للوصول إلى مدينة البروج لا بد من قطع مسافة 72 كيلومترا انطلاقا من مدينة سطات عبر الطريق الجهوية رقم 308، مرورا بكيسر وبني خلوك. ويبلغ عدد سكان دائرة البروج 96231 نسمة وفق إحصاء 2014. وتعرف المنطقة بعاصمة بني مسكين الغربية والشرقية، وتتكون من باشوية واحدة و11 جماعة قروية وبلدية واحدة ومحكمة للقاضي المقيم ومدراس ابتدائية وثانوية تأهيلية وأخرى إعدادية. كانت الحرارة مرتفعة جدا باعتبار أن المنطقة معروفة بمناخها القاري، فهو بارد شتاء وحار صيفا، ويعتمد سكانها على الفلاحة والرعي، وقد عرفت إقلاعا اقتصاديا بفضل العملة الصعبة بعد توجّه شباب بني مسكين إلى الهجرة إلى أوربا، خاصة إيطاليا وإسبانيا. إصلاح المسبح عزيز ورحال شابان من مدينة البروج صادفناهما بالقرب من المسبح البلدي. إذ أثناء شروعنا في التصوير، التحقا بنا وعبرا عن أسفهما من الواقع الذي يعرفه المسبح البلدي. "شوف أخويا هاذ الحالة.. الله يرحم الوالدين وصلوا صوتنا راه أبناءنا وأفراد عائلاتنا طابوا بالصهد في غياب المسبح، وولينا خايفين على شبان المنطقة يغامروا بحياتهم في واد أم الربيع"، يقول رحال بحسرة وهو يمسح العرق عن جيبنه. قبل أن يقاطعه رفيقه عزيز الذي تساءل قائلا: "واش فراسكم هاذاك الأستاذ الظريف، الذي غرق في بحيرة سد المسيرة الصيمانة الماضية؟"، فكان جوابنا نعم، وذكرناه بأن الجريدة غطت الحدث، فاسترسل قائلا: "راه ماتوا بزاف ديال الشبان والأطفال في واد أم الربيع المحاذي للجماعة من الجهة الجنوبية، والأحواض المائية بالمنطقة. قولوا ليهم يديرو لينا شي حل". وفي تصريح لهسبريس، أوضح المهدي المكاوي، رئيس المجلس الجماعي للبروج، أن "المنطقة معروفة بارتفاع درجة الحرارة المفرطة في فصل الصيف، وليس غريبا ما تناقلته وسائل الإعلام حول حوادث الغرق، التي تقع على مستوى وادي أم الربيع أو بحيرة سد المسيرة الخضراء"، معللا ذلك بغياب المتنفسات والمنتزهات والمسابح البلدية أو الخصوصية. وأضاف أن "الحل الوحيد يبقى هو اللجوء إلى النهر أو البحيرة، رغم علم الجميع أنها منطقة عشوائية غير محروسة، والسباحة في هذه الأماكن مغامرة بأرواح الناس". وعلى مستوى مدينة البروج، قال المكاوي إن المجلس فكر مليا في وضع عدد من الأولويات، من بينها المسبح البلدي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، باعتباره المنتزه الوحيد بعد إحداثه بمواصفات راقية، مشيرا إلى أنه يتكون من ثلاثة مسابح حسب الفئات العمرية، ومقهى، ومناطق خضراء، ومستودعات، ومراحيض. وأضاف أن هذا المسبح أدى دورا مهما لمدة ثلاث سنوات تقريبا، بعد مدة الكراء الأولى التي عقدها المجلس السابق، وامتدت من سنة 2016 إلى 2010، إلا أن التسيير، يتابع رئيس المجلس الجماعي، بدأ يختل ويضعف بعدما عرف المسبح تنظيم سهرات ليلية في شهر رمضان. وأوضح المكاوي أنه بعد انتهاء مدة الكراء الأولى سنة 2010، أغلق المسبح إلى غاية سنة 2013، مضيفا أن المجلس السابق فكر آنذاك في التفريق بين المسابح والمقهى، على اعتبار أن المنتزه يتوفر على مقهى ومسابح، فعمل على كراء المقهى والمسابح كل على حدة، في مرحلة ثانية سنة 2014، وتم تجديد العقدة مع مكترٍ ثان (شركة)، اعتبرها الرئيس وهمية، منذ 2014 إلى سنة 2017. وأشار المكاوي إلى وجود بند في العقد من المادة الثالثة، التي تنص على التجديد التلقائي إن لم يتم فسخها بطلب من أحد الأطراف المتعاقدة، إلا أن المكتري لم يتمم سنة من مدة الكراء إذ أغلق المسبح، ولم يؤد واجبات الكراء باستثناء واجبات مدة 4 أشهر. وعبر رئيس المجلس عن أسفه للوضعية التي أصبحت عليها مرافق المسبح بعد الإغلاق المفاجئ، حيث تعرضت