لكن مرض الرئيس يهيمن عليه صراع مفتوح مع الجيش حول ملفات الفساد والفساد المضاد، فشخصيات كبيرة في النظام الجزائري مثل "سعيد بوتفليقة" أخ الرئيس ومستشاره و "محمد بجاوي" الوزير السابق والقانوني الذي شرعن دستوريا انقلاب "هواري بومدين" وعارض المغرب في ملف الصحراء ،يجري الحديث اليوم عن تورطها في ملفات فساد مالي للمؤسسات الكبرى الجزائرية مثل "سونطراك" وغيرها، وداخل مناخ الصراع ترتفع الاحتجاجات في الشمال والجنوب ،مقابل جمود سياسي وغياب للمؤسسات ،فالشباب الجزائري يرفع يوميا سقف المطالب الاقتصادية والاجتماعية ، شباب يصطدم بمؤسسات سياسية وعسكرية هرمة وبانتخابات لازالت تفرز فوز جبهة التحرير الوطني منذ الاستقلال ، الجبهة التي فازت بالانتخابات البرلمانية الأخيرة بنسبة مشاركة لم تتجاوز 20 في المائة.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه أصوات الاحتجاج وتخرج ملفات الفساد إلى العموم ،يعلن النظام العسكري عن الزيادة في أجور البرلمانيين ،وهي الزيادة الثانية بعد سنة 2008، ويعمد ،مقابل ذلك، إلى مواجهة البطالة بتوظيف 12 ألف عون امن في ولايات الجنوب المحتجة ،وهو جواب واضح على الاحتجاج، قوبل من طرف أبناء الصحراء الجزائرية بالإعلان عن تشكيل حركة مسلحة سمت نفسها ب"أبناء الصحراء" ورفعت السلاح في وجه الجيش من "ورغلة" الى "تمنراست" ،هذه الحركة اختارت العنف المسلح بعد فشل الحوار الاجتماعي مع الجيش الحاكم ،وفي بيانها الأول المصور يتساءل احد قيادات هذه الحركة، بشكل مثير واصفا حجم التهميش الذي يعيشه الجنوب الصحراوي في الجزائر بأسلوب فيه نوع من الاستغراب موجه الى النظام العسكري ، "كيف انه بعد خمسين سنة على الاستقلال لا تقبل الجزائر الرسمية بان يكون هناك "قاضيا" من صحراء الجزائر او"ربان طائرة من أبناء الصحراء الجزائرية؟"وهو ما يبين ان الدولة الجزائرية ظلت مركزية في الشمال، وأنها اليوم تعاني من خلل في توزيع ثروات الغاز التي لاتصل الى كل المناطق ،مما يقود إلى إنتاج مزيد من الاحتجاجات ،خاصة أمام تأكل أساطير الوطنية والشعبية.
الجيش الجزائري يدفع "القاعدة" اتجاه تونس و"التوحيد والجهاد" من تندوف نحو المغرب
وأمام ارتفاع المطالب بالمشروعية الفعالية ومشروعية الانجاز في دولة تستهلك ثروة وغير قادرة على إعادة إنتاجها منذ الاستقلال إلى اليوم ، يبدو أن الجيش بدا يحس لأول مرة بعد العشرية السوداء بانتقال الجزائريين من النشيد الوطني " يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوي الكتاب " الى شعار جديد يدعو الجيش إلى تقديم "الحساب"،هذه الوضعية جعلت النظام العسكري ، وهو يراقب الإصلاحات الجارية في دول الجوار ،إلى إدخال الجزائر في وضعية تقاوم بها الإصلاح ، فرغم ان "بوتفليقة" أجرى انتخابات تشريعية وأعلن عن الشروع في إصلاحات دستورية بتشكيل لجنة تقليدا للمغرب ، فان هناك اعتقاد لدى "بوتفليقة" والجيش بأنهما يريدان مجاراة دول الجوار