المغرب يُريد الاستفادة من الكفاءات المغربية المقيمة في المهجر، والتواصل معها قصد تعبئتها في تنمية بلدها الأصلي والدفاع عن مصالحه في الخارج. هذا هو الهدف الذي سطرته الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج للقاء التواصلي الذي نظمته أمس الاثنين بالرباط، وشارك فيه مغاربة قدموا من 42 دولة. عبد اللطيف معزوز، الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج قال خلال كلمة ألقاها بالمناسبة، إنّ مغاربة العالم، المتواجدين في 112 دولة، يُعتبرون أكثرَ الجاليات اندماجا وانضباطا، حسب ما يؤكّده مسؤولو بلدان الاستقبال، مضيفا أنّ الحكومة تعمل على الاستفادة من كفاءة المغاربة المقيمين بالمهجر من أجل المساهمة في تنمية المغرب. وردّا على تدخّلات أفراد الجالية خلال اللقاء التواصلي الذي نُظم تحت عنوان "مغاربة العالم: رافعة للتنمية بالمغرب"، والذين اشتكوا من وجود تهميش يطال أفراد الجالية، قال معزوز إنّ "كلمة تهميش لا توجد في قاموس الوزارة، إذ أننا نعتبر أفراد الجالية مواطنين مغاربة أينما كانوا". وبخصوص ما تقوم به الحكومة للنهوض بحاجيات أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، اعترف معزوز بأنّ مجهودات الحكومات المبذولة تبقى غير كافية، في ظلّ ارتفاع حاجيات أفراد الجالية، قائلا "لم نصل بعد إلى مرحلة الكمال، رغم وجود مجهودات مبذولة". على صعيد الإمكانيات المتاحة أمام أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج للاستثمار في المغرب، قال وزير الاقتصاد والمالية نزار البركة، إنّ الحكومة عملت على تخفيض نسبة الضريبة على الشركات من 30 إلى 10 بالمائة، وكذلك المقاولات التي تحقق أرباحا تساوي أو تقلّ عن 600 ألف درهم. في مجال الصفقات العمومية، قال البركة إنّ هناك تنصيصا على استفادة المقاولات المتوسطة والصغرى من نسبة 20 بالمائة من الصفقات العمومية، وكذا وضع صناديق جديدة لتمويل المقاولات الصغرى، داعيا مغاربة العالم المستثمرين في المغرب إلى الاستفادة من برنامج وضعته الحكومة خلال هذه السنة لتعزيز الثقة بين الإدارة، ويقضي بإلغاء الغرامات والزيادات وصوائر التحصيل والدعائر عن جميع الضرائب المستحقة قبل يناير 2013، بما فيها الجبايات المحلية، والتي يستلزم الاستفادة منها مباشرة الإجراءات الإدارية للاستفادة من العملية قبل فاتح دجنبر من السنة الجارية. في مجال الضريبة دائما، أوضح البركة أنّ الأداء الالكتروني للضرائب أصبح مجّانيا، "وذلك لتقريب الإدارة من المواطنين، خصوصا مغاربة العالم". من جهته قال يوسف العمراني، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، إن الجالية المغربية المقيمة بالخارج تلعب دورا مهمّا وأساسيا لدى شركاء المغرب في أوربا وغيرها، وأنها تقوم بدور سياسي في الخارج، وليس المساهمة في التنمية الاقتصادية فحسب، وأشار إلى أن الحكومة قامت "بعمل لا بأس به خلال السنوات الماضية، متمثلا في فتح عدد من القنصليات المغربية بكل من إسبانيا وإيطاليا"، وأنها ستضاعف مجهوداتها من أجل الاستجابة لمتطلبات أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، في أفق أن تكون الخدمات المقدمة لها في المستوى. رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، قدّم بعض الأرقام بخصوص الجالية المغربية المقيمة بالخارج، حيث أشار إلى أنّ 80 بالمائة من أفراد الجالية، التي يصل تعدادها إلى أربعة ملايين نسمة، والتي تتوزع على القارات الخمس، تقيم في دول الاتحاد الأوربي. وأشار اليزمي إلى أنّ الجالية المغربية المقيمة بالخارج عرفت في السنوات الأخيرة عدّة تحوّلات، من ناحية النموّ الديمغرافي، وازدياد نسبة "التأنيث"، إذا وصلت نسبة الإناث في صفوف الجالية إلى 50 بالمائة في الوقت الراهن. التحوّلات التي عرفتها الجالية المغربية المقيمة في الخارج، يضيف اليزمي، أفضت إلى بروز أجيال جديدة، وُلدتْ وتربّت في بلدان الإقامة، ما يستلزم بذل مزيد من الجهود في مجال التأطير المدرسي لأبناء الجالية، الذين يواجهون مشاكل في مدارس التكوين. إلى ذلك، وفي مجال الدور الذي يمكن أن تلعبه الجالية المغربية المقيمة بالخارج في التنمية الاقتصادية بالمغرب، قال اليزمي إنّ ارتفاع مستوى الثقافة في صفوف أفراد الجالية يجعلها تزخر بعدد من الطاقات والكفاءات والموارد البشرية المؤهّلة، وهو ما يستلزم الاعتناء بهذه الكفاءات والاستفادة منها، خصوصا في ظل وجود أوراش بحاجة إلى هذه الكفاءات في المغرب، "وهذه إحدى القضايا التي تصارع عليها البلدان، من أجل جلب الكفاءات، التي لا تعني بالضرورة الرجوع النهائي، ولكن ابتكار طرق للاستفادة من خبراتهم". على صعيد تأطير أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، قال اليزمي إنّ من بين الإشكاليات التي يجب العمل على معالجتها، كيفية إيصال الثقافة المغربية إلى الأجيال الجديدة، وهو ما يفضي إلى طرح إشكالية أخرى، وهي التأطير الديني، خصوصا في ظل انتشار الاسلاموفوبيا، مضيفا "يجب بلورة خطاب ديني عصري يأخذ بعين الاعتبار كل هذه التحوّلات".