يلعب التواصل الفعال دورا أساسيا في العمل التربوي إن على المستوى الماكروتربوي المتعلق بالتدبير الإداري والتربوي والعلاقة مع الشركاء والفاعلين التربويين أو على المستوى الميكروتربوي المرتبط أساسا بدينامية العلاقات بين التلاميذ وبين الأستاذ والتلميذ في الأنشطة الصفية وداخل فضاء المدرسة بشكل عام. لقد أصبح نساء ورجال التربية والتعليم يعانون من ضغوطات نفسية خطيرة أثناء أدائهم لمهامهم التربوية، خاصة من تتوفر فيهم روح المسؤولية وحب المهنة، تتراكم يوما بعد يوم لتؤدي الى عواقب وخيمة كالأمراض النفسية والعقلية والبدنية والأمراض المزمنة خاصة بعد التقدم في العمر ونفاذ قدرتهم على الصبر والتحمل، بسبب الصعوبات التواصلية مع التلاميذ التي غالبا ما تؤدي الى حالات العنف بجميع أنواعه وتنعكس سلبا على المتعلمين الذين بدورهم يؤدون الثمن بشكل أو بآخر. لذلك أصبح جنود التربية اليوم في حاجة ماسة الى امتلاك المهارات التواصلية التي تمكنهم من نسج علاقات تواصلية سليمة وإيجابية مع التلاميذ والآباء وجميع الفاعلين التربويين، وتؤهلهم لفتح آفاق جديدة مع الشركاء والتعاون من أجل تحقيق الأهداف المرجوة. لذلك أصبح رجال ونساء التربية اليوم في حاجة ماسة الى المعرفة الأساسية للتواصل الفعال والوعي بصعوباته ومعيقاته وطرق تدليلها، والتمكن من المهارات الحياتية والقدرات التواصلية ومختلف مظاهر تطبيقاتها والمعرفة المؤطرة لدينامية الجماعة والتنشيط التربوي، ثم المعرفة السيكولوجية المرتبطة بالمراحل النمائية للتلميذ باعتباره طرفا أساسيا في العملية التواصلية ومركز اهتمام التربية والتعليم التي تمكن من فهم جوانب شخصيته وتفسير سلوكاته والتعامل معها بوعي معرفي سليم. وتقدم المعرفة السيكوسوسيولوجية كذلك نتائج مهمة يمكن استثمارها في المجال التربوي، فشخصية الطفل تنمو في إطار التفاعل مع الجماعة وخاصة جماعة القسم، وأثناء هذا التفاعل تتداخل مؤثرات اجتماعية ونفسية مكتسبة داخل وخارج المدرسة مرتبطة بالتنشئة الاجتماعية وتأثيراتها المختلفة على شخصية الطفل، لذلك أصبح من الضروري اليوم إيجاد تفسيرات علمية لسلوك الطفل داخل فضاء المدرسة، خاصة السلوكات العدوانية وعدم الاهتمام بالدراسة وانعدام الرغبة في تقبل التعلمات، وأيضا البحث عن معالجة هذه الظواهر وتقويم هذه السلوكات بوعي معرفي يساعد الطفل أولا على تجاوز الصعوبات النفسية التي تؤثر على مردوديته، ويساهم من جهة أخرى في ضمان جو سليم للتمدرس خاصة وأن هذه السلوكات تؤثر على أداء باقي المتعلمين وتشوش على مختلف العمليات التواصلية داخل الفصل الدراسي وتجعل مهمة الأستاذ أكثر صعوبة. لذلك يعتبر التواصل مدخلا أساسيا لنجاح الدور التربوي والتعليمي للمدرسة وتدليل مختلف الصعوبات التي تعترضها. (*) باحث في المجال التربوي