وتقليدها في الشكل لان هذه الإصلاحات متروكة للوقت وللمفاجآت التي سيقدمها الجيش للجزائريين للانقلاب على كل وعود الإصلاح ،فاللجنة لن تقدم مشروع دستور وإذا حدث وقدمته فلن يقبله لا"بوتفليقة " ولا الجيش ،بل ان الجيش يسعى عبر مدخل التوترات الإقليمية الى تجاوز ورطة إعلانه عن إصلاحات، وذلك بخلق وضعية عدم استقرار إقليمي للانقلاب على كل مبادرات الإصلاح السياسي والدستوري ،فالجيش بادر في سنة 2013 الى توقيع مجموعة من الاتفاقيات الأمنية مع تونس وليبيا ،والى حضور اجتماعات الاتحاد المغاربي وإطلاق خطابات "الشراكة الأمنية"، في وقت تشير فيه المعطيات الميدانية الى عناصر أمنية جديدة في المنطقة المغاربية ،فدخول تنظيمات مسلحة من مالي عبر التراب الجزائري و وصولها الى جبال الشعابني داخل تونس وتلغيمها ، يبين ان الإستراتيجية التي عملت عليها الجزائر في السنوات الأخيرة، بخلق انقسامات داخل الجماعات الإرهابية ،وهي إستراتيجية كانت الولايات المتحدة على علم بها ، بدأت الجزائر توظفها على الحدود الترابية لدول الجوار بدفع الجماعات الإرهابية الموالية للجيش الى زعزعة استقرار تونس الساعية الى تعايش سياسي بين إسلاميي النهضة والأحزاب التقدمية بعد الثورة ،فلا احد يمكنه ان يصدق ان كتيبة إسلامية مسلحة منهكة قادمة من مالي، قادرة على قطع ألاف الكيلومترات للتحصن في جبال الشعابني ومقاومة الجيش التونسي لمدة تزيد عن عشرة ايام .
وليست المرة الأولى التي تشار فيها الأصابع الى الجيش الجزائري عن مسؤولية ما يحدث في تونس من مواجهات بين الجيش التونسي والجماعات الإرهابية ،فهناك اعتقاد لدى العديد من التونسيين بان قتلة الزعيم النقابي التقدمي "شكري بلعيد" جاؤوا من الجزائر وعادوا إليها بعد تنفيذ عملية الاغتيال رغم تكذيب الخارجية الجزائرية لهذا الاتهام ، فالتونسيون اليوم ،مشتتون مابين مواجهة قاعدة ليبيا في الشرق وقاعدة الجزائر في الغرب.
وتشير الوثيقة التي سربت عن كتابة الدولة الأمريكية في الخارجية، في الأيام الأخيرة للسيدة"هيلاري كلينتون" بالإدارة الأمريكية ،حول ملابسات أحداث "عين اميناس" ان ما يجري على الحدود التونسية سبقه تخطيط جزائري مماثل اعد في الجنوب الغربي انطلاقا من مخيمات تندوف لزعزعة استقرار المغرب في الصحراء من طرف حركة التوحيد والجهاد، التي بات واضحا اليوم أنها من صنع الجيش الجزائري ،ف"مختار بلمختار" زعيم هذه الحركة الذي لا يعرف مصيره اليوم ،بين تاكيد موته ونفيه في مالي، كان قد طلب من المخابرات الجزائرية الاستفادة من قانون الوئام المدني، وهي الفرصة التي تلقفتها المخابرات العسكرية الجزائرية لإعادة توظيفه ببناء جماعة إرهابية مؤيدة للجيش الجزائري لاستعمالها في المحيط الإقليمي وتطعيمها بموارد بشرية جزائرية وصحراوية من "تندوف" لضرب الاستقرار في الجنوب المغربي ،وهذا ما يشرح حادث محاولات إحداث ثقب في الجدار الأمني المغربي منذ سنة 2010 انطلاقا من المدخل الموريتاني.
