هل رفضت الرباط استقبال وزير الخارجية الإسباني الجديد؟ مؤشرات عديدة تسير في اتجاه دعم هذا الطرح؛ فممثل خارجية مدريد أصر، خلال حفل تنصيبه، على أن أول بلد سيزوره هو المغرب، لكن تبين بعد ذلك أن الأجندة الخارجية لإسبانيا تغيب عنها المملكة، ربما بسبب الخلاف المستمر بين البلدين الجارين. وفي خضم الأزمة المتواصلة مع الرباط، كان وزير الخارجية الإسباني الجديد يطمح إلى زيارة المغرب الذي وصفه ب"البلد الجار" و"الصديق العظيم" في أول تحرك رسمي؛ لكن هذا المطمح سرعان ما تبدد لدى القادة الإسبان، بعدما تبين أن المغرب لا يرغب في فتح قنوات التواصل في الوقت الحالي. وفي أول تحرك دبلوماسي لوزير الخارجية الإسباني الجديد، طار خوسيه مانويل ألباريس إلى لندن، وسيغادر إلى بيرو يوم الثلاثاء؛ بينما لم يزر الرباط بعد، على الرغم من أنه وصف المغرب بأنه "صديق عظيم" في حفل تنصيبه. وبعد مرور شهرين وعشرة أيام على حادث "استقبال" إبراهيم غالي في مستشفيات إسبانيا، لا تظهر بوادر انفراج قريبة في العلاقات بين مدريدوالرباط؛ فكريمة بنيعيش، السفيرة المغربية لدى إسبانيا، ما زالت "خارج الخدمة". كما أن "مدريد" لا تريد إظهار حسن نية في ما يتعلق بالملف الصحراوي. وكشفت مصادر إعلامية إسبانية أن "مفاوضات سرية تدور في كواليس الخارجية الإسبانية لتطبيع العلاقات مع الرباط، بعد مرحلة كان الاتصال الوحيد فيها من خلال وسطاء – مثل المفوض السامي للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، وأعضاء آخرين في المفوضية الأوروبية. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن ما حدث في سبتة ما هو إلا آخر وأبرز سلسلة من الخلافات التي بدأت بإغلاق الجمارك التجارية لمدينة مليلية في يوليوز 2018، ووصول حوالي 22 ألف مهاجر إلى جزر الكناري في عام 2020، معظمهم من المغاربة، بزيادة 800 في المائة عن عام 2019. وتقترح إسبانيا، وفقا لصحية "إلباييس"، مراجعة كاملة للعلاقات الثنائية لتوضيح موقف كل واحد في القضايا الشائكة. على سبيل المثال، فيما يتعلق بسبتة ومليلية المحتلتين، يمكن لإسبانيا أن تراهن على التنمية الاقتصادية التي تدعمها بيئتها المغربية- "منطقة الرخاء المشترك". ولعل من أكثر النقاط الشائكة قضية الصحراء، حيث يريد المغرب فرض تغيير في موقف إسبانيا والاتحاد الأوروبي بعد اعتراف إدارة ترامب بمغربية الصحراء؛ في حين لا يمكن لمدريد أن تتخذ موقفا خارج ما تقرره الأممالمتحدة، كما سبق لها أن أكدت. وتعترف مصادر دبلوماسية بأن مثل هذا الاتفاق الطموح لن يكون سهلا، وأن المفاوضات ستستغرق وقتا طويلا. إذا تمت زيارة وزير الخارجية الإسباني للرباط، فلن تكون نهاية الأزمة بشكل فعلي؛ ولكنها خطوة على طريق استعادة الثقة.