للتلف، وردمت الآبار، وطال التخريب باقي المرافق، وتحول المكان إلى مرعى ومزبلة لاستقبال النفايات من قبل عدد من الحرفيين، إلى غاية مجيء المجلس الذي يترأسه حيث وضعه ضمن أولوياته. ضعف الفائض المالي وأوضح ممثل المجلس الجماعي بالبروج أن المجلس عند تفكيره في الإصلاح اصطدم بإكراه احتلال المسبح. وأضاف أن المجلس توجه إلى القضاء في إطار فتح المسبح بالكسر، بعد أنه واجه صعوبات في تبليغ الطرف الثاني في العقد، مشيرا إلى أن المحكمة اعتمدت على أبحاث السلطة الممثلة في باشا المدينة ومركز الدرك، باعتبارها قرينة، قبل إصدار أمر قضائي بالفتح بالكسر، الذي تم تنفيذه واسترجع المجلس المسبح. وأوضح المكاوي أن المجلس يحتفظ بحق الحصول على واجبات الكراء التي لا تزال في ذمة المكتري. وعمل المجلس على الإعلان عن الدراسات التقنية الخاصة بالمسبح، قصد إصلاحه، وإدراج ذلك فيما يسمى بالفائض الحقيقي للميزانية في دورة فبراير 2021، إلا أن الفائض الحقيقي الزهيد المحدد في 174 مليون سنتيم لم يرق إلى مستوى الانتظار والطموح المقترح، رغم أن المسبح يوجد فوق أرض الخواص الذين حصلوا على حكم قضائي للتعويض ماديا، حيث دخل المجلس الجماعي في مفاوضات للوصول إلى حل لأداء التعويضات على أشطر. وأمام الإكراه المادي وحتمية الإصلاح، ارتأى المجلس، بعد التشاور مع المستشارين ومكتب للدراسات، الاقتصار على إصلاح مسبحي الفئات الصغرى والمتوسطة دون المسبح الكبير، الذي يحتاج إلى مبلغ مالي كبير لإعادة إصلاحه، قبل الإعلان عن الصفقة بعد سلك جميع المساطر القانونية. وطمأن المكاوي ساكنة البروج بخصوص استصلاح المسبحين الصغير والمتوسط، في المرحلة الأولى، بسبب الإكراه المادي، مع وضع سور وقائي للمسبح الكبير الذي سيبقى على حاله حتى المجلس الجماعي القادم، الذي سيكون سيد نفسه في اتخاذ قراراته، موجها نداء قصد كراء المسبح لمكترين معروفين تفاديا للأخطاء السابقة، قائلا: "الله غالب وهاذ شي اللي جاب الله والميزانية ديال الجماعة الآن مثقلة بديون تصل إلى مليار سنتيم سنويا". وأضاف أن الجماعة تعيش عجزا سيستمر مستقبلا، مشيرا إلى أن الأشغال ستنطلق في غضون 15 غشت الجاري. أما بخصوص منتزه "راس البروج"، فأوضح المكاوي، باعتباره رئيسا للمجلس الجماعي وأحد أعضاء الجماعة السلالية أولاد يوسف إلى جانب الجماعة السلالية لعمارشة، اللتين لهما حق الانتفاع، أن متنفس "راس البروج" ملك جماعي لا دخل للبلدية فيه، مشيرا إلى أن المجلس الجماعي فكر في وقت سابق في أن يدخل في شراكة أو عقد كراء مع الجماعتين السلاليتين بناء على اتفاق معين، باعتبار أن التفويت مستبعد ولا يحبذه الأعضاء السلاليين المنتفعين، كما أنه غير قانوني. وأضاف أن أشجار "راس البروج" تعرضت للتعرية بسبب استغلال الأتربة، حيث أقدم المجلس على إنقاذ الأشجار بمساعدة عدد من المؤسسات المتطوعة، لتسوية تلك الحفر الناتجة عن استغلال مقالع الأتربة، كما زودت المديرية الإقليمية للمياه والغابات المجلس بعدد من الأشجار بناء على طلب، مشيرا إلى أن عملية إصلاح "راس البروج" مكلفة وتتطلب إجراء إداريا مع الجماعتين السلاليتين، اللتين عبرتا عن نيتهما في التعاون وتفويض المجلس الحالي حق التصرف في المنتجع، في انتظار العمل في إطار قانوني يربط بين الطرفين. تجدر الإشارة إلى أننا حاولنا الوصول إلى الطرف المكتري قصد أخذ رأيه في الموضوع، إلا أن رئيس الجماعة نصحنا قائلا: "من المستحيل أن تصلوا إلى ذلك"، معللا جوابه بأن "المحكمة والسلطات بكل مؤسساتها اعتمدت على أبحاث قضائية في إصدار قرار الفتح بالكسر لصالح المجلس الجماعي، أمام استحالة الوصول إلى المكتري".