تحويل البوليساريو إلى "سجل تجاري" للجماعات الإرهابية
واليوم، تستقبل الجزائر من جديد أعضاء حركة التوحيد والجهاد الفارين من شمال مالي وتعيد توطينهم في مخيمات "تندوف " ، هذه المخيمات ،التي باتت تصريحات قيادات البوليساريو في السنتين الأخيرتين تشير الى يأس الشباب الصحراوي واختراقه من طرف التنظيمات الإرهابية وتحول الى "عمال في الجماعات المتطرفة " بمبالغ مالية بين 400 و 500 اورو في الشهر ،وهو وضع تعرفه المخابرات العسكرية المالية والفرنسية ،حيث تشير احد التقارير أن عملية تنسيق كانت تجري بين قيادات التوحيد والجهاد و"العاملين في الجماعات المتطرفة" ب"تندوف" لاختطاف للسيدة "كينيدي" رئيسة منظمة "روبرت كينيدي" من داخل المخيمات ، وان القيادة العسكرية الأمريكية انتبهت الى الأمر ونبهت المخابرات الجزائرية الى ذلك ،ولعل هذا الحدث هو الذي يشرح إصرار السيدة "كينيدي" على التواجد في الجنوب المغربي دون التوجه الى مخيمات "تندوف" درءا للمخاطر.
فالجزائر، تعيد بناء الموارد البشرية في "تندوف" استعدادا للإحصاء، اذ باتت تنقل مجموعة المقاتلين الفارين من شمال مالي الى المخيمات،وبذلك، فالبوليساريو تحول إلى سجل تجاري لجماعات مختلفة من التنظيمات المتطرفة (القاعدة وحدها تضم أزيد من 70 خلية في شمال مالي ) ،وأصبح"عبد العزيز" رئيسا لأكبر "سجل تجاري" تدون فيه الجزائر كل التائهين في شمال مالي والفارين من القتال وبقايا أعضاء التنظيمات الإرهابية، وهو وضع يستفحل يوميا بعد صدور القرار الاممي رقم 2099 الداعي الى الإحصاء في مخيمات "تندوف"، و يجب على المغرب والأمم المتحدة الانتباه اليه.
قراءة جزائرية معاكسة للقرار الاممي 2099 :انتقال من التسليح والتمويل إلى محاولة زعزعة الاستقرار في جنوب المغرب
وإذا كان القرار الاممي، رقم 2099 الصادر يوم 25 ابريل 2011 ،قد دعا الجزائر إلى التعاون مع الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي يقود إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، فإنها فهمت القرار الاممي بطريقة معكوسة، ولم تعد تكتف باحتضان المؤتمرات المضادة للوحدة الترابية المغربية او تدريب وتمويل "النعمة اسفاري" وباقي كومندو أحداث "اكديم ازيك" ،وإنما خرج الرجل الثاني بعد الرئيس "بوتفليقة" السيد "العربي ولد خليفة" رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري ، غداة الإعلان عن القرار الاممي ، متوعدا المغرب بأحداث قادمة ،وهي أحداث الشغب التي عرفتها مدن "العيون" و"السمارة" و"بوجدور" خلال نهاية شهر ابريل وبداية شهر مالي الجاري،وهو التهديد الذي تؤكده الوثيقة الجزائرية الرسمية الموجهة بتاريخ 16 ابريل 2013 من اللجنة الوطنية الجزائرية إلى السيد "ابراهيم غالي" ممثل البوليساريو في الجزائر ، والتي تشير الى موافقة الجزائر على رفع حجم التمويل لمليشيات البوليساريو،فالمعطيات الميدانية، تبين إنفاقا جزائريا سخيا على اعمال الشغب في المناطق الجنوبية المغربية، لدرجة أن كل طفل قاصر يحصل على مبلغ 400 دولار لمجرد رفعه علم البوليساريو ووقوفه لمدة دقيقتين لالتقاط صور توزع على القنوات الإعلامية الدولية .
فالأمر هنا ،يتعلق بتمويل لأعمال تخريبية واستغلال القاصرين وتعريضهم للمخاطر و تهديد للسلامة الترابية لدولة ذات سيادة ،وليس هناك في العالم شيء اسمه حقوق الإنسان ممول من الخارج لتخريب الممتلكات والاعتداء على القوات العمومية، ولا احد يفهم لحد اليوم هذا الانفعال والتعصب الجزائري ،فعشية مطالبة قائد حزب تاريخي في المغرب باسترجاع مناطق" تيندوف" و"بشار" و"حاسي بيضة" ،اشتكت الجزائر رسميا من هذا التصريح.رغم أن ماطرحه الزعيم السياسي لحزب الاستقلال السيد"حميد شباط " صحيح تاريخيا، لكون ساكنة منطقة الشرق المحاذية للحدود المغربية الجزائرية لازالوا يملكون وثائق عقارية موثقة لدى سلطات الحماية الفرنسية تثبت ملكيتهم لأراضي داخل الحدود الجزائرية ولازالوا ينتظرون مساعدة السلطات المغربية للتوجه الى المحاكم الدولية للمطالبة بحقوقهم العقارية داخل الجزائر.
خوف وقلق أمريكي من حالة الجزائر ...ومراقبة للوضع من داخل الأراضي الاسبانية
ويبدو ان تهديد سيادة دول الجوار من طرف الجزائر والتعصب والانفعال الجزائري لتصريحات غير رسمية قادمة من المغرب، يبين ان النظام العسكري يعيش ضغوطا داخلية وإقليمية غير مسبوقة تجعله يحس انه مراقب وتدفعه الى إنتاج سلوكات عدوانية أكثر من أي وقت مضى ، فأمريكا موجودة في منطقة المغرب العربي و تلوح بإمكانية العودة الى ليبيا ولها قاعدة عسكرية متنقلة في جنوب الجزائر مند سنة 2009 وبات لها تواجد في النيجر ( قاعدة للطائرات بدون طيار) وقاعدة عسكرية مراقبة للأوضاع في الجزائر انطلاقا من الأراضي الاسبانية،والولايات المتحدة الأمريكية قلقة على مصالحها في الجزائر رغم إغراءات النظام الجزائري واستعداده لإبرام عقود في كافة الاتجاهات ، فحالة عدم الاستقرار في الجزائر تمنع أمريكا من التقدم في شراكاتها الإستراتيجية مع نظام يحمل مؤشرات عدم الاستقرار ،فالنظام العسكري يفتح الاستثمار أكثر من أي وقت مضى أمام الأمريكيين أخرها اتفاقية مع شركة أمريكية لإنتاج الطاقة الكهربائية والحد من الانقطاع المتكرر للكهرباء في الجزائر خلال الصيف ،لكن الولايات المتحدة الأمريكية تبدو غير متحمسة.
ويدفع هذا الخوف والقلق الأمريكيين البيت الأبيض إلى مزيد من الضغوطات على النظام الجزائري للإصلاح السياسي والدستوري، وهو ما يزعج الجيش الذي بات قادرا على كل المغامرات بهدف عدم الإصلاح ،بما فيها دفع الإرهاب على حدود دول الجوار وزعزعة الاستقرار في المنطقة وتمويل المنظمات الرومانسية العاطفية كروبرت كينيدي ضد المغرب .
وهو الوضع الذي يفتح الجزائر أمام سيناريو وحيد يتوقعه بعض الرسميين الجزائريين أنفسهم كالوزير الأول الجزائري السابق سيدي احمد غزالي وهو سيناريو يتوقع سنوات سوداء قادمة الى الجزائر ستكون أصعب من أحداث 1988 ،فالنظام الجزائري وهو في أوج قوته المالية يرتفع أمامه الاحتجاج يوميا ،والتوقعات الاقتصادية تقول أن النفط على مشارف نهايته في العشر سنوات المقبلة ،فالنفط في المنطقة المغاربية ليس بقوة النفط في الخليج والدليل على ذلك أن نفط وموريتانيا انتهى بعد ثلاث سنوات من اكتشافه ،فالأمر لا يتعلق بآبار "الأغوار" في السعودية ،لهذا فالإستراتيجية الجديدة للنظام الجزائري بتهديد استقرار تونس والمغرب عبر المغامرة بجمع شتات ما تبقى من القاعدة وحركة التوحيد والجهاد ،يدفع الجزائر إلى نزيف اقتصادي ومالي، لدرجة القول معها أنها لن تجد في السنوات المقبلة ما تشتري به "البطاطس" .
*رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.